تسارعت تداعيات الأحداث حول النزاع الذي نشب فجأة بين دول منبع النيل ودولتي المصب – مصر والسودان والكل الآن في حالة ترقب بعد إصرار دول منبع النيل السبعة بوروندي والكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا توقيع اتفاقية بين دول منبع النيل في 15- مايو المقبل بعيدا عن دولتي المصب بحجة وجود مظالم ادعت أنها وقعت عليها جراء اتفاقية عام 1929 التي وقعتها آنذاك بريطانيا مع مصر نيابة عن دول منابع النيل الإفريقية والسودان بحكم أنها كانت مستعمرة بريطانية بجانب اتفاق بين السودان ومصر في عام 1959 قضى باستغلال 55 مليار متر مكعب من مياه النيل من أصل 83 مليار متر مكعب والسودان 18 مليار متر ولكن ما حقيقة ذلك الصراع الذي طفا فجأة على السطح.. وما صحة الدور الإسرائيلي في تأليب دول منبع حوض النيل لتنقلب عليها خاصة أن تقارير صحفية أشارت لمطامع إسرائيل في مياه النيل عندما طالبت مصر تحويل مياه النيل من مصبه في البحر الأبيض المتوسط إلى صحراء النقب هي التي دفعتها لتحريض دول منابع النيل ضد دولتي المصب السودان ومصر ..وما هو دور البنك الدولي في تلك المعضلة الحديثة ..وما مدى جدية التلويح بالحسم العسكري لدول المنبع في حالة إصرارها على موقفها بالتعديل القسري لاتفاقية العام 1929 لتوزيع حصة النيل بموجب اتفاقية جديدة كل تلك تساؤلات برزت اثر تداعيات أزمة دول حوض النيل. *(3) بنود ففي الاتفاقية الإطارية لمياه النيل تمسكت كل من مصر والسودان ب(3) بنود بمنضدة التفاوض في حين تم الاتفاق علي 39 طالبت فيها مصر والسودان دول المنبع بضرورة الإخطار المسبق قبل قيام أي مشروعات وتوفير الأمن المائي للدول والتصويت على القرارات بالإجماع وليس بالأغلبية *شراء مياه النيل ولعل الأزمة الراهنة أدت لتزايد المخاوف بين شعوب مصر والسودان والمعنيين بدول المصب وتصاعدت وتيرة ردود الأفعال بعد إعلان دول منابع النيل السبع بوروندي والكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا لمقترح يدعو دولتي المصب مصر والسودان (شراء مياه النيل)! بصورة تجعل مياه النيل في خانة البترول وبالتالي يصبح ضمن المصادر الطبيعية لأراضيها بل ذهبت لأبعد من ذلك بالإعلان عن اتفاقية تجب اتفاقية العام 1929 كما أن استفهامات عديدة أثيرت حول حقيقة الدور الذي تلعبه إسرائيل منذ زيارة وزير خارجيتها أفيجدور ليبرمان في عام 2009 لكل من تنزانيا وإثيوبيا وأوغندا برفقة وفد كبير ضم موظفي وزارات الخارجية والدفاع والمالية والتجارة والصناعة والزراعة ورجال الأعمال وقع خلاله على عدة اتفاقيات للتعاون معها في مختلف المجالات والسؤال الذي يطرح نفسه هل كانت الزيارة بهدف التحريض وإثارة الغبار حول اتفاقية 1929 خاصة أن دول المنبع تعانى من مشكلات في مجال المياه وهل يجدي التهديد المصري لإسرائيل بوقف تصدير الغاز الطبيعي الذي تم بموجب اتفاقية بين الدولتين في عام 2005 نظرا (للدور المشبوه) الذي قامت به إسرائيل وخلق إشكالية بين دول حوض النيل *موقف (رمادي) وبالرغم من أن رأي مصر الرسمي يعول على البنك الدولي بعدم تمويله لمشروعات أو سدود لدول المنبع إلا بموافقة دولتي المصب إلا أن الواقع يقول إن موقف البنك الدولي (رمادي) فحسب مستشار وزير الري المصري د. ضياء الدين القوصي أن تأكيد البنك الدولي امتناع البنك الدولي تمويل دول المنبع بشرط موافقة دولتي المصب مصر والسودان يدعو إلى التفاؤل للحيلولة دون قيام أي مشروعات بدول المنبع تحد وصول المياه لمصر ألا أنه يرى أن الخطورة تكمن في دول مانحة أخرى خارجية تعمل مع دول المنبع خارج إطار المبادرة مثل إسرائيل لكن هل تعويل المستشار المصري على تهديد إسرائيل بوقف مصر تصدير الغاز الطبيعي إليها كفيل بردعها أو تطويق الأزمة هذا ما ستكشفه الأيام خاصة إن إسرائيل وافقت على تمويل إنشاء 5 سدود بكل من تنزانيا ورواندا و(4) سدود بتنزانيا وسد ببوروندي *تضارب إلا أن تصريحات المسئولين المصريين تضاربت حول حقيقة الدور