بينما لا تزال مخيلة الرجل الأبيض الذي تمارس عليه وسائل الإعلام الغربية العملاقة في إسلوب الانتقاء التنميطي في بث وتغطية وتناول الأحداث والقضايا الدولية، لا تزال مخيلته عالقة فيها صورة دارفور الوحشية التي ضخمتها الآلة الإعلامية وواجهات مخابراته من منظمات حقوق إنسان أو مراكز دراسات مموهة تعمل على تشكيل الرأي العام الدولي عبر دراسات جوفاء، فأن ما يجري في الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً من مشكلات تزهق فيها الأرواح يفوق التصور، وقد أوردت التقارير المضخمة في أوج القتال بين الحكومة والمتمردين في دارفور إن هناك نحو مائة ألف قتيل في الحرب، كانت الإحصاءات تشير إلى رقم يقل عن عشرة في المائة من هذا التضخيم، وبينما ظلت الولاياتالمتحدةالأمريكية عقب أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر سنة 2001م تقيم الدنيا وتجيش الجيوش وترسلها وتغذوا الدول وتحتلها وتفرض العقوبات على الحكومات و الأفراد وتنفق عشرات المليارات من الدولارات على محاربة الإرهاب وفقاً لمفهومها له فإن الحقيقة المرة التي لا تقوى السياسة الخارجية الأمريكية على مواجهتها هي ان جميع ضحايا الإرهاب ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية لم يتجاوزوا ال75 شخص بينما، ضحايا حالات إطلاق النار سواءاً في المدارس والجامعات بين الطلاب او بين الجنود في ثكناتهم او في الطرقات فاقوا المائة وخمسين ألف من المواطنين الامريكيين ولم يقو احد على إطلاق لفظة إرهاب على مثل هذه الحوادث، ولا يزال الرئيس الأمريكي باراك أوباما يقر بواقع مؤسف في عدم فعل شئ لمنع تقييد حيازة السلاح بين الأمريكيين مع أنهم أعظم دولة في العالم وقد تحدث عن ذلك في أغسطس الحالي وحتى التغطية الإعلامية الأمريكية لهذه الحوادث التي تحصد الآلاف لا تتجاوز القنوات محدودة البث والرسالة بحيث لم تتحول إلى قضية رأي عام على المستوى الفدرالي رغم حساسيتها، فشركات الكيبل التي تقدم خدمة باقة من القنوات الفضائية للمتلقي بما فيها المشفرة لقاء مبلغ شهري تعتبر وسيلة أخرى من وسائل التشكيل والسيطرة على مخيلة المواطن الأمريكي خاصة في السياسة الخارجية الأمريكية والأحداث الدولية والقضايا الفدرالية التي تقف خلفها مجموعة ضغط. حاشية : دعونا نتساءل أيهما أأمن اليوم دارفور أم الولاياتالمتحدةالأمريكية من حيث عدد القتلى بفعل الصراع المسلح بين الحركات المسلحة والحكومة والصراعات القبلية؟ وماذا كان الحسبان الرئيسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية الديمقراطي والجمهوري قد تقدما بمشروع قانون إلى الكونغرس لتقييد بيع السلاح الشخصي بمن فيهم أصحاب العلة العقلية وتلاميذ المدارس وأصحاب الجنح والسوابق ولم يفلحا، فما بالك بالوضع في دارفور أليست بآمن منه هناك؟ على الأقل السلاح لا يحصل عليه أصحاب الأمراض العقلية فقد تعافت دارفور من التمرد فدعوها تتعافى من الصراعات الأهلية بالتنمية وغياب التدخلات الخارجية. نقلا عن صحيفة الرأي العام 24/8/2015م