أعلن أوباما مؤخراً عن ترحيبه بانطلاق الحوار الشعبي حول الطريقة المثلى لحماية كل من الأمن الوطني وحقوق الحرية الشخصية على ضوء الجدل القائم حول عمليات التنصّت على المكالمات الهاتفية التي تتولاها «وكالة الأمن الوطني»، ويحرص الكونجرس على عدم تفويت هذه الفرصة لفتح نقاش يتميز بالشفافية حول الحدود الفاصلة بين دور القوة التنفيذية في أداء عملها ذي الطابع الأمني من جهة، ومراقبة الأميركيين من جهة ثانية. ونحن نعتقد أننا لو استعرضنا الحقائق كلها، فإن معظم الأميركيين سيعلنون اتفاقهم معنا من أن البيت الأبيض ينبغي أن يضع حداً نهائياً لتسجيل المكالمات الهاتفية، وبحيث يمكنه أن يحصل على المعلومات التي يريدها بشكل مباشر من شركات تشغيل الخدمات الهاتفية وبالاستناد إلى أوامر نظامية صادرة عن المحكمة ضد الأشخاص الذين تحوّم حولهم الشبهات فقط. ولطالما انتابتنا الشكوك حول طريقة عمل مصالح الرقابة الوطنية خلال السنوات الماضية. ومن خلال عملنا الاستطلاعي ضمن «لجنة الرقابة» التابعة للكونجرس، أصبحنا أكثر اقتناعاً من أن على الحكومة وقف النشاطات الرقابية المبالغ فيها من أجل حماية حقوق الخصوصية الشخصية للأميركيين التي يكفلها الدستور، ومن أن في وسعنا تحقيق ذلك في الوقت الذي سنحمي فيه الأمن الوطني للولايات المتحدة. ولم يكن بوسعنا إقحام الرأي العام في هذه القضايا لأن الفرع التنفيذي للجنة أوصى بإبقاء تفسير نصوص القانون سرّاً. وكنا نفضل أن تتولى قيادة النقاش حول هذا الموضوع لجنة تنفيذية تتحلى بقدر أكبر من الشفافية بدلاً من اعتماده على تسريبات صحفية غير مسؤولة. ونحن نرحب بالحوار المفتوح حول تقييم دور الشبكة الاتحادية الحكومية المكلفة بتسجيل المكالمات الهاتفية للأميركيين تحت البند 215 من «قانون المواطنة في الولاياتالمتحدة». ويأتي الموقف الذي تبنيناه حول هذا البرنامج، من خلال خبرتنا في التعامل مع برنامج تسجيلات رسائل البريد الإلكتروني في «وكالة الأمن الوطني». وبالنظر لاهتمامنا بالتداعيات السلبية لهذا البرنامج على الحريات المدنية للمواطنين الأميركيين وعلى حقوقهم في الخصوصية الشخصية، قضينا القسم الأكبر من عام 2011 في ممارسة الضغوط على مسؤولي المخابرات من أجل حثّهم على الاعتراف بعدم جدواه. ولكنهم لم يكونوا على استعداد للاقتناع، وانتهى الأمر عند هذا الحدّ في ذلك العام. ويقضي الاستنتاج الذي توصلنا إليه بأن تقييم وكالات المخابرات لفوائد برامج جمع المعلومات عن طريق التنصت على المكالمات الهاتفية لم يكن دقيقاً، وهذا ما خلق في أنفسنا الشكوك حول الجدوى الحقيقية من تسجيل تلك المكالمات. ونحن نعتقد أن جمع المعلومات الشخصية على مثل هذا النطاق الواسع من طرف الحكومة لا بد أن يترك أثراً سيئاً على الخصوصية الشخصية. ومن الضروري الانتباه إلى أن التفاصيل المتعلقة بالأشخاص الذين يتكلم معهم الأميركيون عبر الهاتف، ومتى تكلموا معهم، ومن أين تكلموا، يجب اعتبارها