تابعت بالأمس وقائع المؤتمر الصحفي المشترك بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيره الأمريكي جون كيري، بالقاهرة، وكنت أتمنى أن أسمع من الوزير كيري – الذي اكتفى بإلقاء بيان دون تلقي أسئلة – موقفاً مختلفاً، ولو شكلياً، إزاء حرب الإبادة والفظائع التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين هذه الأيام، لكن الوزير كيري اكتفى بالتعبير عن (قلق بلاده من سقوط مدنيين ضحايا من الجانب الفلسطيني)، ولم يفتح الله عليه ولا بكلمة عن تعمد قصف إسرائيل للمنشآت المدنية في القطاع المنكوب!! في اليوم السابق للمؤتمر الصحفي للوزير كيري تعرض مستشفى (الأقصى) في وسط غزة، لقصف مباشر بعدة صواريخ من دبابات إسرائيلية استشهد على إثره خمسة فلسطينيين على الأقل وجرح سبعون آخرون، ووفقاً لتقارير إعلامية وطبية فإن أحد الشهداء كان مريضاً بالمستشفى، بينما كان مرضى وأطباء وزوار من بين الجرحى الذين أصيبوا في القصف الذي ترك المستشفى غير قادرة على تلقي أو علاج الحالات الطبية، وأجبر سيارات الإسعاف على نقل المصابين والمرضى إلى أماكن أخرى، ومع ذلك وأثناء نقل عدد من المصابين إلى مستشفى (الشفاء) بمدينة غزة، قصف الإسرائيليون سيارتي إسعاف أخريين. وتعتبر (الأقصى) هي المستشفى الوحيدة التي تقدم الخدمات إلى عدد من مخيمات اللاجئين مثل المغازي والنصيرات وبعض القرى والمدن الصغيرة مثل دير البلح وجحر الديك، ويقدر مسؤولون في وزارة الصحة الفلسطينية عدد من تخدمهم مستشفى الأقصى ب350 ألفاً من سكان القطاع، وطبقاً للدكتور "أشرف القدرة" مدير العلاقات العامة في وزارة الصحة الفلسطينية، فإن صواريخ القصف أتلفت عدة غرف عمليات فضلاً عن المعدات الرئيسية بالمستشفى بما في ذلك وحدة إنتاج الأوكسجين والذي يستخدم في مجموعة واسعة من العمليات والإجراءات الطبية، كما قالت مصادر طبية أخرى إن الطابقين الثالث والرابع ومنطقة الاستقبال وكذلك الطابق العلوي، جميعها تعرضت لأضرار بالغة، كما أصابت القذائف اللاحقة مرافق الأشعة السينية وأقسام الولادة. ومن المفارقات أنه في مايو الماضي أصدرت سفارتا الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا بالخرطوم بياناً صحفياً أ‘ربتا فيه عن تعازيهما لما أسمتاه :( ضحايا القصف على مستشفى "الرحمة" في جبال النوبة) وجاء في البيان أن (تقارير أشارت إلى أن طائرة تابعة للقوات المسلحة السودانية أسقطت عدداً من القنابل بالقرب من المستشفى في تاريخ 1 و3 من شهر مايو، مما تسبب في عدد من الإصابات وترعيب المرضى والعاملين على حد السواء) وأضاف البيان (ندين بشدة أي استهداف للمدنيين كما نستهجن هذه الهجمات على الذين يقومون بالرعاية الطبية الأساسية أو المساعدات الإنسانية للمحتاجين)!! ليس هناك أمر أكثر سوءاً من تسييس العمل الإنساني، وتطويع المعايير الإنسانية لخدمة أغراض السياسة، وهذا ما تفعله الولاياتالمتحدة في الحالة التي أمامنا، فهي أسد على السودان، مستندة على تقارير مشكوك في صدقيتها تتحدث عن (ترعيب) المرضى، لكنها تتحول إلى نعامة في وجه إسرائيل التي تقصف المستشفيات متعددة الطوابق وتقتل وتجرح أكثر من خمسة وسبعين شخصاً، وتعجز حتى عن إدانة أفعال كهذه. نقلاً عن صحيفة الرأي العام 23/7/2014م