مدخلنا إلى كلمة «حوار» تلكم الكلمة الطيبة ذات الدلالات والمعاني العميقة، التي ترتاح لها النفس البشرية.. ذات الكلمة التي بدأ بها الله جل جلاله خالق السموات والأرض، خالق القلم وهو أجل مخلوقاته، مرسل أمين الوحي جبريا عليه السلام إلى نبي الرحمة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وقال له في محكم تنزيله «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ٭ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ...الخ».. إنه «حوار».. ثم كلم الله جل وعلا سيدنا موسى وناجاه.. إنه حوار.. إذن الحوار أولاً وأخيراً بداية وخاتمة المطاف. أن يجلس المجتمع السوداني بمختلف أحزابه المعارضة وغير المعارضة وطوائفه وأثنياته وحركاته المسلحة التي وقعت على السلام وغير الموقعة إلى الحوار.. إنه أمر في غاية الأهمية وطرح عقلاني ومنطقي يجد الرضا والقبول. وأن يحدد مسار للحوار وسقف زمني وأهداف إنه لتوفيق منقطع النظير وهبة من رب العالمين.. وأن يستجيب الناس إلى الحوار وتوطينه بالداخل.. إنه أمر غير مسبوق في دول العالم الثالث التي تعاني شللاً واضطراباً كبيرين في نظم الحكم ومشكلات عضال تستهدف الوطن سياسياً واجتماعياً واقتصادياً بطرق مختلفة عبر بعض المنظمات الأجنبية والوطنية وبعض المؤسسات الحزبية وبعض دول الجوار وكلٌ ينشد ليلاه من أجل تحقيق مكاسب ذاتية لا تمد بمصلحة للسودان وأهل السودان.إن انطلاقة الحوار الوطني بدعوة من السيد/ رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير استجاب لها الوطنيون الوحدويون وأم شطر الوطن أبناؤه الخلص الحادبون على وحدته وسلامة أرضه وشعبه بغرض إكمال اللوحة.. لوحة السلام ورسم خارطة طريق برؤى توافقية يتراضى عليها الجميع ويهتدي بها لمصلحة البلاد والعباد.. ومن أجل الحياة الكريمة والمواطنة وإنشاء دولة القانون والمؤسسات التي يتساوى فيها كل أبناء الوطن بمختلف تنوعهم السياسي وعاداتهم وتقاليدهم وطوائفهم وأثنياتهم وأن يجد كل واحد منهم مبتغاه وحقه ومرتجاه في ظل عدالة قانونية ناجزة لا تضيع الحقوق وتحاسب على الواجبات مع الاحتفاظ بالإرث التاريخي للجميع. الحوار.. أعاد الثقة للنفوس وطيبها وشكل جواً مفعماً بالحيوية والنشاط وإحساساً بالأمل المشرق وأصبح بمثابة الشعاع في آخر النفق والذي لولاه لدخلت البلاد في الجحيم والهلاك. الحوار هو كلمة الحق والخلاص وصمام الأمان في الزمن الإضافي بأن يكون السودان أو لا يكون. ولا بد لي أن أذكر هنا موقفاً عندما توفي نبي الرحمة سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) وكان الموقف عصياً على الجميع وأصيب الناس بالذهول والنواح حتى قال سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه لصد الناس عن حالة الحزن والأسى والإحباط «من قال إن محمداً قد مات لقطعت رأسه.. شاهراً سيفه).. وسبحان منزل الحق.. خرج سيدنا أبوبكر الصديق وتلى آيات من القرآن.. قال تعالى: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ...» صدق الله العظيم.. فظهر الحق وعاد الجميع إلى رشدهم.. فوجه الشبه هنا كلمة «الحوار» والتي سوف يعود أهل السودان عبرها إلى رشدهم ويتوافقون ويتراضون على كلمة سواء من أجل السودان. كل ما ننشده التوافق والتراضي على ما تفضي إليه وثيقة الحوار من أجل الوطن الواحد، وفي ذلك اليوم نأمل أن يكون أهل السودان فوق الحزبية والمناطقية والجهوية والطائفية.. نريدهم أن يقولوا كما قال الرعيل الأول عند الاستقلال «لا حكومة اليوم ولا معارضة وإنما السودان للجميع».. أو كما قال الشاعر: «إن التحزب سم فاجعلوا يا قوم منكم لهذا السم ترياقا».. ترياق هذا الزمان لأمة السودان الحوار.. حوار بناء شفاف منطقي عقلاني لا يتجاوز شخصاً من أجل السودان، مستقبل السودان، وحدة السودان وتاريخ السودان. أحبتي حتى لا يولد الحوار ميتاً.. لا بد من أن يتدارك الجميع حكومة ومعارضة وشعباً مكامن الخلل وسد الذرائع والفتن قبل فوات الأوان.. وعبر مخرجات الحوار التي تشكل الأرضية الثابتة وتهيئة المناخ لقيام دولة المؤسسات والمواطنة والقانون حتى تنتفي كل الظواهر السالبة مثل «القبلية، المناطقية، الجهوية والطائفية» التي تقدح وتنخر في وحدة وسلامة الوطن الذي مرض كثيراً ولكنه بعزم أبنائه بمختلف تنوعهم السياسي والديني والطائفي والإثني ما زال صامداً ومتمسكاً بالوحدة بالرغم من أن هذه الأمراض تصيب العالم بقاراته ودوله وشعوبه وتقودهم إلى التشرذم والانقسام بدلاً من الوحدة والتماسك.. نحن أمة مزيج بين العربية والأفريقية كونت هذه السحنة واللحمة السودانية الفريدة.. في أمس الحاجة الى إدارة التنوع بالطريقة التي تحفظ الحقوق وتقرها.. فالنظر إلى العالم حولنا تجاوز هذه المعضلات وقفز إلى الوحدة وممساكتها وحقق التنمية والازدهار والتطور والنماء.. فمتى نكون نحن وشعارنا أمة السودان الوطن الواحد.. ومن هنا يجب مراعاة الآتي حتى تتشكل قاعدة قوية صلبة تنطلق منها أمة السودان عبر وثيقة الحوار» - شحذ الهمم تجاه قضايا الوحدة والسلام والتنمية والبناء والتطور. - النظرة التفاعلية من الجميع ودعمهم لنهج الحوار كمبدأ لتكييف وبلورة قضايا الوطن. - مشاركة الجميع في مخرجات الحوار حتى لا يكون مغلقاً عبر تحديد الاتصال بكل الرموز الوطنية والمعارضة لمشاركتهم وإبداء آرائهم بالداخل والخارج في مخرجات الحوار قبل إعلان وثيقة الحوار. نقلا عن صحيفة آخر لحظة 7/2/2016م