لكل الذين لا يفهمون هنا وهناك أن العلاقات الشعبية ما بين مصر والسودان خطوط حمراء لا تقبل المزايدة أو إشعال النيران المتعمدة في ذلك النسيج الاجتماعي الواحد الذي أكاد أجزم بأن هناك أياد خفية خارجية تخطط بعناية لضرب أسافين ما بين الشعبين لشقيقين وأن تلك الأيادي الخفية لن يهدأ لها بال إلا بعد أن يصيب مصر والسودان ما أصاب العراق وسوريا وليبيا واليمن من اضطرابات وعدم استقرار أدى إلى تلك التدخلات الخارجية بعد أن أصبحت تلك الدول الشقيقة مسرحاً للصراعات الدولية، وعبر التاريخ الطويل لم تتأثر العلاقات الشعبية في مصر والسودان بالخلافات السياسية الرسمية، وحتى حينما اتهمت مصر السودان في الضلوع في محاولة اغتيال الرئيس مبارك (بأديس أبابا) عام 1995م لم تغلق الحدود ولم يتوقف الطيران ولم يتأثر أي سوداني يعيش في مصر بتداعيات كانت محتملة بعد الاتهامات، بل ظل كل أهل السودان الذين تجاوز عددهم السبعة ملايين مواطناً يعيشون معززين مكرمين في وطنهم الثاني من أسوان وحتى الإسكندرية كما أن كل المصريين في جنوب الوادي هم في وطنهم دون أدنى تفرقة أو عداوة، والمعروف أن هناك جبهات أجنبية تقف من وراء المعارضين للحكومة المصرية يخططون لخلق فوضى في البلدين في محاولات يائسة لإشعال فتنة ما بين الشعبين الشقيقين، والعقلاء والحكماء هنا وهناك سيقفون سداً منيعاً لتفويت الفرصة الخبيثة التي لا يمكن لها أن تنجح في مقاصدها وأهدافها الشريرة في وادي النيل، ونحن نقول ذلك ونعلم علم اليقين بأن هناك من الإعلاميين المصريين غير المدركين لخطورة السير في اتجاه التصعيد ضد بلادنا والإساءة لشعبنا، وهم قلة تبحث عن الشهرة ولو كانت على جماجم الأبرياء.فالإعلام الوطني هنا وهناك يتحمل مسؤولية تهدئة الأوضاع إلى أن ينتهي التحقيق في الاتهامات الموجهة ضد أفراد من الأمن المصري الذي تعدى على المواطنين السودانيين هناك، والمعروف بعد سقوط نظام الرئيس مبارك ظهر لأول مرة الانفلات الأمني في مصر، خاصة بعد فض اعتصام ميدان رابعة العدوية وإلى أن ينتهي التحقيق يجف ألا نتعامل مع تلك الأحداث الفردية بردود الفعل السالبة، فالمخطط والفتنة التي أعدت لها جبهات خارجية أكبر بكثير مما نتصور باعتبار أن وادي النيل هو المنطقة الأكثر استقرارا في العالم العربي وهو رأس الرمح في مواجهة كل التدخلات الخارجية في الشؤون العربية الداخلية، وعموماً وبعيداً عن العواطف الجياشة التي تجمعنا بأشقائنا في مصر فإن مصالحنا المشتركة والعمق الاستراتيجي الأمني هنا وهناك بجانب تلك الحريات الأربعة التي نحن بصددها والتعاون الاقتصادي الذي يفضي إلى تكامل وفتح الحدود بين البلدين الشقيقين يجعلنا كلانا أكثر حرصاً على تجاوز تلك الأزمات العارضة وتفويت الفرصة التآمرية على بلدينا بلقاء عاجل رئاسي يجمع الرئيس السيسي بالرئيس البشير كرسالة قوية لكل العالم تضع حداً نهائياً لأي مخططات خبيثة تستهدف وادي النيل العظيم. نقلاً عن صحيفة التيار 22/11/2015م