ما زال المراقبون فى حيرة من هذا الاصرار الامريكي على استمرار العقوبات على السودان. وما زالوا فى حيرة من أمر هذه الجريمة النكراء التى ارتبكها السودان لدرجة ان أمريكا تريد لا ان تغفر له. وما زالوا فى حيرة من تحركها فى كل انحاء العالم بحثاً عن تحالف يؤيدها فى أمر هذه العقوبات.. ولا تريد ان تسمع أيِّ راي غير رأيها.. لقد قالت إن بينها والسودان الحريات، وها هي الحريات قد طبقت ولو بشكل جزئي ولكنها بداية.. فلماذا لا تتيح له فرصة السير فى طريق الحرية دون مشاكل، ولماذا تصر وبشكل مريب ان السودان بلد متطرف يستحق العقوبات.. ولقد بلغت مقاطعتها له مرحلة ان تجعل مؤسساتها التجارية تمتنع عن التعامل معه مما أفدقها الكثير من الدخل.. وكانت بذلك كأنها تعاقب نفسها. قد يقول احدكم إن السودان مسئول عن جزء كبير عن هذا الذي يحدث فهو اول ايام الثورية اعلن إسلاميته دون تردد ولأنه لم يبذل جهداً لتغيير هذه الصورة.. ولم يستخدم الدبلوماسية للوصول الى عقل الامريكان . الامريكان شعب عقلاني سريع الاقتناع بالمنطق.. كان بامكان حكومة الانقاذ ان تستغل مكانة البعض الاشخاض لدى الامريكان وتستخدمهم للوصول الى قلب امريكا وليس فى ذلك عيب، فكل الدول تفعل ذلك.. ونحن نعلم ان الكثير من رجال الاعمال لهم علاقات تجارية مع أمريكا وهى على استعداد لسماعهم، والنقاش معهم حول هذه النقطة .. وهناك فى الادارة الامريكية الكثير من اعضاء السلطة الحاكمة من هو على استعداد للإستماع اليهم. فقط المطلوب بعض الاجراءات قبل ان يبدأ الحوار، ومن هذه الاجراءات بسط الحريات فلو طبقت الحكومة حرية الصحافة كاملة تكون قد خطت خطوة الى الامام. والمشكلة ان الكثيرين يظنون ان الحكومة ظلت لأكثر من عشرين عاماً فى ظل وضع شمولي لا يعترف بالحريات.. ونجد ان الوضع مختلف بعد ان أعلنت تطبيق الحريات.. وبالامكان التفاهم مع أمريكا فى هذه الحريات الناقصة وأنها بداية.. وعلى امريكا ان لا تحرجنا أكثر من ذلك حتى تتيح تطبيقها كاملة، ويمكن استخدام الكثير من الرجال فى هذه الناحية.. ولغة الدبلوماسية هي الحاسمة فى هذا الموضوع، ولكن ذلك يجب ان يتبعه اجراءات بسط الحريات دون خوف.. هذا الخوف الذي لا زال يعوق إقدام الحكومة حتى الآن وما زالت الحكومة تخشى ان تذهب الحريات بهيبة الحكومة.. وهذا أمر بعيد لأن أوربا كلها تعيش حريات كاملة، ولم تذهب أي حكومة بسبب الحريات.. ونحن نقرأ فى الصحف الاوربية ان رئيس الحكومة يُهَاجَم هجوماً عنيفاً ورئيس وزرائه يُهاجَم هجوماً أعنف ولم يذهب ذلك بهيبته. المطلوب الآن تحرك دبلوماسي نشط فى كل الاتجاهات.. باتجاه أوروبا وافريقيا والدول العربية التى كان لها نفوذ فى أوربا و باتجاه الشخصيات السودانية التى لها مكانة لدى الامريكان.. هدف كل هذا التحرك اقناع امريكا أنها يجب ان تستمع إلينا، على ان يتبع ذلك اجراءات محسوسة عند بسط الحريات العامة.. يكفي ان تقدم لها دليلاً على أننا نؤمن بالحرية، أننا منحنا الحزب الشيوعي السوداني ترخيصاً ليعمل وان بالسودان اكثر من 80 حزباً، فماذا تريد أمريكا اكثر من ذلك .. لا شك أنهم يشيرون الى موضوع منع بعض الصحف من الصدور فى أحد الايام، وهذا أمر بالذات يمكن معالجته لاثبات حسن النوايا.. وإذا كنا نرى ان هناك مجموعة خصصت للرقابة على الصحف وأنها ستنفذ وظائفها بالامكان استخدام نفس هذه المجموعة فى وظئاف اخرى بنفس المرتبات.. ولا اعتقد انهم سيعارضون أمراً فى مصلحة السودان ..المهم أن يبدأ التحرك الآن دون خشية أو تردد. نقلا عن الاهرام السودانية 1/6/2014م