أثار القرار الذي أعلنت عنه الحكومة السودانية في الأيام القليلة الفائتة بشان إقامة استفتاء إداري لتحديد ما اذا كان أهل دارفور يرغبون في إقليم واحد ام عدد من الولايات كما هو الحال الآن ،أثار جدلا كثيفا وسط الحركات الدار فوريةالمسلحة وحدها .أما أهل دارفور وعبر منظمات المجتمع المدني وكافة تنظيماتهم فلم يبدو –حتى الآن –ردة فعل واضحة وان بدوا غير مما نعين بشان الخطوة .القوي السودانية المعارضة وحين لم تجد قوية تناهض بها القرار تمسكت بحجة غريبة مفادها ان النتيجة اذا جاءت رافضة للإقليم الواحد فعي سوف تدفع أهل دارفور للمناداة بحق تقرير المصير !!وهو دون شك منطق معوج بكل المقاييس فإذا كان أهل دارفور اختاروا في استفتاء عام –مراقب ومنظم –الولايات المتعددة بدلا عن الإقليم ،فكيف يستقيم ان يعودوا مرة أخري –بعد هذا الاختيار –للمطالبة بتقرير المصير ؟ان الاستفتاء المعلن عنه –قائم لا محالة –وفقا لما أكدته مصادرنا من مصادر سياسية في الحكومة المركزية ،ولهذا فان من المهم والضروري ان نتساءل عما اذا كان لهذا الإجراء –الذي لم يكن يعبا به الكثيرون –سندا ومشروعية قانونية من جهة ،وسندا ودعما سياسيا من جهة أخري !الواقع ان السند الأساسي –من الناحية القانونية –لهذا الاستفتاء هو نصوص اتفاقية ابوجا الموقعة في الخامس من مايو 2006،وهو نص يمكن وصفه بأنه كان احد أهم مطالب المتفاوضين الدار فوريين في ذلك الحين ليس بغرض تشبيه الإقليم بالجنوب ،ولكن لاعتقاد الحركات المسلحة وقتها ان التقسيم الإداري لولايات دارفور الي ولايات يقلل من تأثيرهم وسيطرتهم علي الإقليم ويحول دون تمكنهم من فرض رؤاهم عليه ولهذا كان خير شاهد علي فشل تجربة الإقليم الواحد هو السيد مني اركو ميناوي الذي شغل منصب رئيس السلطة الوطنية الانتقالية لدارفور كإقليم واحد –وتبين ان الرجل لا يحظي بأي قدر من القبول في الإقليم ،كما انه هو من جانبه استعصي عليه إدارة الإقليم والإمساك بكافة جوانب الأمور فيه –لقد اتضحت لميناوي –بصرف النظر عن حداثة عهده بالتجربة –تعقيدات الإقليم الاثنية واتساع رقعته وصعوبة الإلمام بكل شان فيه –تلك كانت خير برهان .من هذا الجانب يمكن القول ان نصوص ابوجا تمثل جانبا شرعيا للاستفتاء لان من الضروري إنفاذ الاتفاقية –حتى ولو خرج عنها ميناوي لان بقية قادة الحركة التزموا بها –كما ان من الضروري التأكيد وعلي نحو ديمقراطي قاطع –علي غرار ما جري في الجنوب –ان الحكومة تلتزم بإنفاذ كافة الاتفاقات التي توقعها .أما من الناحية السياسية ،فان الحكومة ربما اعتبرت الإجراء –حسب تصورها –يقع ضمن خطوات الإصلاح السياسي غير المرتبط بضغوط او مطالبات فهي تريد الوصول الي الأزمات وحلها عمليا ساحبة البساط من الذين ربما يستثمرونها في احتجاجات او تمرد .اذن الاستفتاء ليس نشاذا فهو علي أية حال عمل ديمقراطي لا يستطيع عاقل ان يقف رافضا ومعارضا له بحال من الأحوال .