ما يجب أن يفهمه الجميع، وتلقنه الدولة عبر قيادتها وسلطاتها القانونية والأمنية لزعماء ونظار القبائل، سواء في دارفور أو الخرطوم أو الشمالية أو أية ولاية أخري من ولايات السودان، أنه ليست هناك أراض ملك لقبيلة، فالأرض ملك للدولة وفق ما نص عليه الدستور، أو لأفراد بموجب شهادات بحث (ملكية عين) ، و (منفعة) أو حيازات محددة ومحصورة.. ومعتمدة بموافقة وأختام السلطات المحلية.. أما القبائل فلا أراضي لها ممتدة علي الجغرافيا طولاً وعرضاً لشعرات الكيلومترات، لتفترض إداراتها الأهلية أنها تابعة لها بحكم التاريخ وقدم الاستيطان وسبق الأعمار للبوادي والجروف. وإذا لم تكن الدولة بسلطاتها المختلفة واضحة وحازمة وصريحة في نشر وتأكيد هذا المفهوم، بل وحمايته وردع كل متجاوز له، فإن بلادنا موعودة كل يوم بالمزيد من الحروبات والصراعات القبلية الدامية التي يروح ضحيتها من حين لآخر المئات من خيرة شباب هذه القبيلة أو تلك وهم أبناء هذا الوطن الكبير الذي ينتظر منهم الكثير لتنميته الزراعية والصناعية ونماء اقتصاده ورفاهية شعبه. السكوت عن الحقائق، وترضية هؤلاء وأولئك، والركون إلي معالجات وتدخلات منسوبي القبائل المتنازعة المتنفذين داخل السلطة، يفاقم الأزمات ويولد المزيد من التوترات المهددة لأمن واستقرار السودان، وما حدث ويحدث في دارفور وغرب كردفان كل شهرين وثلاثة ما هو إلا أكبر دليل علي استجابة الدولة لما يقدمه زعماء تلك القبائل من (مسكنات) للمرض المزمن، وسرعان ما تتجدد الأعراض فيموت الناس ويتشرد الآلاف. إن أفضل ما قررته قيادة الدولة خلال السنوات الأخيرة هو رجوعها لما كان سائداً ي سني (الإنقاذ) الأولي بتعيينها لولاة الولايات من خارج أبنائها، علاجاً ووقاية من أدواء (القبلية) المنتنة التي ضربت نسيج السودان الاجتماعي الواحد، وكادت أن تفتك به وتحليه إلي (دويلات) تحكمها (بطون) قبائل، بعد أن كان في العام 1956م سوداناً واحداً من "حلفا" إلي "نمولي" .. مليون ميل مربع ب(9) مديريات فقط، لا مكان فيها لنفوذ قبيلة أو عرق أو جهة. لا تستهينوا بمستصغر الشرر.. واخمدوا هذه النيران المتفرقة عاجلاً غير آجل وبالحسم الواجب والمطلوب، حتي لا يعم الحريق فيقض علي ما تبقي من سوداننا بعد أن ذهب (جنوبنا) الحبيب إلي محرقة لم تبق ولم تذر. نقلا عن صحيفة المجهر 29/7/2015م