سنبحث في هذه الحلقة أسباب انخفاض اسعار النفط بشكل عام وأثره علي الدول المنتجة للنفط من ضمنها تشاد وفي حلقة لاحقة سوف سنبحث أسبابها وأثارها علي تشاد وبدائل المقترح لها , بأعتبارها دولة منتجة للنفط وتعتمد معظم ميزانيتها علي عائدات النفط . يشهد الأقتصاد العالمي في هذه الأونة حالة من القلق والهلع لأستمرار أنخفاض أسعار النفط , تزامنا مع تراجع الطلب عليه , ووفرة المعروض . هذه الأحوال التي تسيطر علي دول العالم التي شهدت هبوطا في مؤشرات الأسواق العالمية بعد تراجع أسعار خام برنت منذ مطلع الصيف قبل الماضية, والتي وصلت حتي الآن الي أقلة من 40 دولار للبرميل . كما نعلم أرتباط النفط بعلاقة وطيدة منذ زمن بعيد مع الأزمات والصراعات السياسية , ويرجع الخبراء هذه العلاقة الي بداية القرن الماضي وتحديدا عام 1914 حيث أضحت سلعة النفط محركا أساسيا ومهما في وقائع الأزمات والصراعات الدولية . وبعد أنتهاء الحرب العالمية الأولي سجلت أسعار النفط مستويات الي 100 دولار للبرميل حيث تنامت الحاجة الي تأمين مصادر الطاقة للعمليلت العسكرية والأنتاج الصناعي , وأصبح النفط أحد أهم الأهداف العسكرية وأحد المقومات الأساسية في رسم الحدود السياسية والأقتصادية . وعلي الرغم مما يشهده المجتمع الدولي اليوم من صراعات وحروب أتت علي الأخضر واليابس . يقف العالم مصعوقا أمام أنخفاض أسعار النفط لمستويات قياسية , وهنا يتبادر لذهن القارئ تساؤلآت مهمة ماهي أسباب هبوط أسعار النفط الي هذا المستوي ؟ تفيد المصادر أن لا أحد يعرف بالتحديد الي متي ستواصل أسعار النفط أنخفاضها , الأ أن هناك عددا من أسباب والعوامل التي أثرت بشكل جذري علي أسواق النفط العالمية وهي: 1 – صعود الولاياتالمتحدة كمصدر للنفط بين عامي 2012 و2015 زادت الولاياتالمتحدة انتاجها النفطي من عشرة ملايين الي 14 مليون برميل يوميا , متخطيا بذلك كلا من روسيا والسعودية علي رأس قائمة الدول الأكثر أنتاجا للنفط . هذه الكمية الأضافية الكبيرة من النفط المتاحة في السوق العالمية تعادل أنتاج نيجيريا وأنغولا وليبيا مجتمعة من النفط والتي تعتبرمن أكثر الدول الأفريقية أنتاجا للنفط . وتعزي هذه الزيادة في أنتاج الولاياتالمتحدة الي التطورات التقنية في طريقة الحفر بالتكسير الهيدروليكي والتي تعتمد علي ضخ الماء ومحاليل كيميائية في طبقات الصخور بهدف توسيع الشقوق في تلك الطبقة والوصول الي ما يسمي بالنفط والغاز الصخريين .والذين لايمكن أستخراجهما بالطرق التقليدية . 2 – زيادة الأنتاج في العراق لم ينتبه العالم الي أن العراق كان العام الماضي البلد الثاني علي مستوي دول أوبك التي شهد أزديادا في أنتاج البترول بالرغم من الصراعات التي يشهدها هذا البلد, تمكن العراق من زيادة أنتاجه من النفط من 3.33 الي 4.3 مليون برميل يوميا تعادل أنتاج الجزائر بأكمله وهي ثالث أكبر منتج للنفط في أفريقيا . وفي الوقت الراهن ينتج العراق من النفط اكثر مما كان ينتج قبل الأجتياح الأمريكي عام 2003 . غالبية النفط العراقي مصدرها مناطق الحكم الذاتي الكردية في الشمال والتي تتمتع بأمان نسبي . 3 – عودة أيران الي تصدير النفط بعد توقيع الأتفاق النووي بين أيران ومجموعة 5+1 والمكونة من الولاياتالمتحدةوروسياوالصين وبريطانيا والمانيا تم رفع جزء كبير من العقوبات الدولية المفروضة علي إيران وبذلك ستتمكن هذه الدولة من الوصول الي أسواق النفط الدولية بشكل أسهل ويتوقع أن تجاري جارتها العراقية في أنتاج النفط . 4 – نفط المحيط في البرازيل زادت البرازيل ايضا من أنتاجها للنفط خلال السنوات القليلة الماضية . فبين عامي 2013 و2015 ارتفع الأنتاج البرازيلي من 2.6 الي 3 ملايين برميل يوميا . وبحسب أحصاءات الأوبك فقد تم حفر 72 بئرا جديدا للنفط في البرازيل خلال العام الماضي , مقارنة ب 87 بئرا عام 2014 , وكما عززت البرازيل من مكانتها في العالم كرائد في تقنيات أستخراج النفط من أعماق البحار وذلك بعد اكتشاف كميات كبيرة من النفط علي أعماق تتراوح بين أربعة وثمانية كيلومترات بين طبقات صخرية وملحية في قاع المحيطات . 