تدخل البلاد اليوم مرحلة تاريخية جديدة بعد أن قال الجنوب كلمته وأعلن عن نسفه كدولة وليدة في سماء القارة الإفريقية والخارطة العالمية حيث جاء مولده نقطة تحول في مسار جغرافية السودان الكبير (سودان المليون ميل مربع) وبانفصال الجنوب تغيرت كل المعالم واستبدلت كل الأوراق بعد ان فتح التاريخ صفحات جديدة يستهلها رئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشير أمام البرلمان اليوم بخطاب يتوقع له أن يأتي متماشيا مع ما تقتضيه المصلحة القومية وما تميله الظروف السياسية من تداعيات تتشابك بشأنها الخطي وتختلط الأوراق ويأتي خطاب البشير بحسب مراقبين برلمانيين داعما لخطي سودان ما بعد الانفصال المتمثلة في إحداث التحول الديمقراطي والسياسي الذي يقود لاقتسام عادل للثروة والسلطة في وقت توقع فيه البعض تطرق البشير وبشدة لمسألة الحكومة العريضة التي تعد مخرجاً وحلاً جذرياً لازمات البلاد المتكررة وقد لا يخلو خطاب البشير من التطرق لدستور البلاد وفلسفة حكمها وتقليص وزاراتها وإشراك قواها السياسية في مائدة ودفة إدارتها. واقع جديد وظرف استثنائي يمر به السودان الذي ودع نصفه الأخر وفقاً لمغالطات سياسية فرقت بين أبناء الوطن الواحد علي أساس الدين والعرق وهذا ما يخلق مناخاً مليئاً بالتحديات والتعقيدات لا سيما في ظل تنامي أزمة جنوب كردفان وتهديدات مالك عقار في النيل الأزرق وقضايا البترول وأبيي والديون والجنسية المزدوجة كل هذه الملفات ستجعل من خطاب البشير أمام البرلمان اليوم خارطة طريق جديدة وعلي هداها قد يتمكن الشمال من العبور لآفاق الأمن والاستقرار. ويري برلمانيون استطلعتهم الحرة عن ما يمكن أن يتضمنه خطاب البشير اليوم حيث يري هؤلاء أنه من الموقع أن يأتي الخطاب ضافياً وشاملاً لكل ما يتعلق بأمر البلاد لا سيما ما يعقب التاسع من يوليو في وقت علا فيه سقف التشديدات علي ضرورة بذل الجهد من أجل حل وإنهاء أزمة دارفور ووضع السبل الكفيلة لإنجاح مسار التفاوض وجعل الدوحة منبراً نهائياً لحل الأزمة فيما يذهب آخرون الي ضرورة وضع خارطة سياسية دبلوماسية تجعل الشمال والجنوب أكثر اخاء وتوافقا في إطار مصالح الشعبين المشتركة فيما يذهب آخرون الي ضرورة وضع نظام اقتصادي يتعايش مع كل المتغيرات الي جانب بحث السبل الكفيلة لإنعاش الاقتصاد الوطني بعد ذهاب البترول ولعل هذه المرتكزات التي يمني النواب النفس بأن يتضمنها خطاب البشير الاستثنائي أمام البرلمان اليوم. وقد يتطرق الخطاب لما قاله سلفاكير رئيس حكومة الجنوب بشأن المناطق الملتهبة بحسب ما ذهب إليه البعض باعتبار أن خطاب سلفاكير حمل إشارات غير موفقة خاصة فيما يتعلق بأبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق ولكن الاعتراف بدولة لجنوب قد يكون العمود الفقري للخطاب المقرر إلقاؤه إمام المجلس الوطني في الجلسة اليوم وتشكل الرؤى المستقبلية للبلاد جوهرا لا يتجنبه حديث البشير خاصة الوضعية الاستثنائية لها وما خلفه الانفصال من تداعيات . ويري عضو البرلمان عن دوائر المؤتمر الوطني القومية محمد أحمد الزين أن ما يشهده السودان من تحولات سياسية ومفصلية سيشكل محوراً أساسياً في خطاب البشير في وقت توقع فيه ان يتم التركيز علي المتغيرات التي خلفها الانفصال الي جانب التطرق للتحولات السياسية وابداء مرونة تجاه إشراك القوي السياسية في حكومة عريضة تؤكد رغبة الحزب الحاكم في التعاون من أجل حل مشكلات البلاد سياسية كانت أم اقتصادية- ووفقا لما تقدم نجد أن خطاب البشير سوف يتضمن تلك القراءات وما يصاحبها من تطورات تجعل رئاسة الجمهورية تبحث عن مخرج لازمات السودان ولما يمكن أن يحدث خاصة في ظل توقعات بحكومة جديدة تضم في جوفها تشكيلات سياسية متناغمة تحوي كل القوي السياسية الناشدة للتوافق السياسي المطلوب. نقلا عن صحيفة الحرة السودانية 12/7/2011م