أيها الأخوة والأخوات، هنالك لعبة يتقنها كبار الساسة ولا يجيدها كل من هو سياسي، وأقصد بكبار الساسة بعض رؤساء الأحزاب والذين تمرسوا في السياسة، منهم بصراحة تامة الرجل القامة الذي ظل منذ زمن طويل لا يعرف له طريق أو درب أو حتى كيان يستحق به أن يتم وضعه في خارطة الطريق السياسية السودانية، وهو كما يقول هو، لا كما يقول الواقع المعاش، يملك ثاني أكبر حزب سوداني بعد حزب المؤتمر الوطني، وبالتالي يملك ثاني أغلبية ونحن لم نر حتى الآن والحق يقال تلك الأغلبية الثانية التي يتحدث عنها هذا الرجل القامة، أو يتحدث عنها هذا الحزب الذي أنقسم الى عدة أحزاب تزيد عن أصابع اليد الواحدة بقليل، وربنا يستر، وقد رأينا أن كل القرارات التي أصدرها الحزب لاحقاً وأقصد بها حزب الأمة القومي تصب جميعها في صالح الرجل القامة نفسه وليس الحزب، خاصة ذلك القرار الأخير الذي وضع فيه الدكتورة مريم الصادق كنائبة له في الحزب (ونحن بكل أمانة نعترف بإمكانيات الدكتورة مريم الصادق). ليرتفع عدد نوابه إلى خمسة نواب حيث كان له من قبل أربعة نواب من أعضاء الحزب القدامى، وقد استطاع الرجل القامة بعبقريته الفذة أن يضع جميع المحاربين القدامى في الحزب كنواب للرئيس، وبذلك أوقف تيار الانقسامات الداخلية للحزب. لم يأت اعتقال الرجل القامة ووقوف عمه أحمد المهدي ومبارك الفاضل ودكتور الأمين،،، الخ، بل معظم الذين وقفوا ضده أتوا إليه زرافات ووحدانا مطالبين رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير بإطلاق سراحه وبعد أنلبى السيد الرئيس دعوتهم وأطلق سراحه توقع الجميع بأن يكون أول قرار للرجل القامة بعد خروجه من المعتقل هو لملمة شمل الحزب الذي تفرق يمنة ويسرى، وذلك بتطبيق كلمة عفى الله عما سلف والقيام بصلح كبير يتحدث به كل السودانيين ليلاً ونهاراً خاصة وأن القطيعة بينه وبين عمه احمد المهدي قد طال مداها وأن جميع من في العائلة وخارج العائلة يتمنى أن يلتئم هذا الحزب القومي ويعود إليه الوئام والسلام ولكن وللأسف الشديد كان للرجل القامة رأي آخر قد يسميه البعض حب الدنيا (وحاشاه من ذلك) أو يسميه البعض الآخر (الغرور) وحاشاه من ذلك أيضا، فقد قام بالاتصال بالسيد مالك عقار والسد ياسر عرمان ووافق معهم بالتوقيع على وثيقة صلح بينهما قبل بدء الحوار الوطني بين الحكومة والأحزاب والحركات المتفلتة،،، الخ توضح كما تقول الوثيقة بعض الأشياء الخفية للكل أيها الأخوة والأخوات ما معنى أن يسافر الرجل القامة فجأة الى باريس وهو زعيم لحزب الأمة القومي ولديه حوالي خمسة نواب يمكن أن يسافر أي نائب منهم الى باريس للتوقيع على الوثيقة، وإلا لماذا كل هذا الزخم من نواب الرئيس إذا لم يكن احدهم قادراً على السفر الى باريس والتوقيع مع الجبهة الثورية على وثيقة عجيبة وغريبة منها وقف إطلاق النار، وضرورة إنشاء حكومة قومية واسعة، وأهمية إنشاء الحوار الوطني الذي يجب أن تشترك فيه جميع الأحزاب، وكذلك المنظمات الجماهيرية والسياسية والحركات المسلحة والغير مسلحة، والجبهة الثورية،،، الخ وجميع الهيئات السياسية، والسؤال الهام أيها الأخوة والأخوات الذي يفرض نفسه هو من الذي منع كل هؤلاء الفرقاء من الاشتراك في الحوار الوطني؟ ألم يعلن المسؤولين أن الحوار الوطني حق للجميع كما أقرت بذلك الأمم المتحدة؟ هل جلست أحزاب المعارضة مع الرجل القامة قبل سفره الى باريس – فرنسا، لتعلن رأيها بصراحة في المواضيع التي سيطرحها مع السيد مالك عقار؟ وهل أرسلت الأحزاب أي عضو أو مندوب او مرافق مع وفد حزب الأمة الى باريس ليوحي بأن هنالك تخطيطاً الى باريس ليوحي بأن هنالك تخطيطاً مدبراً بين تلك الأحزاب والجبهة الثورية؟ لقد تجمع وفد حزب الأمة خلسة للسفر الى باريس وهذا من حقه وقد فوجئ حزب المؤتمر الوطني حيث كان يظن أن حزب الأمة معه قلباً وقالباً في نجاح الحوار الوطني وله أن يتفاجأ لأن ذلك يدخل في أبجديات السياسة، كما فوجئت أحزاب المعارضة جميعها حيث كنت تظن أن حزب الأمة سيقود أحزاب المعارضة في الحوار الوطني، ويضغط على الحكومة لينال منها الكثير في جلسات الحوار الوطني، وهذا ما لم يكن ليحدث إذا كانت هنالك أمانة بين الفرقاء. إن الذي يحصل لسوداننا الحبيب أيها الأخوة والأخوات يعتبر عدم مسؤولية وفوضى من جميع الاتجاهات المرتبطة بالدولة أو بالحوار الوطني، وقد قال بعض الناس بأنه ليس للدولة الحق في اعتقال الدكتورة مريم الصادق بعد حضورها من باريس لأن هذا هو حقها الديمقراطي أن تذهب حيث تشاء وتأتي متى تشاء بشرط أن لا تقترف جرماً في القانون السوداني محلياً أو دولياً، ولكنها اقترفت وللآسف الشديد جرماً في حق القانون السوداني، كما اقترف الرجل القامة وأعضاء حزب الأمة القومي الذين سافروا معه الى باريس نفس ذلك الجرم ون هنا نطالب الرجل القامة أن يكون له نائب رئيس سادس ليكون مسؤولاً عن القضايا الحكومية داخلياً وخارجياً حتى لا يبت فيها قبل دراستها وفهمها كما فعل من قبل في قراره عن قوة الدعم السريع. أيها الأخوة والأخوات، لنضع الآن النقاط فوق الحروف ونتنازل الموضوع بكل الصراحة، فالرجل القامة ومعه أعضاء من حزبه سافروا الى باريس وهذا من حقهم، ولكنهم قابلوا أناساً سودانيين محكوم عليهم بالإعدام من محكمة سودانية معترف بها محلياً ودولياً، وبذلك خرقوا المواد التي تمنعهم من الاتصال أو مقابلة هؤلاء الأشخاص خاصة أن الدولة أعلنت عن أهمية القبض عليهم بواسطة الدول الشقيقة أو الصديقة أو البوليس الدولي (الإنتربول) وتسليمهم للحكومة السودانية حال القبض عليهم، ان سفر الرجل القامة الى باريس ومعه وفد معتبر من حزب الأمة القومي، ومقابلته للسيد مالك عقار ومعه السيد ياسر عرمان المطلوب قضائياً للمحكمة السودانية، فيه إجحاف وظلم كبير في حق الدولة السودانية، والقضاء السوداني أيضا، وان كلما يحدث الآن للرجل القامة والوفد الذي معه يعتبر اختراقاً خطيراً نجحت فيه الجبهة الثورية من أن تنال من الرجل القامة وتوقع معه على وثيقة ليس لها من داع، حيث كان من الممكن أنيتم التوقيع عليها منذ زمن طويل، بل قبل توقيع المحكمة السودانية على الحكم، وهنا ربما يتضح لنا بأن الرجل القامة لم يكن موفقاً أبدا فيما أقدم عليه، وربما أوهم نفسه بأنه يفهم هذا الموضوع كما ينبغي أن يفهمه، ونسى أنه أوهم نفسه بالوهم، لأن السيد مالك عقار والسيد ياسر عرمان ربما أعطوه درساً من الدروس التي لن تنسى. نقلاً عن صحيفة ألوان 27/8/2014م