عند حصار العراق في العام 1995م وفي خضم الحرب العسكرية والاقتصادية عليه أقرت الأممالمتحدة برنامج النفط مقابل الغذاء، الصادر بموجب قرار مجلس الأمن رقم 986، المسمي برنامج النفط مقابل الغذاء oil for food program وهو برنامج يسمح للعراق بتصدير جزء محدد من نفطه، ليستفيد من عائداته في شراء الاحتياجات الإنسانية لشعبه، تحت إشراف الأممالمتحدة. فحتى أعداء العراق قاموا بمراعاة ((مصالحهم)) الاقتصادية والظروف الإنسانية للشعب العراقي لمقابلة احتياجاته في الغذاء والدواء. تعالوا لنري حكومة دولة الجنوب التي فاقت الأعداء في العداء لشعبها! بإغلاق أنابيب تصدير النفط وشعب الجنوب يعاني الأمرين من فقر مدقع وجوع ومرض واقتصاد منهار، وكنزه تحت أقدامه، وقيادات الحركة الشعبية يتلكأون في الوصول إلي حلول للقضايا العالقة، وهم يراهنون في كل مرة على رهانات خاسرة على حساب شعبهم الذي يموت جوعاً في كل يوم بفعل رعونة سياساتهم، وخدمة أجندة خارجية لا تفيد مواطنيهم في شيء! أقل ما ينطبق على هؤلاء هو حكم ((السفيه)) المبذر لماله إما لإنفاقه بإتباعه لشهوته، وإما لقلة معرفته بمصالحه وفي كلا الحالين لا بد من الحجر على السفيه فإن في الحجر على السفيه رعاية لمصلحته، ودفع الضرر عنه بحفظ ماله وعدم وقوعه في الحاجة والفقر، كما أن فيه رعاية المصلحة العامة بدفع الضرر عن الناس الذين يعاملونه أو تحت ولايته. وحكام جوبا في حاجة ماسة لمن ((يحجر)) عليهم! فهم لا يضرون أنفسهم فخزائنهم الخاصة مليئة بالدولار وقادرة أن تحميهم من صروف الدهر، ولكنهم للأسف أثبتوا أنهم أكبر عدو لشعبهم وهم يحرمونه حقه في التمتع بخيراته والحياة برفاهية بعيداً عن صنع ((الأزمات)) وافتعال الحروب وعدم تسخير مواردهم فيما يفيد بل حرمان شعبهم عن موارده، أليس هذا فعل ((الأعداء))، شعب الجنوب الذي حلم برغد العيش ووداع الفقر، أصبح يعيش علي جمر ملتهب من ضيق العيش والجوع والمرض والجهل. وخيراته ما بين أيديه فاغراً فاهه إليها ولا يصلها! بتصرفات قادته الهوجاء. بالأمس تمكنت الأجهزة الأمنية بولاية الخرطوم من إحباط أكبر عملية تهريب لكميات من الوقود والسكر والمواد التموينية محملة على متن (7) شاحنات كبيرة كانت في طريقها إلي دولة الجنوب. حقيقة شر البلية ما يضحك، لقد استدعي هذا الخبر ((العجيب)) إلي ذاكرتي بيت الشعر القائل : كالعيس في الصحراء يقتلها الظمأ .. والماء فوق ظهورها محمول، دولة تنتظر الوقود مما يأتيها من سماسرة التهريب في حين يتركز فيها ما نسبته 85% من احتياطي نفط السودان بحدوده ما قبل الانفصال، أليس هذا ما يدعو إلي الدهشة والعجب. فإذا كانت السياسة تبني على المصالح فلاذا يطمس قادة الحركة الشعبية عينهم بأصبعهم ولمصلحة من يكبدوا شعبهم المشقة والجوع وأمر العذاب!! أتوقع أن سياسات دولة الجنوب الوليدة إن جاز أن نطلق عليها ((سياسة))، فأدق وصف لها ((رعونة)) هذه الرعونة تصلح أن تدرس لطلاب علم السياسة كحالة نادرة وشاذة في العالم وتستحق أن تكون موضوع بحث غريب لرسالة دكتوراه! حتى حكومة السودان نفسها قالت أنها ما كانت تتوقع هذا القرار ((الغريب)) من الحركة الشعبية بقطع شريانها في أبشع حادثة انتحار! بالتأكيد أن قادة الحركة الشعبية التي طالبها سلفاكير بإرجاع ما نهبوه م مليارات غير متضررين لما يحدث لشعبهم ولا يحسون بما حولهم لأنهم في جزيرة منعزلة عن شعبهم تماماً فليس مستغرب منهم كل تصرف يضر بمواطنيهم لانهم لا يعنيهم في شيء مادام أنهم قادرون على شراء جالون البنزين بقيمة 50 جنيهاً وأكثر من طلمبات الوقود بجوبا! فيا أهل جوبا أيس فيكم رجل رشيد ((يحجر)) علي هؤلاء؟!! نقلاً عن صحيفة السوداني 24/7/2012م