من جديد تدفقت دماء قوات الجيش المصري على رمال الصحراء في سيناء. سلسلة اعتداءات متلاحقة جرت على مستوى غير مسبوق من التنسيق والحرفية العالية، لتكون الأعنف من بعد هجمات كرم القواديس، وتكشف إخفاق عمليات «النسر» محمد سالم سيناء | الهجمات التي هزت المقارّ العسكرية في شمال سيناء، أول من أمس، وتركت جرحاً كبيراً في جسد وهيبة الجيش المصري الذي ظل يعلن تكبيده المسلحين خسائر كبيرة، سارعت «ولاية سيناء أنصار بيت المقدس سابقاً» إلى تبنيها، عبر سرد مفصل للمواقع التي استُهدفَت بالتزامن، ونوعية الأسلحة والصواريخ والمفخخات المستخدمة في اعتداءات أودت بقرابة 30 جندياً وضابطاً وإصابة نحو 55، غالبيتهم كانوا داخل مقارّ أمنية وعسكرية في مدينة العريش. وأظهرت صور خاصة حصلت عليها «الأخبار» من داخل المواقع المستهدفة حجم الدمار الكبير الذي حل بها بسبب التفجيرات، كذلك ظهرت أشلاء الجنود المتطايرة، فضلاً عن أن مصادر أمنية أكدت أن الرقم المعلن للضحايا من القوات لا يشمل نحو 40 معتقلاً كانوا في سجن الكتيبة 101 المستهدفة. التحدي الأكبر أن هجمات «الولاية» وقعت خلال الساعة الأولى من حظر التجوال في العريش، وهو الحظر الذي كانت الأحزاب في سيناء قد قررت تنظيم إضراب عام يوم الاثنين المقبل للاحتجاج عليه. كذلك سبق ذلك كله بدايات الظهور العلني لعناصر «ولاية سيناء» في عدة مناطق من جنوب مدينة الشيخ زويد (راجع العدد 2504 في 28 كانون الثاني) مقابل إهمال رسمي للخطر المقبل. فهاجموا، قبل أيام، قسم الشرطة في الشيخ زويد واحتلوا موقف السيارات، فضلاً عن الكمائن العلنية وظهورهم في تدريبات عسكرية موسعة قرب العريش، بل في مناطق صحراوية قريبة من الحواجز الأمنية الرسمية، وهي كانت أشبه ب«بروفا» حيّة للهجمات التي نُفِّذت أول من أمس. ليلة دموية أعادت للمصريين والسيناويين على حد سواء، الذكرى السوداء لهجوم كرم القواديس، حينما قتل في الرابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي 30 جندياً في الشيخ زويد وثلاثة آخرون في العريش. والآن، تُظهر الهجمات الأخيرة حقيقة إخفاق العمليات العسكرية الكبيرة ذات المسميات الكبيرة، إضافة إلى قوانين حظر التجوال وما تبعها من خطوات داخل سيناء وعلى الحدود مع غزة، وصولاً إلى إزالة مدينة بكاملها (رفح)، فضلاً عن إظهارها معاناة الجيش المصري في احتواء الحالة المسلحة في سيناء. وأدى عنصر المفاجأة الذي رافق الهجمات، والسرعة الشديدة في تتابعها، دوراً كبيراً في إرباك قوات الجيش والشرطة وسقوط العشرات من الضحايا في ظل حالة سكون، أو ارتخاء، كانت تعيشها تلك القوات بعد استنفار دام عدة أيام خلال الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.