من الإنصاف الإشادة بمبادرة الرئيس عمر البشير للقاء التفاكري مع القوى السياسية "83 حزباً" 2014/4/6م بقاعة الصداقة، لأنها من جهة تعكس الجدية والمعرفة بالأولويات في ظروف بالغة الدقة والخطورة، وفي ظل أوضاع إقليمية ودولية أيضاً شديدة الصعوبة والتعقيد، ومشاركة الأحزاب الوطنية، إن الوطن الآن يحتاج الى توحيد الصف والتضامن لأنه يواجه مخاطر ومهددات حقيقية في أجزاء واسعة من مناطقه، ويواجه أيضاً أجندة خبيثة للصهيونية العالمية وللموساد ولأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المثابرة على تنفيذ مخطط "شد الأذرع" أي "التجزئة" و"التمزيق" و"التقسيم" وحققت جانباً منه بانفصال الجنوب عام 2011م وهو انفصال كان يبدو مستحيلاً تماماً بمعايير القوانين الدولية التي تحظر تنفيذ مبدأ حق تقرير المصير لبلد سبق أن نفذه كما في حالة السودان مطلع 1956م بإعلان استقلاله عوضاً عن الاتحاد مع مصر واعترفت الأممالمتحدة بهذا الاستقلال للسودان وأراضيه وحدوده مع الدول المجاورة، ولا تزال أسئلة كثيرة تثار بشدة حول "انفصال الجنوب" لأنه بكل المعايير ضد القانون الدولي، وضد السوابق الدستورية، وضد المواثيق المعترف بها بما فيها ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية والاتحاد الإفريقي الذي ينص على الحفاظ على حدود كل بلد إفريقي كما وضعها الاستعمار الذي حكمها لحقب وذلك للحيلولة ضد تصدع الدول الإفريقية التي تعاني أصلاً من الهشاشة في كافة مكوناتها، الاستطراد في هذا الجانب اقتضاه واستلزمه حجم الخطر الذي يحدق بالسودان، وبالتالي فإن اللقاء التفاكري بين الرئيس عمر البشير والقوى السياسية "83 حزباً" للحوار وللتوافق على الثوابت الوطنية للحفاظ على الوطن السودان، والحيلولة دون دفعه إلى هاوية سحيقه لا يعلم مداها إلا الله ووصفه بأنه "لقاء تاريخي" دقيق وصحيح، والمهم أنه تحقق بالفعل ولم يعد صعباً ولا مستحيلاً، وبالتالي تتطلع الآمال إلى التسريع الإيجابي المثمر لطرح القضايا الرئيسية الحيوية ولوضع أجندة حوار وطني بناء ومتفق عليه، ولعلنا نتذكر فداحة الثمن الذي دفعه الوطن خلال أكثر من نصف قرن "59" سنة عندما وجه إداري ومفكر وحكيم رسالة إلى الرئيس إسماعيل الأزهري رئيس أول حكومة وطنية منتخبة "1954-1956" وموجهة إليه في أعقاب التمرد الدموي في الجنوب في أغسطس 1954م والذي راح ضحيته أكثر من أربعمائة شمالي من خيرة أبنائه المتعلمين "معلمون وزراعيون وفنيون وتجار وجنود" وطالب بعدم البث في تقرير المصير أي الاستقلال أو الوحدة مع مصر إلا بعد حل مشكلة الجنوب، وبالضرورة التداول حول قضايا السودان آنذاك المتمثلة في بناء الدولة الوطنية الجديد واحتياجاتها، واحتياجات المواطنين في المناطق كافة، تعليم وصحة وخدمات، ولكن ذلك لم يتحقق، وكان يمكن أيضاً وفي إطار مؤتمر المائدة المستديرة لمشكلة الجنوب، في فبراير 1965م أن تشتمل الأجندة علي القضايا الرئيسية كافة، وكان يمكن الوصول إلى مبادئ وتوافق حولها تماماً لوجود القيادات الوطنية وكان عدد الأحزاب الرئيسة أقل من ثمانية، يجب أن تلقي كل القوى الوطنية والجامعات والمنظمات والهيئات بكل ثقلها ليتحقق النجاح المطلوب والمنشود لهذا الحوار التاريخي لأنه طوق النجاة والسلامة والأمان للوطن. نقلاً عن صحيفة التغيير 2014/4/10م