كان حال الأحزاب السودانية وتحالفاتها حتى قبل شهور معدودة من انطلاق الحوار الوطني يمكن أن يجسد بعبارة (كل حزب بما لديهم فرحون)، تحالف لأحزاب المعارضة يترأسه فاروق أبو عيسى وعلي محمود حسنين قيم هنا وهناك تارة توافق له بعض العواصم المجاورة على إقامة اجتماعاته المعلنة وأحياناً تكتفي بالسماح بالسرية منها فقط، وتحالف آخر يتزعمه قطاع الشمال والتوم هجو ونصر الدين المهدي دون حزبي الاتحادي الأصل والأمة القومي ومن ورائها حلف عسكري من حركات دارفور يسمى الجبهة الثورية، حزب الأمة القومي كان في منطقة رمادية، فجاء الحوار ولم يقو حزب على رفضه لكن كل يتفنن في التهرب منه، فكانت أحزاب المعارضة تعيد ترتيب نفسها داخل آلية الحوار الوطني المسماة (7+7) وحين تمضي في وضع اشتراطاتها بأن تلتزم الحكومة بشرطين : تأجيل قيام الانتخابات في موعدها المعلن وضمان قيام حكومة انتقالية، وبعد أن تحزم الأحزاب تلك أمرها بعد خروج الصادق المهدي الذي أخذ معه مواقف حزب الأمة إلى مهجعه في القاهرة أو العواصم التي زارها ووقع على وثائق سميت باسمائها في إعلان باريس ثم أديس أبابا، كانت الاستجابة الكبيرة لنداء رئيس الجمهورية للحوار المجتمعي بمثابة الإنذار من أن كل فراغ تتركه الأحزاب في حوارها ستسده الشرائح المجتمعية وتنظيمات المجتمع المدني الأخرى، فتكون بذلك قد ردت إلى الشعب بضاعته وسيزداد الحوار المجتمعي كيلا، ثم تباعدت المواقف السياسية من جديد، وخرجت بعض أحزاب المعارضة التي كانت داخل الآلية مثل الإصلاح الآن عجلى، ثم أ×ذ الحوار يسري، وبدأ موسم هجرة قادة فصائل الحركات المسلحة، وبعض الأحزاب الأيدلوجية التي تعلن أنها تقاطع الحوار بعثت ببعض منسوبيها في الحركات المتمردة وبمسميات لتلك الحركات تفصح ع فكر ذلك الحزب ومنهجه في التغيير الثوري. أما على صعيد المعارضة الخارجية فقد تباينت مواقف قادة من سموا أنفسهم بالجبهة الثورية وملأت ملاسناتهم الفضاء الاسفيري بما قبح من القول واستهجن من التعصب والجهوية ونشر غسيل بعضهم البعض، فاتضح من الذي كان يصنع الجبهة الثورية ويستجلب لها التمويل من أمريكا واوروبا، وأي حزب كان يوفر لها دبلوماسية العلاقات العامة من خلال مكاتبه المنتشرة في عدة بلدان، لقد أصبحت الجبهة جبهتين، احتفظت واحدة بالاسم وقررت الثانية تغييره. حاشية : بعد مضي شهر على انطلاق الحوار الوطني على هيئة لجان، وبعد أن تأكد للكثير من القوى السياسية أن في الامر جدية وأن ما يفضي إليه قد يمثل نقطة فاصلة ومرجعية في تاريخ السودان السياسي، ستسعى إلى لعب دور فيه حتى لو حافظت على موقفها من مقاطعته وذلك بطرح رؤاها أو رؤى قادتها ومفكريها على الرأي العام حول القضايا التي يناقشها الحوار الوطني، واذا ما وجد ما تنشره نصيبه من النقاش في اجتماعات اللجان فسوف يزيح عنها ذلك الترحيب بافكارها الحرج في المقاطعة فتلين مواقفها. اخذ الكل يترقب مآلات الحوار ولا يريد أن يجد نفسه خارج مشهد الفعل السياسي عقب نهاية الحوار الوطني، لكن الكل يتساءل هل إلى ذلك من سبيل؟ نقلاً عن صحيفة الرأي العام 9/11/2015م