حلفاء الولاياتالمتحدةالأمريكية من وجهة نظرها ليسوا سواسية، فمنهم الأليف والحميم والمراوغ والمزعج إضافة إلى من أوشكت صلاحيته على الانتهاء، وهذا الأخير مهما قدم لواشنطن من خدمات قد لا يستطيع النجاح في تمديد الصلاحية، لأن الولاياتالمتحدة لا تقيم وزناً للأشخاص، ولا يقبل الصرف لدى بنوك أهدافها الاستراتيجية إلا من يُصنف على أنه في ربيعه، ولم يأزف خريفه بعد . وعند زيارة هيلاري كلينتون الأخيرة إلى القاهرة وهي الأولى بعد رحيل مبارك، لم تكن معنية بمن يقف إلى جوارها بصفة شخصية كما أنها لم تسأل أحداً عن مُضيفها القديم، الذي ربما كان يشاهدها لأول مرة في بلاده وهي غير معنية به أو بالسؤال التقليدي والدبلوماسي عن صحته . إن أسوأ حليف بالنسبة لأمريكا هو الحليف المزعج، وهذا على الأقل ما وصف به الخبير الأمريكي “جيم أوب" النظام في اليمن، فالحليف المزعج قد يكون كثير المطالب أو أصبحت كلفة التحالف معه كبيرة، وقد يكون أيضاً ذا خطاب مزدوج، وتتكرر اعتذاراته إلى واشنطن بسبب اضطراره إلى تصعيد الجرعات ضدها في خطاب محلي استهلاكي . ومن يرصد تاريخ العلاقات بين أمريكا وحلفائها على اختلاف الدرجات، يجد أنها تساوي بينهم جميعاً في لحظة النهاية . بينوشيه مثلاً الذي قدم له هنري كيسنجر في مرحلة ما الكثير من العون، أصبح في لحظة ما عارياً تماماً وأشبه بالسلحفاة التي فقدت صدفتها، أو تحولت صدفتها من أداة للحماية إلى قبر، وكذلك شاه إيران الذي حمل قبره على ظهره وطاف به العالم بحثاً عن مأوى أخير فلم يجد غير السادات الذي قال إنه يسدد له دَيْناً سياسياً وأخلاقياً لأنه أغاث مصر كما قال السادات بأن غيرت إحدى ناقلات النفط الإيرانية وجهتها في عرض البحر لتصل إلى الشاطئ المصري . ومن يسميهم جيم أوب الحلفاء الأكثر إزعاجاً هم هؤلاء الذين يسعون بكل الوسائل إلى ادامة فترة حكمهم، وبالتالي العزف السياسي على آلة الأوكورديون أي على الخاصرتين، فخطاب محلي استرضاء للشعب الغاضب وخطاب آخر للتصدير يستهدف استرضاء الحليف الأقوى، ويبدو أن للولايات المتحدة مفهومها الخاص لما هو صالح للتصدير أو للاستهلاك المحلي، لهذا تصمت أحياناً حتى على من يهجونها بصوت صاخب، لكنها ترفض آخرين إذا انتقدوها همساً وبلغ هذا النقد إلى آذان سفرائها أو من يتولون الدفاع عن سياستها ظالمة أو مظلومة، رغم أن كلمة مظلومة هذه في أدبياتنا العربية الإسلامية لا محل لها من الإعراب، فالجائر عندما يكون مظلوماً، يكون ضحية أخطائه وما ظلم به نفسه أولاً . لا تقدم واشنطن قائمة أنيقة ومرتبة بالحلفاء المفضلين لديها، أو حتى بأنماطهم لأن هذا من صلب استراتيجيتها، التي يكون الناتئ منها أقل بأضعاف من الغاطس وراء الكواليس وليس في المحيط . ويخطئ من يتعامل مع سياسة واشنطن إزاء حلفائها سواء كانوا في ربيعهم أو خريفهم على طريقة القياس، لأنها ليست ذات معيار واحد ومتكرر على الوتيرة ذاتها، فثمة حلفاء عملوا بواسطة القياس ودفعوا الثمن لأن سياستها إزاء هؤلاء الحلفاء وغيرهم ترتهن للتضاريس السياسية لهذا الكوكب، فثمة مفاضلة استراتيجية وميتا استراتيجية أيضاً بين موقع وآخر، وبين سياق قومي وأيديولوجي وآخر . . ومن يصنفون حلفاء واشنطن لا يقدمون لزبائنهم دليلاً للعمل كي يتجنبوا الإزعاج أو فقدان الصلاحية . المصدر: الخليج 21/3/2011