الاتهامات الجديدة التي تقودها بعض الحركات المسلحة في دارفور والموقعة على اتفاقيات سلام مع الحكومة، تتزامن مع موقف الأخيرة التي طالبت الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي بإنهاء وجود البعثة في البلاد، لأنها لم تضطلع بدورها في تسوية أوضاع مقاتلي الحركات السابقين. عماد عبد الهادي-الخرطوم تواجه بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام (يوناميد) في إقليم دارفور غربي السودان عاصفة جديدة من الانتقادات التي تقلل من دورها وبالتالي من أهميتها في الإقليم المضطرب منذ أكثر من عشر سنوات. وبدا أن كثيرا من أطراف المعادلة التي أوجدت البعثة قررت مجتمعة رفع وتيرة الاتهامات والنقد بغية التمكن أو -على الأقل- التأثير على متخذي القرار الدوليين بسحبها من البلاد في أقرب فرصة. وتزامنت الاتهامات الجديدة التي تقودها بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقيات سلام بينها وبين الحكومة، مع موقف الأخيرة التي طالبت الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي بإنهاء وجود البعثة في البلاد. وتتهم الحركات يوناميد بعدم الاضطلاع بدورها في تسوية أوضاع مقاتلي الحركات السابقين، وبممارسة تعطيل متعمد لعمليات نزع السلاح وتسريح وإعادة دمج المقاتلين السابقين. رفض الاتهامات ودفعت البعثة ذلك لتعرب عن قلقها من الاتهامات وتؤكد أنها تعمل وفق الدور الذي حددته وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم، مشيرة في بيان صادر عنها إلى أن مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج السودانية طلبت منها توسيع مساعدتها لتشمل تسريح جنود القوات المسلحة السودانية وقوات الدفاع الشعبي إضافة إلى المقاتلين السابقين الذين حددتهم اتفاقية أبوجا لعام 2006. ووفق البيان، فإن يوناميد بررت رفضها الطلب بأن دعم وتسريح جنود القوات المسلحة السودانية وقوات الدفاع الشعبي يعتبر تسريحا من الخدمة العسكرية لا تسريحا لقوات حركات مسلحة، وبالتالي يقع خارج نطاق ما نصت عليه وثيقة الدوحة. واتهمت هي الأخرى الحركات الموقعة على اتفاقيات سلام بأنها هي من تعطل عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، بسبب ما وصفته بالتلكؤ في تقديم التفاصيل المطلوبة حول جنودها. وقالت البعثة إنه رغم هذه العوائق العملياتية فإنها تمكنت من إكمال تسريح 534 من المقاتلين السابقين بنجاح تام خلال العام 2014، "وتعمل الآن مع المفوضية على تسريح حالات حركة التحرير والعدالة". اتفاق في المقابل أشارت مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج والتسريح إلى أن العدد الكلي للمقاتلين السابقين المستهدفين بالعملية ارتفع باتفاقيات دارفور والاتفاقيات الأخرى إلى نحو 165 ألف عنصر، وأن من يجب اتخاذ إجراءات بشأنهم في حدود 75 إلى 85 ألفا. وقال رئيس المفوضية الفريق صلاح الطيب للصحفيين "كان للبعثة فهم بأنها تستوعب مجموعات محددة دون الأخرى، وكرروا هذا الحديث أكثر من مرة". وأكد الطيب التوصل مع يوناميد على اتفاق حول كيفية معالجة المسائل "وتفهموا وضعنا، وبدورنا ملّكنا يوناميد الأسانيد القوية من اتفاقيات ما يسند رؤيتنا بعدم التمييز بين مقاتل وآخر أو مجموعة وأخرى حتى لا تكون ذات آثار مضرة". غير أن بخيت آدم ضحية عضو الهيئة القيادية في حزب التحرير والعدالة الموقع على اتفاقية الدوحة لسلام دارفور، فيصف حصيلة جهود يوناميد لتنفيذ ملف الترتيبات الأمنية في الاتفاقية "بالصفر الكبير". ويقول آدم ضحية للجزيرة نت إن يوناميد لم تبذل أي جهد لتطبيق الترتيبات الأمنية، ومنها عمليات إعادة الدمج والتسريح على أرض الواقع، "وكأن تفويضها في السودان يتعلق بأمر آخر غير سلام دارفور". من جانبه انتقد الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة (جناح دبجو) نهار عثمان نهار أداء يوناميد والحكومة والمانحين، مؤكدا أن العملية تواجه على أرض الواقع صعوبات حقيقية فنية ومالية على السواء. وأكد نهار للجزيرة نت أن الأموال المطلوبة لدفع العملية حسب الجداول المقررة "لم تتوفر، مما قد يعرقل عملية السلام وإعادة الاستقرار في الإقليم".