خريجي الطبلية من الأوائل    لم يعد سراً أن مليشيا التمرد السريع قد استشعرت الهزيمة النكراء علي المدي الطويل    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    عائشة الماجدي: (الحساب ولد)    تحرير الجزيرة (فك شفرة المليشيا!!)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيفية الوصول إلى حوار وطني في السودان بقلم : برنستون ليمان* و جون تيمين**
نشر في السوداني يوم 10 - 12 - 2013


كيفية الوصول إلى حوار وطني في السودان
بقلم : برنستون ليمان* و جون تيمين**
ترجمة: بابكر فيصل بابكر
ما يزال السودان بعد انقضاء عامين على فقدان ربع سكانه يعاني من الاضطرابات. لم يساعد انفصال جنوب السودان في 2011 على إيجاد حل للصراعات الداخلية المستمرة لفترة طويلة. منذ ذلك الحين واجه نظام الرئيس عمر البشير تحدي تمرُّد مسلح يزداد قوة يوماً بعد يوم ويُعمِّق الانقسامات الداخلية مصحوباً بمحاولات عسكرية للانقلاب عليه من قبل عناصر في الجيش.
لقد آن أوان دخول السودان في حوار داخلي وعملية إصلاح حقيقي تفضي إلى قيام حكومة ديموقراطية عريضة تسعى لتحقيق مصالحة وطنية ذات مغزى بين كافة السودانيين. ولكن الكيفية التي يتم بها ابتدار تلك العملية تبدو في غاية الصعوبة كما كانت دوماً.
يوجد إجماع دولي متنامٍ على أنَّ جهود التوصل لحلول جزئية لنزاعات السودان العديدة والتي تشمل الحرب المستمرة في دارفور منذ أكثر من عشر سنوات, والعنف المتجدد في جنوب كردفان والنيل الأزرق قد فشلت؛ وبدلاً عن ذلك هناك إدراك متعاظم – على الأقل في أوساط المعارضين للنظام وبعض قوى المجتمع الدولي - لضرورة إيجاد نهج شامل لحل تلك النزاعات, ولعلاج القضايا المهمة المتعلقة بالحكم وإدارة التنوع والمصالحة.
وبينما تجري نقاشات جادة في العديد من الدوائر داخل نظام البشير حول الحاجة للتغيير، إلا أنَّ تلك المناقشات لم تمتد لتشمل أحزاب المعارضة والحركات المسلحة التي تحارب الحكومة. إضافة لذلك فإنَّ الرئيس ودائرته الضيقة ينفرون من الدخول في حوار شامل يمكن أن يؤدي إلى زوال حكمهم, آخذين في الاعتبار إدانة المحكمة الجنائية الدولية للرئيس البشير وبعض كبار معاونيه الذين يواجهون احتمال المحاكمة في لاهاي إذا تركوا مناصبهم في الحكم.
العقدة التي تنتظر الحل تتمثل في كيفية إقناع النظام بالدخول في حوار ذي مغزى وفي عملية إصلاح، وفي ذات الوقت مخاطبة قلقهم ومخاوفهم وتحفظاتهم الشخصية.
كيفية الوصول للحوار الوطني والإصلاح:
إحدى الوسائل التي يمكن البدء بها تتمثل في التركيز على المبادئ التي يقوم عليها أي حوار وعملية إصلاح. على رأس هذه المبادئ هو أن يتسم الحوار بمشاركة عريضة تستند إلى إدراك أنَّ كافة قطاعات الشعب السوداني تمتلك الحق في المشاركة في تلك العملية بمن فيهم من "الإسلاميين"، وهم جزء لا يتجزأ من نسيج السودان السياسي وأصحاب حق مشروع في المشاركة في الحوار.
الحوار كذلك يشمل عناصر النظام الحالي، الذي يحتفظ بمساندة قطاع من الشعب السوداني، خصوصاً أولئك الذين استفادوا اقتصادياً خلال فترة حكمه. المشاركون أيضاً يجب أن يشملوا المعارضة المسلحة التي تقودها حالياً الجبهة الثورية السودانية, وهي تحالف يضم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال, إضافة لثلاث حركات دارفورية رئيسية.
