عندما هبت رياح الربيع العربي قبل سنوات علي عدد من البلدان العربية، ظن البعض أنها ستنتقل إلي السودان، بينما كان آخرون يراهنون علي أن الشعب السوداني معلم الشعوب العربية والأفريقية في الثورات، وصاحب أقدم ثورتين في أكتوبر من العام 1964م وأبريل سنة 1985م. وبالتالي هو من يقرر زمان ثورته دون أن يحاكي شعباً من الشعوب وقد أثبتت الأيام أن الشعب أوعي من تلك الشعوب التي أصبحت في وضع طوفت فيه الآفاق حتي رضيت من الغنيمة بالإياب كما يقول المتنبي، لكن ذلك الإياب المنشود إلي أوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي سبقت الربيع العربي تمنع عليها كثيراً إن لم يكن قد استحال إلا من بعض الاستثناء لتونس التي كانت بلد المنشأ ولم تكون مجرد مستورد للربيع العربي، وحتي الاسم نفسه (الربيع) تبين فيما بعد أنه مستورد من عبارة أطلقها الغرب علي أحداث وقعت في البلقان وأقاليم أخري. أما الحزب الحاكم في السودان يومها بموجب انتخابات سبقت الربيع العربي في أبريل من العام 2010م، فقد استمر في السلطة وقابل صعوبات جمة أعقبت انفصال الجنوب فقاوم تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كافة في ظروف كان يتربص فيها بالسودان عسكرياً ودبلوماسياً حتي أثبتت جهود الحكومة بكل شركائها إن السودان قادر للحفاظ علي كينونته ووحدة أراضية وتسيير دفة اقتصاده ولو انفصل الجنوب وأوقف ضخ نقطه أو امتنع عن سداد استحقاقات معالجة وعبور النفط أو أكثر من ذلك لو دعم الحركات المسلحة ضد الخرطوم أو أعتدي علي بعض مناطق السودان بجيشه وعتاده. ثم تجاوز الوطني محاولات المعارضة في إشغال الشارع في سبتمبر 2013م ليطرح من جديد مبادرة الحوار الوطني التي استطاع أن يجدد بها طرحه السياسي لمعالجة قضايا الوطن، ويجر بها القوي السياسية لتصطف خلفه في مبادرته تلك التي سحبت منها البساط سواء استمرت أو تعطلت أو تأخرت فلا حديث يعلو عليها في المشهد السياسي السوداني حتي بعد قيام الانتخابات العامة. نقلا عن صحيفة الرأي العام 10/8/2015م