* مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر العام للحوار الوطني السبت القادم وهو العاشر من أكتوبر الجاري لازلت على قناعتي التامة بأن لا مخرج للبلاد من أزماتها المتعددة غير الحوار الوطني الجامع الذي لا يستثني أحداً، حوار يتداعي لهذا الحوار. دعا الرئيس لاجتماع كبير وموسع ليتحدث جميع ألوان الطيف السياسي ليس عن الأفكار وإنما عن الأعمال ووضع خطة عمل .. أو خارطة طريق لإنفاذ عملية الحوار.. * أقول ذلك وفي مخيلتي حديث البشير المتكرر وهو يشدد على هذا الأمر وأكد حرصه في أن يستمر العمل من أجل إنجاح عملية الحوار وإيصالها إلى غاياتها. * الحوار الوطني – سادتي – تكتمل فصوله بالجدية والتجرد والصدق والإخلاص وأن نبعدها عن ساحة المناورات والمؤامرات والمرارات التي تعودنا أن نمارسها بإصرار ومثابرة في كل أمر سياسي.. فالوضع المتأزم في البلاد يحتاج لقرارات قوية وربما قاسية تغير النهج المتبع في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتصاعدة ولا تكفي مجرد التصريحات التي يغلب عليها التمني أكثر من الإدارة والعزم لمعالجة هذه الأوضاع. الرئيس البشير قال ذات مرة، إن دعوة الحزب للحوار ليست من ضعف، وإنما لإيجاد مخرج للأحزاب لممارسة نشاطها، وظل الرئيس يشدد على أن الحكومة مع الحريات المسؤولة، بل دعا الاحزاب والقوى السياسية مراراً وتكراراً لممارسة نشاطها بحرية، ولكن وللأسف لا يبدو ذلك ماثلاً على أرض الواقع. وحديث الرئيس البشير ودعوته للأحزاب تلك لن يتأتي إلا بتهيئة الأجوار السياسية إزالة كل ما سيعيق الحوار. لذا ما ينتظره الشارع السياسي الآن من رئيس الجمهورية هو أن يقذف الكرة (مرة أخرى) في ملعب المعارضة وينظف الملعب السياسي بتهيئة مناخ الحوار الوطني توطئة لممارسة سياسية شريفة وذلك بإعلانه وقبل بدء جلسات الجمعية العمومية ل(متطلبات الحوار)، أي فك القيود عن حرية التعبير للأحزاب السياسية والإعلام، والعفو العام، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وفي المقابل فالشارع ينتظر كذلك من أحزاب المعارضة وخاصة الأحزاب الرافضة للحوار ترك (شططها) وتجلس (القرفصاء) للتواضع مع الجميع من أجل هذا الوطن. بعدها يدعو رئيس الجمهورية للقاء جامع ليجب ما سبقه من لقاءات سابقة لم تورث الحوار غير مزيد وهن وسبات عميق. * قد يتخوف البعض خاصة (الأحزاب الملدوغة) حوارياً من عدم وجود ضمانات لإنفاذ مخرجات اللقاء القادم عطفاً على تجارب سابقة. * لكن قبل الاسترسال في البحث عن هذه الضمانات دعونا نحدد ثقة بعضنا في البعض ولتكن الثقة المتبادلة بين كل الفرقاء هي الضامن الحقيقي لذلك، وعلينا تناسي جراح الماضي واستحضار الوضع الاقتصادي المتردي وحالة العزلة المفروضة على السودان وتمدد الصراعات والحروب الأهلية في نصف مساحة الوطن تقريباً. فالجوار بغير حماية ولا التزام بالمخرجات هو حرث في بحر، إذا حماية أجندة هذا الحوار والالتزام بمخرجاته يجب أن تتعهد بهما أعلي سلطة سياسية وتنفيذية وهي رئيس الجمهورية، باعتبار أن الحوار مرتبط في جوهره بسلطات الدولة وتكوينها. سادتي .. افعلوها هذه المرة من أجل هذا الوطن الذي جعلتمونا نقف على أطلاله ومن أجل هذا المواطن الذي لم يبق في وجهه مزعة لحم حياء وأسفاً على ممارسات سياسية هي أبعد ما تكون من الرشد والنضج السياسي. نقلا ًعن صحيفة الصيحة 2015/10/7م