يري عدد من المراقبين أن وجود أزمة داخل الحكومة قد تدفعها لإطلاق عبارات التصالح، وفي حال وافق الحزب الحاكم على الحوار معه من المحتمل أن تخرجه من الحالة التي أصابته عقب انفصال الجنوب، خاصة وأن أطروحاته لا تدفع باتجاه الحل الأمثل لأنه يسعي لمشاركة الآخرين تحت عباءته فقط. وفي محاولة لنزع فتيل الأزمة في ولاية النيل الأزرق دفع الزعيم الاتحادي الميرغني بمبادرة للتوسط لمعالجة الخلافات بين الوطني والحركة بالحوار، أعلن على أثرها والي الولاية مالك عقار عن موافقته وجدد التزامه بعدم المبادرة إلى الحرب، خاصة وأن المبادرة حسب تصريح رئيس وفد الميرغني حسن عبد القادر هلال تتركز محاورها في إحلال السلام واستدامة الأمن والسلام والاستقرار وإبعاد شبح الحرب. يأتي ذلك متزامناً مع نفي الوطني استلامه لأي مبادرة بطريقة رسمية من الميرغني للتوسط في النيل الأزرق وأكد الوطني على لسان نائب أمين الإعلام انفتاحه للحوار مع كل القوي السياسية وأضاف أن الوطني اشترط منذ بداية الأزمة تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية ورهن الوطني فتح الحوار مع الحركة الشعبية حول الأوضاع في جنوب كردفان بعودة قواتها إلى المواقع التي كانت بها قبل الهجوم على الولاية مبادرة الميرغني الأخيرة دفعت محللين سياسيين إلى التكهن بفشلها (واللحاق بركب سابقاتها) في ظل تمدد ظاهرة (التنطيط) التي تعودت عليها الأحزاب السياسية السودانية، وزاد عبد الله ادم خاطر ان التوقع بفشل أو نجاح مبادرة الميرغني ليس جوهر الموضوع بل أن الرغبة الحقيقة تأتي من خلال السعي وتطبيق ما يقال حرفياً وليس على ورق فقط، ولم ينف أن يكون التوسط إلى أي من الطرفين أو الاثنين معاً طلباً للتقرب. والحديث عن وجود انشقاقات اخل فصيل من الجيش الشعبي بزعامة نائب نهار وانضمامها لحزب الفونج والذي تزامن مع التصريحات الأخيرة التي أثارها والي الولاية حول مستقبل الحكم بالولاية التي أفرزت استنكاراً واسعاً واعتبرت بأنها تصريحات تصب في خانة التهريج السياسي وإنها غير قانونية، مما أدي بدوره إلى خروج الجيش الشعبي عن طوع عقار وصار لا يمتثل للأوامر، أي أن عقار افتقد القدرة على إدارة الولاية، وهذا ما يمكن أن يطلق عليه بمربط الفرس، أي أن التوتر الذي يحدث هناك بالنيل الأزرق من المؤكد حسب د. عبده مختار يصنف من ضمن الأسباب الرئيسية التي دفعت نهار إلى قبول مبادرة الميرغني خوفاً من سحب البساط من تحت قدميه. ويبدو أن موسم الهجرة إلى النيل الأزرق قد بدأ من أحزاب المعارضة بعيد إعلان زعيمي الشعبي والأمة الترابي والمهدي عن ترتيبات لزيارة عاجلة في الأيام القادمة سيناقشان مع عقار آخر التطورات السياسية الخاصة بالولاية بجانب نزاع الحركة والوطني لكن جميع المؤشرات تطرح واقعاً آخر وأصبحت المبادرة مرتبطة بقبول الوطني من أجل أن تكتمل حلقات المبادرة لإنزالها لأرض الواقع خاصة وأن الاتحادي لم يلتق الوطني إلى الآن. جهود أحزاب المعارضة (الشعبي – الأمة – الاتحادي) لجمع الطرفين في طاولة حوار في أقرب وقت ممكن لان الأمر لا يحتمل التأخر أو التأجيل حسب حديثهم ويبقي الأمر قيد النظر في ظل سعي كل طرف إلى تمرير أجندته لحجز مقعده باكراً في منظومة الحكومة العريضة التي طرحها الحزب الحاكم للفترة الانتقالية القادمة. وما بين نفي الوطني تلقيه أي مبادرة ميرغنية وتأكيد عقار على وجودها على أرض الواقع يظل الغموض ويتمدد ليشمل جميع القضايا العالقة بين الطرفين (الوطني – الحركة) ويري مراقبون أن لا سبيل أمامها سوي قبول المبادرة لوقف التوتر وإخماد نيران متوقع اشتعالها في المستقبل القريب. نقلاً عن صحيفة الحرة 10/8/2011م