5 – بقاء السعودية علي معدلات أنتاج منخفضة في العقود الماضية لعبت السعودية دورا كبيرا بأسعار النفط حول العالم ,وذلك أنها تمتلك كميات هائلة وغير مستغلة بعد من النفط , ناهيك عن عدد كبير من الأبار النفطية التي لم تبلغ طاقتها الأنتاجية القصوي بعد.لهذه الأسباب , فإن السعودية قادرة علي رفع أنتاجها بسرعة في وقت قصير نسبيا ودون تحمل تكاليف أنتاج كبيرة , ما يدفع الأسعار الي الهبوط .ولكنها ايضا قادرة علي كبح أنتاجها النفطي من أجل رفع الأسعار عالميا , خاصة وأنها ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم . وحتي بالرغم من العجز القياسي في ميزانيتها العام الماضي والذي بلغ 89.2 مليار يورو, تبدو السعودية مصممة علي الأبقاء علي أنتاجها منخفضا , ما يعرضها الي المزيد من الخسائر . هدف السعوديين من ذلك علي ما يبدو هو تثبيط التقنيات البديلة لأستخراج النفط , مثل التكسير الهيدروليكي والتنقيب في أعماق البحار والتي تتطلب أستثمارات ضخمة وبالتالي أخراجها من دائرة المنافسة . وكما تسعي السعودية من خلال الأبقاء علي أسعار النفط العالمية منخفضة الي تحقيق هدف سياسي ألا وهو تحجيم دور غريمها الأساسي في المنطقة أيران في السوق العالمية . 6- الخوف من الصين يبدو الأمر غريبا أن يتحدث المستثمرون عن أزمة أقتصادية في الصين عند النظر الي معدلات نمو في الناتج القومي المحلي تبلغ ستة في المائة .لكن المراقبين يخشون من أن الأرقام الرسمية تخفي صورة أكثر قتامة للأقتصاد الصيني . فأنهيار سوق المال الصينية في بداية العام الحالي أطلق أشارة تحذير في أنحاء العالم من أن المعجزة الأقتصادية الصينية ربما وصلت الي نهايتها . في السنوات العشر الماضية , أرتفع الأستهلاك الصيني للنفط من سبعة ملايين الي 11 مليون برميل يوميا , اي ما يعادل أستهلاك أمريكا اللأتينية ومنطقة ما دون الصحراء في أفريقيا مجتمعة . وبالتالي فلا عجب في أن مؤشرات أزمة أقتصادية بالصين قد تؤثر علي أسعار النفط العالمية . 7 – شتاء معتدل في نصف الكرة الأرضية الشمالي بحسب حسابات هيئة الأرصاد والمحيطات الأمريكية فإن عام 2015 شهد شتاء هو الأكثر دفئا منذ بدء عملية تسجيل الطقس في القرن التاسع عشر . وبسبب ظاهرة ال ( نينيو ) المناخية , يتوقع أن يشهد العام الحالي درجات حرارة مشابهة للعام الذي سبقه. مما ادي ذلك الي تراجع الطلب علي وقود التدفئة في اوربا والولاياتالمتحدة واليابان وأدي ذلك الي هبوط أسعار النفط عالميا . 8 – أحتكار الأوبك لم يعد فعالا اتفق أعضاء منظمة الأوبك الثلاثة عشر , ومن بينهم السعودية والعراقوإيرانونيجيرياوفنزويلا علي أنتاج مشترك يقدر ب 32.3 مليون برميل يوميا . وبهذا تتحكم المنظمة في ثلث الأنتاج العالمي للنفط المقدرب 97 مليون برميل يوميا . ونظريا يمكن للأوبك بسهولة أن تقلل الأنتاج لدفع الأسعار الي الأرتفاع وهذا متوقع لأن هذه المنظمة أنشئت كي تكون أتحادا أحتكاريا يقوم علي أبقاء أسعار النفط العالمية مرتفعة كي تنتفع منها الدول المنتجة علي حساب المستهلكين . لكن الأوبك وحتي اليوم لم تنجح في كبح جماح الأنتاج النفطي تماما , ذلك أن اعضاءها ما يزالون يحافظون علي معدلات الأنتاج مستقرة أو يقومون بأستخراج كميات أكبر من النفط . وعلي ما يبدو فإن منظمة الأوبك غير قادرة علي منع أسعار النفط من الهبوط . ولكن بالرغم من الأوضاع الأقتصادية المتعثرة في بعض الدول المنتجة مثل فنزويلا وأنغولا وتشادونيجيريا , يري مراقبون ووكالة الطاقة الدولية أن الدول المنتجة لن تكون قادرة علي الأتفاق علي عمل مشترك سواء العضوة في اوبك أم غير العضوة . ولنا عودة . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.