بدأت جولة مفاوضات جديدة بين الخرطوموجوبا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حول النفط والحدود وأبيي ودخل الجانبان بحسابات الاقتصاد خاصة بعد الخطوة التي اتخذتها من النفط الذي يصدر عبر أراضيها عيناً بعد ان احتجزت ثلاث شحنات تحمل 2،2 مليون برميل من نفط دولة جنوب السودان وكانت ردت فعل جوبا سريعاً بإعلانها إيقاف إنتاج نفط بلادها البالغ 350 إلف برميل يومياً بشكل تام الأمر الذي أدي الي توترات اقتصادية كبيرة تبلورت في خفض عملتهما المحلية مقابل سعر القد الأجنبي ويأت وقف تصدير النفط الجنوبي عبر الشمال في إطار مزيد من الضغوط التي تمارس علي الخرطوم لكن دولة جنوب السودان بررت ذلك بتهمة جارتها السودان باحتيال ما يصل الي 1،4 مليون برميل عنوة من الميناء الشرقي (بورتسودان) لكن حكومة الخرطوم وصفت القرار بالتكتيكي بغية كسب نقاط في جولة التفاوض الحالية التي تشهدها دولة إثيوبيا. وتطلب الخرطوم رسوم عبور تبلغ 26 دولاراً عن البرميل بينما تقترح جوبا 70 سنتاً لكنها ابدت استعدادها في التوسط في إيقاف الحرب في شمال السودان في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بجانب عدم تقديم المساعدات لمليشيات في شرق وغرب السودان شريطة ان تقبل الخرطوم تخفيض رسوم مرور النفط عبر أراضيها بينما تتمسك الخرطوم بمطالبات من رسوم العبور حتى الحادي والثلاثين من ديسمبر من العام الماضي بلغت ملياراً و123 مليون دولار. ووقع الطرفان علي إتفاقية أمنية في أول يوم شهده التفاوض تهدف الي نزع فتيل توترات بشأن أموال النفط التي حذر مسؤولون من أنها قد تثير حرباً بين البلدين وقال رئيس جنوب إفريقيا السابق ثابو امبيكي ان الصفقة تسمي "اتفاقية عدم اعتداء" تهدف الي تفادي نشوب صراع مسلح وأضاف امبيكي للصحفيين عندما سئل عما إذا كانت الاتفاقية ستنزع فتيل التهديد بنشوب حرب ان "هذه الاتفاقية تعالج تلك القضايا". وحوت الإتفاقية الأمنية التي توسط فيها الإتحاد الإفريقي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا ان الجانبين اتفقا علي "احترام كل منهما لسيادة الاخر ووحدة أراضيه وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفض استخدام القوة والمساواة والمصالح المشتركة والتعايش السلمي" والي جانب النفط يتعين علي البلدين إيجاد حل لمنطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها وترسيم حدودهما المشتركة وكثيراً ما تتبادل كل من الدولتين اتهامات بدعم المتمردين في أراضي الدولة الأخرى. لكن متابعون للشأن قالوا ان الاتفاقية التي أبرمت لا تعتبر ضامن حقيقي لوقف التوتر بين الجانبين لان نوايا كل طرف غير سلمية وكل منهما يتعنت في الوصول الي حل جزري يفضي بسلام شامل في المنطقة. بينما توقع الناطق باسم الخارجية السودانية العبيد مروح ان يطرأ تغير كبير علي أجواء التفاوض في الجولة الحالية وقال ان الوساطة تبدي حرصاً هذه المرة أكثر مما كان في السابق لتهيئة اجواء صحية للتفاوض لتفادي تكرار فشل جولات التفاوض . كشف مروح عن توجيهات تلقتها الوساطة من الولاياتالمتحدة بوقف اللهجات التصعيدية بين الطرفين مؤكدة حرصها الي التوصل الي حل بشان القضايا العالقة وقال أننا علي ثقة بان توجيهات الولاياتالمتحدة ستنعكس إيجاباً علي أجواء التفاوض باعتبارها الجهة المؤهلة لممارسة ضغوط علي دولة الجنوب لإعطاء أولوية حقيقية للوصول الي حل بشان القضايا العالقة بين الجانبين وأضاف ان جوبا تتلكأ في إيجاد الحل وتناور في المفاوضات لأنها تعتقد ان الولاياتالمتحدة تساندها وإنها ضد الحكومة في الخرطوم وإذا ما أزيل هذا الفهم لربما اثر ذلك إيجاباً علي المواقف التفاوضية لجنوب السودان. بيد ان المحلل السياسي الدكتور موسي بركات الحواتي قال ل(الوفاق) ان المفاوضات مليئة بالتوتر والاحتقان خاصة بعد الاتهامات المتبادلة بين رؤساء كلا الدولتان وتتطلب نجاح هذه الجولة توفر قدر كبير من الحنكة والإرادة السياسية وان ينظرا الطرفان الي شعبهما وان يضعان في الحسبان بان من يتفاوضان ليس حزبان أو كيانان بل شعبان وان تمثل المفاوضات إرادة الشعب. وينظر الي هذه الجولة التي من المقرر لها ان تستمر الخامس عشر من فبراير الحالي بوساطة عبر الآلية الإفريقية رفيعة المستوي برئاسة ثابو امبيكي والأطراف الدولية الأخرى المشاركة وعلي رأسها الأممالمتحدة برئاسة مبعوثها المشترك هايلي منكريوس الذي زار الخرطوم خلال الأسبوع المنصرم بغرض الترتيب للجولة ويضم الوفد الحكومي المفاوض ذات الأعضاء السابقين برئاسة ادريس عبد القادر وعضوية د. مطرف صديق ويحي حسين وسيد الخطيب والزبير احمد الحسن ود.صابر محمد الحسن ويتوقع ان يلحق بالوفد د.محمد مختار وزير الدولة بمجلس الوزراء ورؤساء القطاعات وبعض الفنيين وذوي الاختصاص وابدي مراقبون تفاؤلهم بالوصول الي نقطة مشتركة يمكن ان يتفق الجانبان علي حيثياتها خاصة بعد ان الخطوات في اخذ نصيبها عيناً عنوة دون اتفاق مع جوبا مما جعلها مطرة لإيقاف إنتاج نفطها وتسبب في الكثير من المتاعب الاقتصادية للطرفان. الأمر الذي دفع وزارة المالية في جنوب السودان انة تطلق تحذيرات من ان وقف الدولة إنتاجها من النفط يمكن ان يذكي التضخمة المرتفع أصلاً في البلاد ويثير اضطرابات اذا لم توجد مصادر تمويل بديلة عنة النفط تساعد في دعم العملة الوطنية. وقال ماريال او يول نائب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في جوبا انه اذا استمر إغلاق إنتاج النفط فقد تكون له مضاعفات خطيرة علي الدولة التي تعتمد علي النفط في جمع 98% من إيرادات الحكومة. ونبه الي ان جنيه جنوب السودان يعتمد علي دعم العاصمة الجنوبية للحفاظ علي قيمته وان اقتصد البلاد يعتد بشكل شبه مطلق علي إيرادات مبيعات النفط. وأوضح يول ان توقفت مبيعات النفط سيصعب علي جوبا دعم عملتها بالاحتياطات من النقد الأجنبي والتي بالتالي ستتعرض للانهيار وستؤدي لزيادة كبيرة في أسعار السلع المختلفة مضيفاً ان البلاد ستكون بعد ذلك مهددة باضطرابات في الشوارع،غير انه استدرك قائلاً ان جوبا قادرة علي دعم عملتها الوطنية لمدة عام مطمئناً لعدم حدوث مشاكل خلال هذه الفترة. الصين... المصالح المشتركة الصين بوصفها اكبر شريك لحكومتي السودان وجنوب السودان سارت منذ انفصال جنوب السودان رسمياً في التاسع من يوليو الماضي في خط يوازن بين مصالحها مع الخرطوموجوبا معاً، كما ان كل من الحكومتين تحتفظان بعلاقات ذات روابط قوية مع الصين حيث ظلت الزيارات بين البلدين وبكين مستمرة علي ارفع المستويات خاصة الزيارة الشهيرة التي قام بها الرئيس عمر البشير مع وفد رفيع المستوي، وتحرص الصين أيضا ان تصبح وسيطاً لراب الخلاف بين الخرطوموجوبا بشان ما يفترض علي جنوب السودان دفعه كرسوم عبور مقابل تصدير نفطه عبر مواني الشمال. الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة الصينية لشركائها السودانيين الأمر الذي يرشح مبادرتها للنجاح لا سيما وإنها يمكن ان