حتي وقت قريب كان يشكك الكثيرون حول جدية الحكومة في مبادرة الحوار الوطني التي طرحها الرئيس عمر البشير قبل ما يقارب العامين، كان تشكيك القوي السياسية هو سيد الموقف وكانت الحجة الحاضرة أن تلك المبادرة ما هي إلا مجرد مناورة من الحزب الحاكم لكسب الوقت وقيام الانتخابات، بيد أن تلك التأويلات لم تعد صالحة اليوم بعد أن شهدت قاعة الصداقة بالخرطوم أمس انطلاق فعاليات مؤتمر الحوار الوطني بجلسة افتتاحية وجلسات مداولات أولية أعربت فيها التيارات السياسية والشخصيات القومية المشاركة في الحوار الوطني عن ما ترجوه من الحوار والقضايا التي تراها ملحة وذات حساسية وأولوية . لقد نقلت الإذاعات والقنوات الفضائية السودانية الرئيسية فعاليات تلك الجلسات ومداولاتها علي الهواء مباشرة لحظة بلحظة لم يعتورها إلا الخلل الفني في نقل الصوت الذي تخلل بعض الكلمات، وهذا مؤشر مهم لمدي الشفافية في الطرح وإتاحة الفرصة لكل الشعب السوداني صاحب الحق الأصيل ليقف علي واقع الممارسة الحزبية لهذه القوي السياسية وأدائها في الحوار وليكون شاهداً وضامناً لعملية الحوار ومخرجاتها، ولو كنت القائم علي أمر لجنة الإعلام بالمؤتمر لأنشأت قناة فضائية وإذاعة وموقعاً إلكترونياً خاصة بالحوار الوطني تنقل كل فعالياته في بث مباشر للفعاليات مع ساعات بث بالإنجليزية والفرنسية وترجمة تحريرية لكل تلك المداولات لتكون علي موقع الحوار الوطني علي الانترنت في غضون ثلاث ساعات من كل جلسة، وبرامج حوارية واستضافات لكافة الآراء والمحللين واستنطاق حتي أولئك الذين رفضوا الالتحاق بالحوار لأخذ آراءهم التفصيلية وردود القوي المتحاورة عليها ليكون الإعلام ليس مجرد ناقل للحوار وإنما وسيلة مكملة له. أن دور الإعلام يتضاعف بعد بداية الحوار، لأنه الوسيلة الوحيدة التي ستجعل الشعب السوداني مشاركاً في الحوار الوطني أو بعيداً عنه. حاشية: لقد سمعنا مداخلات من مختلف ممثلي الأحزاب والحركات المشاركة ورموز المجتمع المدني بكل وضوح وصراحة دونما مجاملة أو مواربة، في جلسة في حلقة دائرية يتساوي فيها الجميع، أتيحت فيها الفرص لكل الأحزاب والحركات بغض النظر عن حجمها السياسي فهي ذات وجهة نظر يجب الاستماع إليها، فالديمقراطية لا تعني تجاوز حقوق أحد حتي لو كان صاحب أقلية. لقد استمع رئيس الجمهورية في صبر غير مسبوق من رئيس نهار اليوم كله لتلك المداخلات في جلسة ترأسها بنفسه وقال فيها القائلون كل ما يريدون دون أن يرد علي أحد أو يتحفظ علي حديثه حتي أولئك الذين نادوا بأن يستقبل من رئاسة حربه أو الذين تبنوا رؤية تتقارب مع رؤية الأحزاب الرافضة التي تبحث عن رعاية خارجية للحوار، ما يعني أن سعة الصدر واحترام الرأي الآخر هي التي ستسود الموقف. لقد انتقل الحوار من الحوار حول عملية الحوار إلي الحوار حول قضايا الوطن التفصيلية، لذا فليلعب الإعلام دوره في الانتقال بالحديث إلي وجهات النظر حول مفردات القضايا الست التي يشملها الحوار والتي تتداول حولها اللجان المتخصصة ابتداء من صباح اليوم. نقلا عن صحيفة الرأي العام 11/10/2015م