صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأميركية بلغت الاضطرابات السياسية في أوروبا ذروة جديدة، عندما أطاح الناخبون الفرنسيون برئيسهم، واستبعد اليونانيون الائتلاف الحاكم من البرلمان. وتشير هذه النتائج إلى أن إجماعاً جديداً في الآراء نشأ في أوروبا لصالح تطبيق مزيد من الحوافز الاقتصادية، لكنها تشكك أيضاً في قدرة القارة على الاتفاق على خطة للحيلولة دون تفاقم مشكلاتها المالية، دون حسيب ولا رقيب. فقد وافق الزعماء الأوروبيون على سلسلة من الاتفاقات التي من شأنها إنقاذ اليونان وغيرها من البلدان المتعثرة، في مقابل تخفيضات حادة في عجوزات الموازنة لديهم، في حين تطلب أيضا من كل دولة تعتمد على اليورو، تقليص ديونها وكبح الإنفاق بالعجز. وعلى الرغم من ذلك، فقد أيد الناخبون في اليونان الأقليات الكبيرة في البرلمان، عبر انتخاب المرشحين من أحزاب اليمين واليسار المتطرفين، الذين عارضوا التخفيضات المطلوبة في الإنفاق، بحيث لا يمكن للائتلاف الحاكم الاستمرار في الحكم. واستبعد الناخبون الفرنسيون نيكولا ساركوزي، من حزب يمين الوسط الحاكم، الذي كان مفاوضاً رئيسياً في خطط الإنقاذ الأوروبية، وانتخبوا فرانسوا هولاند، عن الحزب الاشتراكي، الذي أعلن أن «التقشف لم يعد هو الخيار الوحيد». تعتبر هذه النتائج علامة على «نفاد صبر» الناخبين حيال القادة الراسخين ممن هم على رأس اقتصادات تعاني التراجع، كما أنها مؤشر على عدم الاستعداد لقبول الخيارات المؤلمة التي قدموها. إلا أنه ليس أمام أي دولة مجال كبير للمناورة، فاليونان سوف تخسر خطة الإنقاذ الخاصة بها في حال لم تقدم التخفيضات الموعودة في الميزانية. وحتى حينما شكّك هولاند في التركيز على التقشف، فقد تعهّد بضبط ميزانية فرنسا في غضون خمس سنوات، وهو الجدول الزمني المماثل لما اقترحه ساركوزي. وسوف يقوم بذلك، جزئياً، عن طريق فرض معدلات ضريبية أعلى بكثير على الأثرياء. ومما له أهميته، أن هولاند قال إنه سيجري تغييرات طفيفة على خطط التقشف الحالية. ويتمثل هدفه، بدلاً من ذلك، في إقناع أوروبا ببذل المزيد من الجهد لتعزيز النمو، بينما تسيطر على ديونها، من خلال فرض ضريبة جديدة على تداولات الأسهم، وتمكّن البنك المركزي وصندوق استثمار الأوروبيين من المزيد من الاقتراض والإقراض لمشاريع التحفيز. تلك التركيبة تحظى بالتأييد بين القادة الأوروبيين، لكنها تواجه مقاومة شديدة من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. لو أدى الاضطراب السياسي في أوروبا إلى تقويض الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشق الأنفس، بشأن خطة إنقاذ اليونان والاقتصادات المترنحة الأخرى، يمكن أن تكون النتيجة حدوث ركود أكثر عمقاً ينتشر في مختلف أنحاء القارة، إن لم يكن حدوث الانهيار التام لاقتصادات العديد من البلدان، ومن شأن مثل هذا التطور أن يتسبب في ضرر في جميع أنحاء العالم.