معلومات خصوصية. وفي رأينا، أن مبالغة الحكومة في تسجيل المكالمات الهاتفية هو عمل غير مشروع وفقاً للمبادئ والتفسيرات التي ينص عليها «قانون المواطنة». ويعتزم البيت الأبيض إلغاء شبكة المراقبة الهاتفية وقصر دورها على مراقبة الإرهابيين والجواسيس الذين يهددون الأمن الوطني بالفعل. ومن ناحيتنا كنواب، فإننا نرى أنه يتحتم على الكونجرس المصادقة على مشروع قانون سبق أن عرضناه ويقضي بوقف نشاطات برنامج تسجيل المكالمات الهاتفية تماماً، وبأنه لم يعد للفرع التنفيذي للجنة الحق في اختراق الحقوق الدستورية للأميركيين التي تضمن لهم خصوصيتهم الشخصية. وفيما يتيح مشروع القانون الذي عرضناه، والذي يحظى بدعم أعضاء ينتمون للحزبين «الديموقراطي» و«الجمهوري»، للدوائر القانونية ووكالات المخابرات صلاحية تسجيل مجموعة متنوعة من التسجيلات الهاتفية، إلا أنه مشروط بصدور إعلان حكومي يشير صراحة إلى أن المكالمات الهاتفية قد تم تسجيلها لدواعٍ استخباراتية مرتبطة بالإرهاب أو بالنشاطات التجسسية، وهي شروط لا تتوافر في القانون المطبق الآن. ولا شك أن الإرهاب يشكل خطراً حقيقياً على بلدنا واقتصادنا وأرواح مواطنينا. ولهذا السبب، تحتاج حكومتنا إلى أدوات فاعلة للمراقبة ومكافحة الإرهاب من أجل مواجهة هذه التهديدات الخطيرة. ومن واجب البيت الأبيض والكونجرس التأكد أيضاً من أن هذه الأدوات تضمن في الوقت نفسه حماية الخصوصية الشخصية للأميركيين وتحفظ أمنهم. ولا يمكن لبرنامج تسجيل المكالمات الهاتفية الذي يستند على «قانون المواطنة» أن يحقق هذه الأهداف. ونحن نرى أن «وكالة الأمن الوطني» لم تتمكن من إقامة الدليل على أن من الضروري للأميركيين الأبرياء أن يتخلوا عن خصوصيتهم الشخصية عند تسجيل مكالماتهم الهاتفية من أجل تحقيق الأهداف الأمنية. وخلال الأسابيع الأخيرة، عمد مسؤولو المخابرات إلى تقديم تأكيدات حول أهمية برامج الرقابة الهاتفية لوكالة الأمن الوطني. وركزوا من خلال هذه التأكيدات على التفريق بين برنامجين: جمع المعلومات الاتصالية تحت البند 702 من «قانون التنصت الاستخباراتي الخارجي»، وتسجيل المكالمات الهاتفية للأميركيين تحت البند 215 من «قانون المواطنة». ونحن نرى أن الزعم بأن هذه البرامج «أجهضت» عشرات الخطط الإرهابية الخطيرة، هو قول ينطوي على الكثير من التضليل والمغالطة طالما أن أحداً لا يمكنه أن يجزم بأن برامج تسجيل المكالمات الهاتفية هي التي تقف وراء هذا النجاح. وسوف نلح في طلبنا من إدارة البيت الأبيض على وقف برامج تسجيل المكالمات الهاتفية للأميركيين. وسندفع باتجاه تمرير مشروع القانون الذي اقترحناه والذي يضمن تحقيق النتائج المرجوّة ذاتها في مجال حماية الخصوصية، مع التركيز في نفس الوقت على تعزيز الجهود في مجال مكافحة الإرهاب. *نائبان «ديمواقراطيان » عن ولايتي كولورادو وأرويجون ينشر يترتب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس» الاتحاد 31/7/2013م