فاروقُ أبوعيسى الساقطُ في الانتخاباتِ يصرُّ على العملِ المعارضِ حتى وهو خارجُ اللعبةِ السّياسيةِ إمّا بحكمِ السّنِ أو بحكمِ الفشلِ السّياسي والسّقوطِ المريعِ في الانتخاباتِ الأخيرةِ.. المعروفُ أن الرجلَ لم يدخلْ البرلمانَ أو أيَّ مجلسِ تشريعي عبرَ انتخابٍ حرٍ مباشرٍ؟!.. من خلالِ ما يُسمَّى بقوى الإجماعِ الوطني، يقولُ أبوعيسى إنَّه عازمٌ على تنفيذِ خطةِ تقومُ على تعبئةِ الجماهيرِ والخروجِ في مواكبٍ سياسيةٍ لرفضِ الانتخاباتِ الأخيرةِ؟!.. أبوعيسى هدد من قبل بأنَّ الانتخاباتِ ليستْ آخرَ المعاركِ؟!.. هذا الرّجلُ المسن خرجَ في مظاهراتِ الجمعيةِ التشريعيةِ سنة 1947م وما زال يزعم في عامِ 2010 بأنه يستعدُ لمعركةٍ قادمةٍ؟!.. أبوعيسى 85 سنة زميلُ الرئيسِ نميري في حنتوب وعضو اللجنةِ المركزية للحزب الشّيوعي وأمينُ التّجمعِ المتلاشي، غضبَ جداً من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عندما صرَّح لصالح المفوضية القومية للانتخابات واصفاً إياه ب "الرئيس العجوز"، وكأنَّما هو شابٌ في مقتبلِ العمرِ لم تتلوَّثُ حياتُه السياسيةُ بخسرانٍ مبينٍ.. مِنْ خلالِ موقِعهِ في اتحادِ المحامين العرب، ظل يكيل للسودان في كل محفل دولي أو إقليمي تيسَّر له مخاطبتُه.. إبَّان محاولة اغتيال الرئيس المصري الفاشلة، جمع أبوعيسى مجموعةً من المعارضين الذين تسكَّعُوا حيناً من الدهر في القاهرة، وقابل الرئيس مبارك وقيل خاطبه بلهجة مصرية مستنكراً (تورط) السودان في الحادث؟!. أبوعيسى عرَّابُ دكتاتورية مايو الأول ووزيرُ العدل في حكوماتها، حاول التملّص أو التخفيف من علاقاته بالحزب الشيوعي، عندما ذكر في حوار له مع قناة النيل الأزرق قائلا: "لا أذكر شخصاً بعينه جنَّدني، لكنها مجموعةُ أحداثٍ حشرتني حشراً لأكون في الحزب الشيوعي"!!.. رغم الانتماء الشيوعي نجد الرجل ارستقراطياً حتى النّخاع، رغم فكر الحزب الذي يدعو إلى دكتاتورية البوريتاريا والطبقة العاملة. نقول للخاسر فاروق أبوعيسى ولكل زمرة الخاسرين، لا مجال لممارسة عملٍ معارضٍ خارج قبة البرلمان، هذا هو المنطق وهذه هي قواعد اللعبة الديمقراطية.. الذين فازوا ولم يتمكنوا من تشكيل أغلبية هم وحدهم الذين يمثلون المعارضة ويتمتعون بكل ما يترتب على ذلك استحقاقات كفلها العمل البرلماني المحترف.. نهدي أبوعيسى وزمرته قول الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز 1588 – 1679، وهو من أهم واضعي النظريات السياسية الحديثة، أن الدولة في حالة الطبيعة، أي في حالة فوضوية دون حكومة، ستكون "حمقاء، بهيمية" وعليه وجب على النَّاس الإدراك بأنَّ وجود الحكم ضروري وأن الدولة حالة حتمية لحمايتهم من توجهاتهم الموروثة نحو التدمير الذاتي.. كيانات سياسية وحزبية تحولت في فعلها السياسي إلى قبائل جاهلية غارقة في السلوكيات الهمجية، ولم تستطع النخبُ السياسية المعارضة أن تحترف فن المعارضة. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 24/5/2010م