ما إن خرجت تقارير صحافية عن تطبيق الرقابة الأمنية على صفحات موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و»تويتر»، حتى انفجرت في تلك الصفحات موجة من السخرية من الاجراء، في حين اعترى «القلق» خبراء ونشطاء وحقوقيين، ولم يحوز الأمر إلا على «تأييد وإعجاب» الجهات الأمنية. وبحسب أحاديث منفصلة ، قال خبير أمني إن الرقابة اجراء طبيعي وله سوابق في العالم وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة، بينما رأى خبير بشئون الانترنت أن الأمر يحتاج إلى معايير معلنة لتطبيقه، فيما دعا حقوقي مصري رفيع إلى إلغائه فورا واعتبر نشطاء الاجراء «غامضا ومقيدا للحريات». كانت صحيفة الوطن المصرية الخاصة نشرت أمس الأول، خبرا عن وجود توجه لدى وزارة الداخلية لفرض رقابة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما اعتبره نشطاء «قمعا» للحريات وعودة إلى عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك. ورفضت الداخلية من جانبها هذا الاتهام، وقال عبدالفتاح عثمان، مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام، إن مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر): «ليس عودة لعهد مبارك، ولا تدخلا في خصوصية أي أحد وإنما استهداف لمن يصنع التفجيرات التي تستهدف الأبرياء»، واصفا إياه بأنه «انجاز علمي» يحسب لوزارة الداخلية. حسن أبوطالب، رئيس وحدة دراسات الانترنت في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية ، عبر عن مخاوفه من الأمر، قائلا إن «هناك تخوفا من أن تؤثر هذه الاجراءات على حريتنا التي اكتسبناها خلال الثلاث سنوات الاخيرة بعد الثورة». ولمعالجة هذه المخاوف، اقترح أبو طالب على وزارة الداخلية أن تلجا إلى الشفافية لحل ما سماه معضلة «حماية الحريات وفي نفس الوقت حماية الوطن والأفراد». والشفافية بحسب أبو طالب، تحتاج من وزارة الداخلية إلى «اعلان معايير واضحة وقواعد لجميع مستخدمي المواقع التي ستخضع للمراقبة حتى لا يعاقب أناس أبرياء يمارسون حق التعبير بطريقة منضبطة لا تمس أمن البلاد بأعمال إرهابية». وحول إمكانية تطبيق مصر لمراقبة واسعة لنشطاء الانترنت، قال أبو طالب: «لا اتصور أن مصر لديها امكانيات لمتابعة 5 مليون مستخدم أو كحد اقصى 12 مليونا ؛ لانها تحتاج إلى امكانيات مراقبة مكلفة»، مشيرا إلى أن «دول العالم ومنها بريطانيا وأمريكا تراقب بلا استثناء ارتباطا بامنها القومي». واتفق معه الخبير الامني علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية في أكاديمية ناصر العسكرية، قائلا: «امريكا التي يتحدثون على انها بلد الحريات، تتنصت على مواطنين ومسئوليين». واعتبر عز الدين الاجراء الحكومي «أمني يحق لأي دولة اتخاذه لحماية امنها بشكل لا يمس حريات المواطنين»، مطمئنا الجميع أن «هناك قيودا شديدة في كافة الاجهزة الامنية حول المراقبين، بحيث لا تستغل المراقبة على وجه سيىء في أي خلافات بين مواطن ومسؤول امني». وأوضح أن «الاعلان عن البرنامج في هذا التوقيت اجراء طبيعي تماشيا مع اجراءات متبعة سابقا في جرائم مكافحة الانترنت في مصر»، دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل. ولفت إلى «ضرورة الرجوع لنص الدستور المصري الجديد لمعرفة مدى مخالفة هذه الاجراءات له». وتكفل المواد من 51 إلى 93، في الدستور الذي اقر في كانون الثاني/ يناير الماضي، حماية المواطن المصري وخصوصيته وعدم التغلغل في حياته الخاصة. المصدر: القدس العربي 4/6/2014م