كلما تنشأ كارثة طبيعية أو صناعية تتحرك جيوش ما يسمى بالمنظمات الطوعية الغربية وتعرض بضاعتها الخاسرة بالنسبة للذين تصيبهم الكوارث حيث يتم تجييش المئات والألوف من الناس وتبدأ حملات التسول باسم العمل الإنساني وتتحرك القوافل التي تحمل أنواعا محددة من البضائع التي تشارف انتهاء مدد صلاحياتها.. تجمع الأموال باسم الضحايا والمصابين وتوزع رواتب وسيارات وامتيازات وينال الضحايا الفتات وتمتهن كرامتهم وتنتهك حرماتهم.. ووسط هذا الزخم من الأعمال الهامشية تجري عمليات طرح الأجندة وتسويق الكثير من الأفكار والسلوكيات وتجري عمليات النهب والسلب وتفريغ عقول الضحايا وترسيخ أدبيات ومفاهيم عن مهامها بتهمة رعاية الإرهاب ومضت التهمة الباطلة في تفاعلها وتقليص الدور الإنساني الحقيقي لهذه المنظمات فصارت الأبواب موصدة في وجهها وتم تجفيف مصادر تمويلها وأطلق العنان للمنظمات اللاإنسانية الغربية تنفرد بساحة ما يسمى بالعمل الإنساني ككلمة حق أريد بها باطل. ولعل آخر كارثة أصابت جزيرة هايتي الأطلسية في زلزال مدمر ضرب العاصمة وشرد الآلاف مثال للنموذج الذي ضربته لانفراد المنظمات الغربية والمسيحية بالعمل الإنساني واستقلال الولاياتالمتحدة لذلك فأنزلت أربعة آلاف جندي على أرض الجزيرة في شكل استعمار جديد بينما كان الواجب إرسال آلاف الأطنال من الأغذية والمياه الصالحة للشرب والكساء للوقاية من البرد والأدهى والأمر من ذلك قيام منظمة ( سيف ذي شيلدرن) أنقذوا الأطفال أو اسرقوا الأطفال كما يظهر من تصرفاتها عندما سرقت أطفال دارفور بعد أن خدعت أمهاتهم وادعت أنهم أيتام أو فقدوا الأبوين لتهريبهم بغرض بيعهم أو إعارتهم لأناس يدعون الرحمة والشفقة بالأطفال كما يشفقون على الكلاب والقطط والحيوانات.. حتى انكشف أمرهم وتم اعتقالهم ومحاكمتهم وسجنهم إلى أن تدخلت فرنسا على مستوى رئيسها وضغطت على رئيس شاد وأخذت المجرمين إلى فرنسا وأطلق سراحهم تماماً كما فعل مع الممرضات البلغاريات اللاتي نشرن مرض الإيدز على عشرات الأطفال الليبين وبعد محاكمتهم تدخلت فرنسا وأطلقت سراحهم. واليوم ذات المنظمة اختطفت عشرات الأطفال كما تقول منظمة اليونسيف بحجة إنقاذهم من الضياع وأنهم أيتام فقدوا الأبوين رحلتهم بسرعة إلى فرنسا وسلمتهم إلى أناس لا ندري درجة إنسانيتهم من خلال الابتسامات الصفراء أمام الكاميرات وإظهار عواطف باهته هي الأقرب إلى العواطف التي تبدو عليهن عندما يداعبن كلابهن وقططهن... ولم يشأ الأمريكيون أن يتركوا الفرنسيين يتفردون بهذه الجريمة فدلفوا إليها وحملوا الأطفال إلى أمريكا وصوروا ذات الفرحة المفتعلة وذات الابتسامات الصفراء.. وكانت الدهشة والإحساس بالدهشة وشيء من الحزن باديا على وجوه الأطفال وهم محمولون على أيدي أناس غرباء وألوان تختلف عن ألوان أمهاتهم هذه سرقة بشر واتجار بالإنسان وهو لا يدري وليس بوسعه أن يعبر عما يشعر به سوى بتلك النظرات الغريبة.. وإذا كان لهؤلاء أدنى شعور بإنسانية هؤلاء الأطفال السود لكان الأجدى والأجدر بتلك الإنسانية الأطفال السود والعرب الذين يعيشون في ضواحي المدن وهوامش الحياة في الجنوب الأمريكي والمدن الفرنسية والذين وصفهم ساركوزي بالأوغاد عندما نشأت ثورة الذين يعيشون على هامش الحياة في باريس وعدد من المدن الفرنسية عندما كان يتولى منصب وزير الداخلية على عهد الرئيس جاك شيراك.. ولو كان هناك إنسانية أو شفقة لكان الأجدر بذلك أطفال نيوارليانز وضحايا الإعصار كاترينا أبان عهد بوش الله لا عاده.. ولو كانت هناك إنسانية أو رحمة لكان الأحق بها أطفال الطرق الذين سحقتهم الدبابات الأمريكية والبريطانية وقتلتهم أيدي رجال( البلاك ووترز) الأبرياء!!! ولو كانت هناك إنسانية لما صمت ما يسمى بالمجتمع الدولي على جرائم إسرائيل التي قصفت وما زالت تقصف أطفال غزة وتحاصرهم حتى الموت جوعاً.. على وزن ومن لم يمت بالسيف!؟ المصدر: الشرق القطرية 28/1/2010