خطاب الجبهة الثورية يستصحب ضرورة التوصل لحل سلمي للأزمة السودانية, ولكن أفعالهم تدعو للتشكيك في التزامهم بالحل السلمي, ومثال ذلك هجومهم على شمال كردفان بعد ساعات قليلة من انتهاء المباحثات الأولية مع الحكومة في أبريل الماضي.
لقد مثَّل انهيار المفاوضات في أعقاب ذلك الهجوم تراجعاً في العملية السلمية, كما أنَّ هذا النوع من المناورات يؤدي عادة لتقوية مواقف المتشددين داخل معسكر الحكومة الذين يرفضون الحوار. إذا أرادت الجبهة الثورية المشاركة في العملية السياسية، فعليها تعظيم الدور السياسي في عملياتها، وهو الدور الذي ما زال حتى الآن مسخراً بالكامل لخدمة الأهداف العسكرية, كما أن عليها كذلك التقييم الصادق للالتزام الموحَّد لمكوناتها بالتغيير السلمي.
إذا كان التزام الجبهة الثورية بالحوار حقيقياً، فإنه يتوجب على المجتمع الدولي أن يقدِّم لها العون في مجال التدريب وبناء القدرات لمساعدتها في الانتقال لشريك سياسي في مستقبل السودان. بالطبع ستمتعض الخرطوم من تقديم مثل هكذا مساعدة لمعارضيها المسلحين, ولكنها على أية حال مساعدة ضرورية لإنجاح أي عملية حوار سلمي.
أحد أسباب الفشل الرئيسية للمفاوضات السابقة في السودان أنها اقتصرت على الطرفين المتحاربين فقط: وهما الحكومة والمتمردون. ولضمان نجاح أي عملية حوار قومي لا بد من إشراك الأحزاب السياسية المعارضة والمجتمع المدني بصورة حقيقية في الحوار. ربما يؤدي ذلك إلى بطء العملية وتعقيدها، ولكنها ستؤدي إلى استدامة أي اتفاقات يتم التوصل إليها.
من الأمور التي تعقِّد إشراك أحزاب المعارضة في الحوار، هو أنها تعاني من تباين الرؤى كما تعاني الجبهة الثورية, وهذا مجال آخر يمكن للمجتمع الدولي أن يقدِّم فيه مساعدة من أجل تمهيد الطريق لحوار قومي.
للبدء في أي عملية حوار لا بد من توفر حد أدنى من معايير بناء الثقة بين الأطراف المتحاورة، خصوصاً بين الحكومة والجبهة الثورية. أحد خطوات بناء الثقة يمكن أن يكون إيقاف للعدائيات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق (وهو هدف عمل على إنجازه دبلوماسيون عديدون في العامين الأخيرين دون تحقيق نتائج ذات جدوى).
التنازلات المتبادلة في إطار إيقاف العدائيات يمكن أن تتمثل في إعلان فصائل الجبهة الثورية تعليق أعمالهم العسكرية وعدم استخدام سلاحهم (كما فعل حزب المؤتمر الإفريقي خلال المفاوضات في جنوب إفريقيا) في مقابل السماح لهم بالعمل بحرية كحزب أو مجموعة أحزاب.
فرص نجاح هذه التنازلات المتبادلة أكبر من مجرَّد مطالبة الجبهة الثورية بالتخلي عن سلاحها كشرط أولي. يمكن لمثل هذا التوافق أن يؤدي إلى نتائج مهمة في المناطق التي لم تستطع المنظمات الإنسانية الوصول إليها لإنقاذ حياة مجموعات كبيرة من البشر في جنوب كردفان والنيل الأزرق إضافة لتشجيع الجبهة الثورية على التركيز على العمل السياسي بصورة أساسية.
كذلك سيسمح هذا التنازل المتبادل بإتاحة الفرصة للإعداد المفصًّل والجيُّد لعملية الحوار والتوصول لتوافق عام حول أجندة الحوار ونطاقه والسلطة التي تتمتع بها عملية الحوار قبل بدئها. هذا المجهود سيستغرق وقتاً, ربما يزيد عن سنة ولكنه جهد ضروري.
ستتمكن الدبلوماسية المكوكية الهادئة من تقريب الشقة بين الأطراف المتحاورة, كما يمكن لحوارات "المسار الثاني" (أي الحوار غير الرسمي) التي تقودها منظمات المجتمع المدني, والتي بدأ بعضها بالفعل, أن تمهد الطريق للانتقال لعملية التفاوض الرسمي "المسار الأول".
