إن الدعوة التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية عمر البشير في السابع والعشرين من يناير الماضي للحوار الوطني الشامل مع كافة القوة السياسية المؤيدة للحكومة والمعارضة والحركات المسلحة حول السلام والوفاق الوطني والحريات الأساسية والاقتصاد والتنمية والهوية المشتركة والاتجاه نحو الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في الدولة، ومما لا شك فيه أن الحوار الوطني يمثل حلا لكافة النزاعات والصراعات التي تعاني منها الدولة، وهو بمثابة ترياق ناجع للأزمات المختلفة ويحقق الاستقرار السياسي والأمني، ويؤدي إلى التوافق حول الدستور الدائم والإجماع حول المصالح الوطنية والإستراتيجية. والقارئ للمشهد السياسي يري أن الحوار الوطني الذي يجري الآن في السودان يسير بصورة بطيئة بالرغم أنه مر عليه عدة أشهر من الآن، وذلك نسبة لأسباب كثيرة منها انعدام الثقة بين الأطراف المتحاورة وغير المتحاورة الرافضة للحوار وعدم تقديم التنازلات اللازمة من جانب الحكومة والمعارضة، ولكن هنالك جدية ملموسة ورغبة من الأطراف في الدخول في الحوار الوطني، باعتبار أن ما يمر به السودان من أزمات متلاحقة يتطلب من الجميع الخروج من هذا النفق المظلم، وتجاوز للعقبات والمطبات التي تعرقل مسيرة الحوار الوطني، وتقديم التنازلات حتى نصل إلى مرحلة التوافق والتراضي بين القوى السياسية المختلفة أحزاب سياسية وحركات مسلحة، وهنالك أيضاً قضايا مهمة خاصة بالدولة والنظام السياسي لا بد أن تطرح للنقاش والتشاور حولها والإجماع الوطني عليها بين كافة فئات المجتمع أحزاب سياسية وهيئات ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني وهي تمثل ثوابت وطنية وعلى أساسها ينطلق الحوار والتوافق الوطني، وهي مثل الدستور الدائم والمصالح الوطنية العليا والأمن القومي والانتخابات والسلام والتنمية للدولة. كذلك هنالك محفزات أخرى وفرص نجاح يمكن أن تمضي بالحوار للأمام، كما يجب استثمارها بشكل صحيح واستخدامها الاستخدام الأصل ودعمها والاهتمام بها مثل الدور الإعلامي من خلال وسائل الإعلام والاتصال المختلفة لها أهمية كبيرة في تسليط الضوء على الحوار، وعكس آراء الرأي العام حول الحوار، وكذلك الدور المجتمعي من خلال منظمات المجتمع والجمعيات والاتحادات الطلاب والشباب والإدارات الأهلية باعتبارها حكومات المستقبل لهم مساهمة كبرى لا يمكن الإغفال عن أهميتهم ودورهم في دفع عجلة الحوار والأخذ بمبادراتهم وتفعليها وطرحها على مائدة الحوار. وكذلك الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث وتنظمها للندوات والورش الخاصة بالحوار وتقديمها من قبل الأكاديميين والخبراء والباحثين والمحللين الاستراتيجيين أيضاً لهم دور كبير باعتبارهم السلطة العملية ويجب تكاملها مع السلطة السياسية والاستناد عليهم في الحوار الوطني وفي حل الأزمات الموجودة، وهنالك أيضاً دول داعمة للحوار على المستوي الإقليمي والدولي مثل قطر وإثيوبيا وتشاد وجامعة الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فهي تسعي للاستقرار السياسي للسودان، وقد رحبت بخطوة الحكومة نحو الحوار الوطني مع المعارضة والحركات المسلحة، وعلى حسب العلاقات مع هذه الدول يجب أخذ الحيطة والحذر، والعمل بقدر الإمكان على توطين الحوار بالداخل تجنباً لمصالح الدول التي يمكن أن تمثل تهديداً في المستقبل. وختاماً حتى يمضي الحوار الوطني إلى غاياته وأهدافه لابد من الحكومة والمعارضة تبني إستراتيجية وخارطة طريق متفق عليها تمكنها من الوصول إلى تلك الغايات، وتتجاوز بها كافة العقبات والعوائق والمهددات التي تواجه الحوار، وستقلالاً للفرص والمحفزات التي تضمن النجاح والتقدم للحوار مستقبلاً، ويفضي في النهاية إلى تحقيق الاستقرار بشتي أشكاله سياسي واقتصادي واجتماعي للدولة، وتوافقاً حول الدستور والمصالح الوطنية، وبذلك يكون الحوار الوطني أولي الخطوات نحو البناء للدولة السودانية. نقلاً عن صحيفة اليوم التالي 2014/9/30م