ظلت مشاكل شح النقد الأجنبي تشكل هاجساً كبيراً للاقتصاد السوداني وتفاقمت المشكلة بصورة أكبر عقب انفصال الجنوب وفقدان الدولة لعائد موارد النقد الأجنبي والتي كانت تدعم الموازنة العامة بنسبة كبيرة ولتعويض هذا الفاقد لجأت الدولة لعدة بدائل وخيارات لترشيد الطلب على النقد الأجنبي من جهة والبحث عن موارد نقد أجنبي جديدة لتغطية المتطلبات الأساسية من استيراد الأدوية والقمح ومدخلات الإنتاج. وبين هذا وذاك ظل المواطن يتجرع السم بسبب الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية وكانت الدولة تري لابد من استمرار سياسات الإصلاح الاقتصادي وسعت لاستقطاب موارد نقد أجنبي من خلال ابتداع وسائل جديدة ووضع حوافز تشجيعية لجذب مدخرات المغتربين بجانب زيادة صادرات البلاد وبخاصة الذهب وتواصلت جهود الإصلاح الاقتصادية ومنذ مطلع هذا العام منعت الدولة البنوك من حظر تمويل السيارات والعقارات بهدف توظيف التمويل للقطاعات الإنتاجية لدعم الاقتصاد وسد الفجوة التمويلية من موارد النقد الأجنبي. وعلى الرغم من الرفض الذي صاحب تنفيذ البرنامج الإصلاحي المالي والاقتصادي من قطاعات واسعة من المجتمع غير إن هذه الإصلاحات وضعت الاقتصاد السوداني في مساره الصحيح وعكست مؤشرات الأداء الكلي للاقتصاد أداء ايجابي خلال النصف الأول من العام 2014م وانعكس ذلك في انحسار تدريجي للتضخم وان كان أقل من المتوقع كما حدث زيادة كبيرة في الإيرادات القومية مقارنة بما كانت عليه في الربع الأول من العام الماضي والأمر الذي أدي لانخفاض واضح في حجم الواردات مما قلل الفجوة في الميزان التجاري وتقلص حجم الدعم للسلع الأساسية. ولكن على الرغم من هذا النجاح النسبي لازالت هناك عدد من التحديات تتمثل في عدم حدوث خفض في الإنفاق الحكومي كما هو متوقع ولم يتم تفعيل سياسات سعر الصرف المرن لان عملية الإصلاح الاقتصادي تتطلب المتابعة والمثابرة والاجتهاد والتجديد والابتكار في الإصلاحات. ومن خلال التقرير الذي قدمه وزير المالية والاقتصاد الوطني بدر الدين محمود من خلال استعراض تقرير أداء النصف الأول من موازنة العام المالي 2014م. أشار لاستمرار الجهود لخفض الواردات غير الأساسية وسد الفجوة في السلع الاستهلاكية باستيراد مليون طن قمح. و 444 ألف طن سكر. وكشف إن حجم الصادرات خلال تلك الفترة حققت عائداً قدره 3,6 مليار دولار مقارنة ب 3مليارات لذات الفترة من العام الماضي، وانخفضت الواردات من 4,9مليار دولار وتم تقديم دعم إلى 41 ألف أسرة بواقع 150 جنيه شهرياً ((وتضمن التقرير أداء الجهاز المصرفي الذي قدمه محافظ بنك السودان المركزي عبد الرحمن حسن عبد الرحمن، وكشف فيه عن ارتفاع الودائع بالجهاز المصرفي من 44,5 مليار جنيه وذلك بفضل تطور الخدمات المصرفية الآلية وانتشار المصارف بكل أنحاء البلاد. وأشار أن البنك واصل عمليات شراء وتصدير الذهب المنتج بواسطة التعديد الأهلي، وبلغت جملة الصادرات 18,7 طن والاستمرار في حرية التعامل بالنقد الأجنبي والسماح للمصارف باستخدام كل طرق الدفع المسموح بها لتنفيذ عمليات الاستيراد، وذكر التقرير أن ميزان المدفوعات تحول من عجز في النصف الأول من العام الماضي إلى فائض في النصف الأول من هذا العام، وانخفض العجز في الميزان التجاري من 1,3 مليار دولار إلى 155 مليون دولار. نقلاً عن صحيفة الاهرام اليوم 2014/9/23م