أكد النائب السابق لرئيس جنوب السودان، ريك مشار، أن القوات الموالية له استولت على ولاية الوحدة، المنتجة للنفط، وأنها تسيطر الآن على معظم أنحاء البلاد. وأضاف مشار، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي." أمس، أنه يوافق على إجراء مفاوضات مع الحكومة، إذا أفرجت عن السياسيين الذين اعتقلوا مؤخرا. على أن يتم الحوار في بلد آخر، مقترحاً إثيوبيا لاستضافته. واشترط مشار الذي استولى على أسلحة ومعدات كبيرة في بور لاستمرار تدفق النفط، أن توضع عائداته في البنك الدولي أو في حساب بعيداً عن الحكومة، في بادرة تعد الأولى لدخول النفط عاملاً أساسياً في الصراع. الناطق باسم جيش جنوب السودان، فيليب أغوير، أعلن أن قائد الجيش في ولاية الوحدة، في شمال البلاد انشق، وانضم إلى المتمردين التابعين لمشار، لكنه أكد أن القوات الحكومية ما تزال تسيطر على بعض الأجزاء في المنطقة، مضيفاً أن الوالي الحالي لولاية الوحدة، جوزيف مانتلوغان لا يزال على ولائه للحكومة في جوبا، لكنه فر إلى منطقة مايوم المجاورة. وردا على سؤال عن المخاوف من تفكيك الدولة، وصف أغوير ذلك بأنها "مخاوف لا محل لها حيث أن جنوب السودان يتكون من 10 ولايات، وأن القلاقل متمركزة في ولايتي الوحدة وجونغلي فقط"، معتبراً أن "خيارات المصالحة والتفاوض مفتوحة". في غضون ذلك، نفت كل من كمبالا والخرطوم تدخلهما في الصراع الدائر في دولة جنوب السودان. وأعلن الرئيس الاوغندي يوري موسيفيني عن رغبته في التوسط بين رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ومشار، وفقاً لمطالب بعض الأطراف الدولية والإقليمية، في وقتٍ تضاربت المعلومات حول الوجود العسكري الأوغندي في جوبا وبعض المناطق الأخرى في جنوب السودان. وبينما قالت كمبالا وعدد من مسؤولي حكومة سلفاكير إن القوات الأوغندية جاءت لتأمين خروج الرعايا الاوغنديين، وهم الأكبر جالية في جنوب السودان، اتهم مسؤولون مؤيدون لمشار، القوة الأوغندية بالتورط في الصراع . ونفى وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان، مايكل مكوي، صحة أنباء أوردتها وكالة غربية حول قصف طيران أوغندي لمدينة بور، وقال إن "هذه الأخبار غير صحيحة"، مشيراً إلى أن القوات الاوغندية الوحيدة المتواجدة في أراضي جنوب السودان، تابعة لقوات أفريكوم، وهي قوات مشتركة من جنوب السودان، وأوغندا، وكينيا على الحدود بين هذه الدول لحماية أمنها. لكن شهود عيان أكدوا لوكالة أنباء جنوب السودان المستقلة صحة التقارير التي أفادت بتدخل الطيران الأوغندي من أجل استعادة مدينة بور، وقالوا إن قوات الجنرال قاديت (موالٍ لمشار) تمكنت من إسقاط إحدى هذه الطائرات في المنطقة. الخرطوم بدورها، شدَّدت على لسان القوات المسلحة السودانية، على عدم التدخل سواء ذلك بإرسال قوات أو طائرات عسكرية إلى دولة الجنوب، وقال الناطق الرسمي باسمها العقيد الصوارمي خالد سعد "إن القوات المسلحة لن تتدخل في دول الجوار إلا عبر بروتوكولات". وأبدى الصوارمي استغراباً من اتهامات القيادي في الحركة الشعبية إدوارد لينو، بتورط الخرطوم في الشأن الداخلي الجنوبي، وحشد قوة عسكرية بالقرب من مناطق النفط. وأكد الصوارمي إن "الحديث عارٍ من الصحة"، مشيراً إلى أن "الكل يعرف أن ما يجري في جوبا أحداث داخلية". وأوضح "أن الأحداث بدأت في جوبا، وتشتعل حالياً في أطراف أخرى"، مؤكداً أن "المناطق على الحدود هادئة". ونفى وجود حشود عسكرية سودانية على حدود دولة الجنوب، موضحاً أن "وجودهم الطبيعي يتمثل في جنوب كردفان والنيل الأزرق وشرق دارفور وولاية سنار". وكانت مجموعة الوساطة المشتركة لإنهاء الصراع في دولة جنوب السودان الذي دخل أسبوعه الثاني، قد حققت نجاحاً جزئياً في مهتمها في جوبا وخارجها بعد ثلاثة أيام من المحاولات. وتتكون الوساطة المشتركة من المنظمة الإقليمية الإفريقية "إيغاد" برئاسة وزير خارجية إثيوبيا وعضوية نظرائه من السودان، كينيا، الصومال، جيبوتي، وأوغندا، وسفراء هذه الدول لدى الاتحاد الإفريقي ومفوض السلم والأمن الإفريقي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة. وتمكنت البعثة من إجراء محادثات ناجحة مع سلفاكير، وماما ربيكا، أرملة الزعيم الراحل جون غارانغ، بشأن الأحداث الجارية في الجنوب، لكن البعثة فشلت في لقاء مشار الذي يقود صراع قبيلته "النوير" ضد سلفاكير، وهو من قبيلة "الدينكا"، المتهمة بالهيمنة على الحكومة في جوبا وجيش جنوب السودان المسمى الجيش الشعبي لتحرير السودان. وأوكلت بعثة الوساطة إلى وزير خارجية إثيوبيا، مهمة مواصلة المساعي لتهدئة الأوضاع وحض الأطراف للجوء الى الحوار لإنهاء التوتر. ومن المقرر أن يعقد الاتحاد الإفريقي محادثات في مقره في أديس أبابا لتقييم الأوضاع في دولة جنوب السودان ونتائج وساطته الأخيرة.