مطالبة الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي للسودانيين بالنزول إلى الشوارع واحتلال الميادين والسفارات السودانية في الخارج،من شأنها أن تعيد السيد الصادق المهدي إلى دائرة الضوء من جديد ، حيث تناقضات الرجل التي لا تحصى ولا تعد، فالصادق المهدي، الذي قال في حوار مع صحيفة "الأهرام العربي" المصرية، نشرته السبت، معتبراً أن الحكومة مزقت السودان وجعلته عرضة للانخراط في حروب الشرق الأوسط. والمراقب لتصريحات وأقوال السيد الصادق المهدي يجد أن الرجل وعلى مر العصور يأبى الخروج من دائرة التناقض غير المعقول ليس في الأقوال فحسب بل يتبع ذلك في (الأفعال) كثيرا.وفي السياق قال الصادق المهدي سابقاً معلقاً على صحف سودانية نشرت خبر أزعجه وأشارت إلى استلامه لأموال من المؤتمر الوطني ،فقال : (رزئت بلادنا بصحافة طائشة لا تفرق بين الخبر والفرية ! وفي خطبة عيد الأضحى قبل المنصرم بالجزيرة أبا عبر المهدي عن سخريته من المشاركة :(لن نقبل بنصيب الفار في عليقه الفيل). وفي لقاء بقناة الجزيرة القطرية قبل أعوام أستفزه أحمد منصور بسؤال لماذا تقولون ان هذا حكم شمولي وقد تحالفتم مع أكبر شمولي وهو نميري، حينها عدّل الصادق في جلسته ورد بتهكم لأحمد منصور :من العادة أن تذاكروا قبل أن تسألوننا يبدو أنك لم تذاكر اليوم جيّداً! . وتزامن امتناع الصادق المهدي في المشاركة في التظاهرة التي دعت لها المعارضة في مارس الماضي مع حدث (حدث طوبة الصادق المهدي).. ففي ذات يوم استعداد المعارضة للتظاهرة، أعلنوا بأن المهدي سيخاطب الحشد الجماهيري المتوقع، بينما كان الصادق المهدي وقتها (يعافر) في الحوار مع الحكومة، و(تفتيش خشم البقرة)، ففي مؤتمر صحفي له بتاريخ 6 مارس، قال المهدي: «سيد الرايحة بفتش خشم البقرة.. نحاور ونتخذ كل السبل لتنفيذ الأجندة الوطنية.. أي طوبة بنقلبا» والصادق المهدي الذي سبق أن رفض المشاركة في أي حكومة قومية في عهد الإنقاذ وقال مقولته الطريفة:" نحن ما بنتردف "! ذلك مع أنه هو نفسه الشخص الذي "اتردف" في عهد نميري، حين أدى قسم الولاء أمام رئيس الجمهورية الأسبق جعفر محمد نميري ونائبه الأول أبي القاسم محمد إبراهيم قائلا: " أقسم بالله العظيم أن أكون وفيا لعهد ثورة مايو الاشتراكية الظافرة ".واليوم يبدو الصادق المهدي وهو يدعو لاحتلال الميادين والشوارع احتجاجاً على سياسة لحكومة يقدم دعو مجانية للمواطنين للتنه في تلك الحدائق ليس إلا كما قال وزير الدولة برئاسة الجمهورية الدكتور امين حسن عمر في تصريحات صحافية حيث وصف دعوة المهدي بأنها نصيحة "للتنزه" قبل أن يضيف :" ان الحكومة لن تمنع احداً من الذهاب للميادين للتعبير عن أفكاره وأرائه بطريقة سلمية تحترم القانون لكنه أكد عدم السماح بالفوضى وزاد:" ومن لا يحترم النظم المرعية سيواجه بنفس القانون الذي ل يحترمه".ووصف د.عمر حديث رئيس حزب الأمة الذي قال خلاله إن الإنقاذ علي شفا حفرة من النار بأنه نبؤه" وأكد عدم الاهتمام بها لأنها قيلت بعد ثلاثة أشهر من اندلاع ثورة الإنقاذ وأنها لم تصدق في الماضي حتي تصبح حقيقة في المستقبل. عموما فالسيد الصادق - حتى ولو كان صادقا في دعواه - لا يرجى منه الشعب السوداني الذي منحه أكثر من فرصة في السلطة كثير رجاء . فالشعب السوداني وبعد كل هذه السنين الطوال يدرك تماما أن التحليل النفسي لتناقضات الصادق قد تكون من نتائجه أنه يعاني من اضطراب في الشخصية أو من صراعات نفسية دفعته لكل هذه ، فحالة حالة عدم الاستقرار النفسي أو الاضطراب العاطفي حالة يعاني منها الأصحاء كما يعاني منها غير الأصحاء . فهل-و الحال هكذا- يمكن تفسير هذه التناقضات على أساس أنها نتاج لأحوال ذهنية غير مستقرة , أو إفرازات سببها انحراف لمزاج واعتلال الصحة الداخلية ؟ و لقد درجت المخابرات الأمريكية في الوقت الحاضر على إخضاع السياسيين –وخاصة من دول العالم الثالث-للتحليل النفسي و تحليل سلوكهم العام و الخاص من خلال قراراتهم و سياساتهم مستغلين في ذلك علم الطب النفسي و نظرياته, بل إن دوائر الطب النفسي ذاتها أصبحت توظف عملها للأغراض السياسية و تضع معايير تشخيصية تؤدي إلى تحقيق هذه الأغراض . و ليس هذا وقفا على الأمريكان وحدهم ، و إنما كانت تمارسه أيضا السلطات السوفيتية ضد المعارضين السياسيين ، و نحن هنا في تحليلنا لشخصية الصادق المهدي نحاول أن نطبق المعايير التشخيصية العلمية و التي أقرتها دوائر الطب النفسي العالمية و تدرس في أقسام الطب النفسي و المعاهد ، و تقوم على أساسها الممارسات الطبية النفسية في كل مؤسسات الطب النفسي في العالم . و السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : هل تدل سلوكيات السيد الصادق المهدي العامة و مواقفه السياسية على أنه يعاني من نزعات سايكوباتية وفق معايير الطب النفسي الحديث؟.