الإسرائيلي في أزمة دول حوض النيل ففي الوقت الذي قلل فيه وزير الري المصري د. محمد نصر الدين علام من تأثير زيارة ليبرمان لأفريقيا موضحا إن بلاده لا ترى أي تأثير لزيارة ليبرمان لبعض دول حوض النيل أوغندا إثيوبيا وكينيا على الأمن المائي لدول حوض النيل وأضاف أن التحركات التي يقوم بها ليبرمان ليس مقصود بها مصر وأمنها المائي *وثيقة إسرائيلية لكن الدور الإسرائيلي يكشف عن نفسه في أزمة دول الحوض خلال وثيقة أعدها تسيفي مزائيل سفير إسرائيل الأسبق في مصر التي دعت خلالها إلى تدويل النزاع بين دول منابع النيل السبع ودولتي المصب مصر والسودان وأشارت فيها احتكار مصر لمياه النيل وإهدار حقوق دول المنابع (يجافي الواقع) وفي الجانب السوداني يوضح د. صلاح يوسف رئيس الجانب السوداني للهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل ورئيس الجهاز الفني للموارد المائية بوزارة الري ل(لرائد) أن دول المنبع استشكلت بعدم وجود استخدامات لديها بمياه النيل وذكرت أنها مقيدة باتفاقيات قديمة ترى أنها لا تخدم مصالحها ولا ترضي طموحاتها ويقول إن برنامج كان قد بدأ في عام 1995 لإنفاذ مشروعات مشتركة متفق عليها بمبادرة دول حوض النيل ويؤكد أن دول الحوض خطت خطوات متقدمة تخدم الكل والسعي لإبرام اتفاقية ترضي الجميع لإحداث حراك في مشاريع نهر النيل ولكن ما تفسيره فيما طرأ على الساحة من رفض لدول المنبع لاتفاقية 1929 يقول إننا تعاونا على انجاز مشروعات في بناء القدرات وتبادل المعلومات والخبرات والربط الكهربائي بين السودان وإثيوبيا مثلا الذي اكتمل الآن بناء الخط في الجزء السوداني ومشروع درء الفيضان الذي سيكتمل إنفاذ المرحلة الأولى منه في شهر يونيو فضلا عن مشروع حماية أحواض المياه بكل من السودان ومصر وإثيوبيا بقيمة (33) مليون دولار بالإضافة لمشروعات تجارة الطاقة لإنشاء سدود كبرى في الدول الثلاث التي سبق ذكرها كل ذلك تم قبل الوصول لاتفاق تم قبل كسبا للوقت ويوضح أن نماذج هذه المشروعات بين دول الحوض يشير لروح (التعاون) التي سادت بينها وليس التنافس ويؤكد ما يتردد حاليا من صراعات بدول الحوض إعلاميا يجافي الواقع الذي ساده التعاون خلال ال(10) سنوات الماضية *قررت إيقاف التفاوض ويرى أن الدول السبع قررت إيقاف التفاوض بالرغم من أنها هي التي دعت لها السودان مصر ويقول صحيح أن هنالك بعض النقاط لم يحدث فيها تلاق إلا أنها نكصت لتقرر لجوءها لإبرام اتفاق بعيد عن دولتي المصب *حصة مصر وحول احتجاج دول المنبع لحصة مصر من مياه النيل يؤكد أن موقف مصر ايجابي في استجابتها لدعوة دول الحوض للتفاوض حول اتفاقية المياه وردا على آراء البعض حول اغتنام مصر لنصيب الأسد من مياه النيل يقول متى كانت (مصر ومتى جاء الآخرون)! ويرى أنه لابد من الوصول لمنطقة وسطى في حل مشكلة دول حوض النيل لفائدة الجميع ولكن ما الذي يتوقع من دولتي المصب في حالة تم بالفعل توقيع دول المنبع لاتفاقية يقول إن ذلك سيكون إخفاقا ينسحب على مجمل العلاقة بين دول المنبع والمصب ويقول الخبير بجامعة النيلين والمتخصص في قضايا مياه النيل سيف الإسلام بدوي بشير في تصريحات صحفية إن هناك الكثير من العقبات لأن الاتفاقيات التي أبرمت بين السودان ومصر ابتداء من عام 1922وحتى 1952 التي وقعت في فترات الاستعمار تتمتع بحصانة دولية لأنها أبرمت بإشراف دول عظمى مثل بريطانيا واستبعد أن تقبل مصر شأنها شأن السودان بأي تغييرات على الاتفاقيات السابقة ويشير إلى أن لمصر دورا كبيرا في عقد الكثير من الاتفاقيات والمساهمة في تطوير أنظمة انسياب تدفقات المياه التي أنشأتها في كل من أوغندا وإثيوبيا وكينيا والكونغو الديمقراطية ويؤكد أن بنية شبكة المياه المستدامة ربما تتأثر حال انفصال الجنوب بنسبة 90% "مما يجعل مستقبل اتفاقيات المياه ومبادرة حوض النيل بكافة رؤاها المستقبلية يدخل في نفق مظلم ليس من السهل الخروج منه. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 9/5/2010م