الآن فقط يمكن القول بأن (اتفاق التعاون) مع دولة الجنوب الذي جري توقيعه الأسبوع الماضي بالعاصمة الإثيوبية (أديس أبابا) يمضي في طريق (النفاذ) بعزم وارداه من الجانبين وانه أي الاتفاق سيشكل (علامة فارقة) في تاريخ السودان الحديث ودولة الجنوب الوليدة ومفتاح أمان يضع الجميع أمام تنمية منتظرة. الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وتلك التي اتخذتها دولة الجنوب فيما يلي تعزيز الثقة وتهيئة الأجواء والمناخ وتنوير الرأي العام السوداني بما يجرس حوله من ترتيبات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية وإدارية وقانونية كلها تؤكد أن بالتدرج في الموازنة أولاً ثم الأسواق والمعاملات التجارية الأخرى. دولة الجنوب التي يقود وفد مفاوضيها باقان اموم المعروف بحرصه علي إقامة دولة جنوبية مستقلة بآي ثمن تجني ثمار الاتفاق بأكثر مما يجني السودان كونها دولة جديدة وتعتمد بالكاد علي النفط وربما تأخذ دورة الاتفاق هناك وقتاً فالاقتصاد لم يكمل عملية البناء حتي يتسع ماعونة لخدمة السياسات الاقتصادية المناسبة والتي تمكنه من السير في اتجاه النمو ، الهياكل ما تزال في الطور المائي . أما في الجانب الآخر(السودان) فإنه سيحقق مكاسب (مقدرة) قائمة سريعاً لسبب واحد فقط هو أن الاقتصاد مؤسس في دولة قائمة أصلاً ولها موارد وبنيات تحتية وبرنامجها الإصلاحي معلوم وقائم علي مواقيت زمنية تحرسه خبرات واليات ومشروعات تنموية ضخمة وتجارب عديدة وعلاقات تجارية راسخة وأمنيات وأشواق وطموحات. الاتفاق يوفر للجنوب نقل النفط مواد غذائية وسلعاً استهلاكية يسهل نقلها (جواً وبراً وبحراً)ويحقق بذلك حراكاً في الجمود الذي خلفته حالة الحرب و(الشد والجذب) هنا وهناك ويرفع المعاناة الطويلة عن كاهل المواطن. والأمر هكذا فإن هذا الاتفاق يواجه تحدي الإعلام الذي كان بمثابة الوقود في الحرب وليس من السهل أن تخرج الكوادر الإعلامية بين الجانبين من دائرة دق (الطبول). الذي يجيد (دق) طبول الحرب بلا فهم لن تسعفه عقليته في إشاعة السلم ولياقته الذهنية..! نقلا عن صحيفة أخبار اليوم 4/10/2012