قلنا من قبل ان الممارسة الحزبية السودانية عبر التاريخ لم تكن في يوم من الأيام ديمقراطية, وأننا لم نكن نملك منذ استقلالنا أحزابا حسب التوصيف الديمقراطي الشفاف, ولكن حراكنا السياسي توزع بين الولاء الطائفي أو الولاء العقائدي الذي ظل ينازعه, ولم يكن حتي النزاع ديمقراطيا, ولم تكن الديمقراطية الحقة جزءا من برامج الطائفيين أو العقائديين!! ولم تكن الممارسة التي ظللنا نفتخر بها وتؤرخ لها بالديمقراطية الأولي والثانية والثالثة, ممارسة ديمقراطية حقه, بل كانت سباقا بين القوي الطائفية والعقائدية في حشد أتباعها حول مرشحيها وكفي, ولم تكن حتي طبيعة التنافس ديمقراطية, ولم تكن كذلك العلاقة بين الحاكم والمعارض ديمقراطية, بل كانت علاقة احتراب واجتثاث وترصد وعداء!! والذي يريد أن يؤسس لحكومات لابد أن يبدأ عمله من القواعد حيث يكون الشعب ديمقراطيا في تعامله مع الآخر, ثم ينشئ هذا الشعب أحزابا ديمقراطية لا تسيطر عليها طائفة لا تشبع, أو عقيدة لا تنفع, ولكنها تنطلق من طموحات السودانيين الثقافية والاجتماعية والاقتصادية, ثم تطرح برامجها علي الشعب ليختار من يشاء من برامج تلبي مطالبة!! أما الحديث الممجوج حول الديمقراطية والشفافية والحرية, وعدم وجودها وضرورة عودتها حتي ولو علي أسنة الرماح, والذي يردده أشخاص صنعوا القهر في بلادنا وروجوا له, وانبتت عظامهم من دم القتلي ونخب الهتافات المشروخة, فهو لا يعدو كونه حديث حق أريد به باطل, وحتي لو نجحت هتافاتهم هذه في إسقاط الحكومة فلن تقيم ديمقراطية أبداً!! ولأن المؤتمر الوطني ورغم مرارة أن تكون حزبا حاكماً إلا أنه حتي الآن لا يزال يغرد وحيدا من حيث الحراك الديمقراطي الداخلي, والتغيير المستمر للوجوه والأفراد, وخير دليل التفاعلات التي شهدتها مؤتمرات القطاعات والانتقادات الحادة التي وجهت للأمانات والقطاعات والأفراد, فهل يستطيع حزب معارض أن يفعل ذلك داخلياً؟! وفي الوقت الذي ننتظر فيه من الوطني تقدما ديمقراطيا أكثر خلال مؤتمره التنشيطي القادم, فإننا ننتظر أن تظهر علي الساحة أحزاب جديدة تخرج الي الناس معافاة من داء الطائفية والعقائدية!! نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 16/11/2011م