تقدم مقترحات عملية لمعرفتها بإنتاج النفط السوداني وقوة تأثيرها علي الطرفين وتحسباً لأية تداعيات قد لا ترضي الأطراف مجتمعة وتتخوف الصين من الدور الأمريكي الذي تلعبه الولاياتالمتحدة في جنوب السودان والعلاقة الوطيدة بين واشنطون وجوبا لذا فإنها تسير في خط توازن علي معادلة لعبة "تقديم المصالح" وتكتسب الوساطة أهمية إضافية كونها جاءت بعد جولة متعثرة من التفاوض بين الطرفين جرت سابقاً بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا وتصف الصين الشراكة مع السودان بالإستراتيجية حسب نائب وزير التجارة الصيني جيانغ ياو بينغ بالتزام بلاده بتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع السودان وتشجيع الشركات الصينية علي زيادة تعاونها مع نظيرتها في السودان. محاولة جديدة بالمقابل لم تستسلم جوبا لضغوطات الخرطوم بتصدير نفطها عبر ميناء بورتسودان واخذ حصتها من العبور ويمكن ان هذه الورقة الأكبر التي تضغط بها الحكومة السودانية جارتها الجنوبية بينما رأت جوبا إمكانية تمزيقها نهائياً بعد ان كشفت دولة جنوب السودان عن تلقيها عرضاً من شركة أمريكية مقرها تكساس لإنشاء خط أنابيب يصل الجنوب وميناء لامو الكيني وقال برنابا بنجامين الناطق لجنوب السودان الشركة ان الشركة الأمريكية قدمت عرضاً بإكمال خط الأنابيب المتفق عليه بين جوبا ونيروبي في (6) أشهر إلا انه لم يذكر مزيداً من التفاصيل، وأشار المسؤول كذلك الي ان الجنوب وقع مذكرة تفاهم مع أثيوبيا لبناء خط لأنابيب النفط التي تمر عبر جيبوتي. وأعلن الرئيس سلفاكير الأسبوع الماضي عن "إجراءات تقشف لضمان ديمومة" جنوب السودان ودعا شعبه وهو من أفقر شعوب العالم الي "تضحيات مؤقتة في مصلحة الأمة. لكن مسؤولة العمل الإنساني في الأممالمتحدة فاليري اموس تري ان المشهد قاتم بما فيه الكفاية والوضع "خطير جداً" افكار لتقريب وجهات النظر وزير الخارجية علي كرتي كشف عن أفكار جديدة تقدمت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض الأطراف الدولية لتقريب وجهات النظر بين السودان وجنوب السودان بشان القضايا العالقة بينهما وقال في برنامج مؤتمر إذاعي تقدمه الإذاعة السودانية ان مبعوث الأممالمتحدة الذي التقاه لديه أفكار سيطرحها لمسئولي دولة الجنوب، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين. كما أعلن رئيس جنوب افريقيا السابق ثابو امبيكي الوسيط في حل الأزمة بين الجانبين ان حكومتا السودان وجنوب السودان قد وقعت مساء أمس فى أديس أبابا علي اتفاقية عدم اعتداء في مسعى لإنهاء التوتر الحدودي القائم بين البلدين وتخوض دولتا السودان وجنوب السودان مفاوضات في أديس أبابا بوساطة من الاتحاد الإفريقي للتوصل لاتفاق بشان الخلاف حول تصدير نفط الجنوب عبر موانيء لا تتوفر الا في دولة السودان والتي وصلت الي طريق مسدود وقد فقدت دولة السودان ثلثي مواردها النفطية جراء انفصالها عن دولة الجنوب في 9 من جويلية الماضي إذ تنتج جنوب السودان نحو 350 ألف برميل يومياً من النفط. وانتهت الجولة السابقة التي جرت بين الطرفين في يناير الماضي الي الفشل اثر رفض رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت التوقيع علي مسودة الاتفاق الإطاري التي أعدتها الوساطة الإفريقية وكان سلفاكير والرئيس السوداني عمر البشير التقيا علي هامش القمة الإفريقية التي انعقدت في العاصمة الإثيوبية ادسس أبابا نهاية يناير الماضي. نقلا عن صحيفة الوفاق 12/2/2012