خلال فترة هذا الحوار هناك أسئلة مركزية لا بد من الإجابة عليها: هل يؤسس الحوار لمبادئ يتم على أساسها قيام عملية سياسية؟ أم هل ستتم صياغة دستور جديد عبر عملية الحوار نفسها؟ هل هناك حاجة إلى قيام سلطة انتقالية للحكم والإدارة في مرحلة معينة من مراحل عملية الحوار أم خلال كامل فترة الحوار؟ كيف يمكن تحويل نتائج الحوار إلى قانون أو سياسات قابلة للتطبيق في المحصلة النهائية؟ ما هي الآليات التي يمكن وضعها لضمان الشفافية وبناء الثقة لضمان أن القادة المتحاورين يعملون على الخروج بقرارات تخدم السودان وليس مصالحهم الخاصة؟ كيف يمكن إبلاغ المواطنين ومشاورتهم حول موضوعات الحوار والقرارات التي تصدر عنه؟
يمكن للأطراف الخارجية أن توفر مقترحات للإجابة على هذه الأسئلة, كما أن هناك العديد من نماذج عمليات الحوار التي تمَّت في مناطق أخرى، يمكن أن يتم الاسترشاد بها, ولكن الإجابة النهائية على هذه الأسئلة يجب أن تأتي من قبل السودانيين أنفسهم.
إذا شاركت كل المجموعات المعنية في عملية الحوار، فإنهُ من المستبعد أن يتوصلوا إلى إجماع كامل، آخذين في الاعتبار التاريخ الطويل والانقسامات العميقة بينها. وإذا كان ذلك كذلك، فإنَّ على السودان أن يستلف مفهوم "الإجماع الكافي" الذي تولد عن عملية التفاوض الطويل لإنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. لقد شارك في تلك المفاوضات مجموعات عدة، بجانب جماعات المصالح الذين لم يكن متوقعاً أن يتوصلوا لاتفاق عريض, ولكن كان مفهوماً أنه يمكن التوصل ل"الإجماع الكافي" إذا توصل طرفا المفاوضات الرئيسييْن – المؤتمر الوطني الإفريقي والحزب الوطني لاتفاق؛ ولذا يتوجب على السودانيين أن يقرروا ما هي التركيبة الملائمة للأطراف التي يمكن أن تشكل "الإجماع الكافي" في سياق أوضاع بلدهم.
المشهد السياسي السوداني يتضمن تعقيداً إضافياً حيث ستجري انتخابات عامة في 2015, وبما أن ذلك يتطلب أن تنتهي عملية التفاوض خلال عامين، فإن هذا الأمر يبدو غير وارد في ظل العقبات العديدة التي تقف في طريق العملية التفاوضية، إضافة لاتساع نطاق القضايا التي تجب مناقشتها, مع الوضع في الاعتبار حقيقة أن عمليات التفاوض الناجحة في أماكن أخرى استغرقت عدة سنوات أو أكثر حتى تتوصل لنتائج ذات مغزى.
لذا يتوجب أن لا ينظر لانتخابات 2015 وكأنها غير قابلة للتغيير, كما أنه يتوجب كذلك أن لا يسمح للنظام بشرعنة حكمه عبر انتخابات غير نزيهة كما حدث في 2010. بدلاً عن ذلك فإنه إذا كانت هناك مفاوضات تجري بمشاركة كل الأطراف وتحقق نجاحاً، فمن الأجدى النظر في إمكانية تأجيل الانتخابات لمدة أقصاها عامان.
المساعدة الخارجية من أجل تحقيق التغيير الداخلي
من غير الوارد أن تبادر الأطراف السودانية بالشروع والاستمرار في عملية حوار من تلقاء نفسها. المراقبة الخارجية والدعم يجب أن تأتي بصورة أساسية من الآلية الإفريقية رفيعة المستوى التي يرأسها ثامبو أمبيكي والتي تم تأسيسها في العام 2010.
لقد ركزت الآلية الإفريقية معظم جهودها للوساطة في المفاوضات بين السودان وجنوب السودان في قضايا ما بعد الانفصال الصعبة، وقد حققت نجاحات ملموسة. لقد تم مؤخراً تمديد تفويض الآلية حتى يناير 2014، ولكن من المفترض أن تعيد تركيز اهتمامها على انقسامات السودان الداخلية التي أبدى الرئيس أمبيكي اهتماماً بالعمل على علاجها.
لقد كتب أمبيكي في تقريره المرحلي الأخير: (تقترح الآلية الدخول مع كل من حكومتي السودان وجنوب السودان في حوار حول أجندة كل منهما لعمليتي الإصلاح الديمقراطي والدستوري).
يجب أن تلعب الوساطة دور المرشد والمناصر لعملية حوار بمساندة كاملة من مجلس الأمن والسلم الإفريقي، الذي سيكون أعضاؤه حريصين على إيقاف الوجود المستمر لأزمات السودان التي لا تنتهي في أجندة أعمالهم. سيكون الرئيس أمبيكي والوساطة الإفريقية مفيدين على وجه الخصوص في التحضيرات المفصلة لمرحلة ما قبل الحوار نسبة لخبرته السابقة في عملية الحوار والإصلاح بجنوب إفريقيا في عام 1990.
يجب توسيع فريق الوساطة الإفريقية وتأسيس آلية مساعدة لمراقبة تنفيذ الاتفاقيات التي سيتم التوصل إليها بين السودان وجنوب السودان والتي لا يجب أن تخضع لعمليات إعادة تفاوض مستمرة. ومع ذلك فإن هناك حدوداً للدور الذي يمكن أن تلعبه الأطراف الخارجية في عملية الحوار الداخلي.
تاريخ الاتحاد الإفريقي ليس طويلاً في مساندة التغيير السياسي الداخلي بالحجم المطلوب في السودان. يمكن أن يلعب الاتحاد دور الميسِّر والمحرِّض والمقدم للخبرة الفنية المطلوبة, ولكن في النهاية سيقتصر دور الأطراف الخارجية على خلق الظروف المواتية للسودانيين حتى يقودوا العملية بأنفسهم والمساعدة في توسيع أفق صناع القرار متى ما كان ذلك ممكناً. إذا لم يَقُد السودانيون عملية الحوار فإنها سريعاً ما ستفقد مصداقيتها وستصبح مجالاً للاتهامات المفتوحة بالتدخلات الخارجي – وهي التهمة المفضلة للنظام.
ستحتاج أي عملية حوار كذلك إلى مخاطبة "الفيل الذي بداخل الغرفة" والذي يتمثل في هذه الحالة في إدانة محكمة الجنايات الدولية للرئيس البشير وبعض كبار معاونيه حتى يتمكن السودان من تطبيع علاقاته بصورة نهائية مع المجتمع الدولي.
إذا أنتجت عملية الحوار والإصلاح حكومة ديموقراطية ذات قاعدة عريضة فإنها ستكون في وضع يسمح لها بالتفاوض مع المحكمة الجنائية لمحاكمة المتهمين داخل السودان أو عبر عملية مشتركة مع المحكمة نفسها. إذا بدأت عملية حوار ذات مصداقية فإن بإمكان مجلس الأمن الدولي النظر في إحالة مؤقتة للإدانات على أساس المادة 16 من نظام روما الأساسي. ولكن في النهاية لا يمكن التضحية باعتبارات تطبيق العدالة.
إذا انطلقت عملية حوار حقيقي فإنَّ على المشاركين فيها مباشرة أو الذين يتابعونها أن يظهروا قدراً من الصبر والاحتمال لعمليات المد والجزر التي تتسم بها العملية. أكبر المخاطر يتمثل في محاولة النظام التلاعب بعملية الحوار من أجل أهدافه الخاصة أو إجهاضها بصورة كاملة إذا بدأت في السير نحو الوجهة التي لا يرغب فيها. لذا يتوجب تجهيز إستراتيجيات التعامل مع كلا التهديدين.
على الرغم من أن فرص نجاح حوار وطني وإصلاح شامل تبدو ضئيلة, إلا أنها تمثل الطريق الأمثل لبلد ليس أمامه الكثير من الخيارات. دون عملية كهذه فإنَّ حظوظ السودان تبدو ضئيلة في كسر دائرة عدم الاستقرار المدمرَّة.
*المبعوث الخاص السابق للرئيس الأمريكي في السودان.
**مدير برنامج السودان بمعهد السلام الأمريكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.