عائشة الماجدي تكتب: (جودات)    اشادة من وزارة الخارجية بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش    القوات المسلحة تصدر بيانا يفند أكاذيب المليشيا بالفاشر    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الجيش السوداني يتصدى لهجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    مياسم يدعم والقطاع الرياضي يشكر    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في الخداع    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    مخرجو السينما المصرية    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص خطاب الرئيس السوداني المنتخب امام الهيئة التشريعية السودانية
نشر في سودان سفاري يوم 27 - 05 - 2010


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الحكم العدل ، ذى القوة المتين.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة ، محمدٍ النبيَّ الأمين ، وعلى سائر أنبياء الله والمرسلين.
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا.
الأخوةُ رؤساءُ الدول الذين شرفونا بالحضورِ الكريمْ..
فخامةَ الأخِ الصديقْ بينقو موساريكا رئيسَ جمهورية ملاوى رئيس الاتحاد الأفريقى..
فخامةَ الأخِ الصديقْ إدريس دبى رئيسَ جمهورية تشاد الشقيقة..
فخامةَ الأخِ الصديقْ مليس زيناوى رئيسَ وزراء جمهورية اثيوبيا الفيدرالية..
فخامةَ الأخِ الصديقْ اسياسى افورقى رئيسَ دولة ارتريا الشقيقة..
فخامةَ الأخِ الصديقْ إسماعيل عمر قيلى رئيسَ جمهورية جيبوتى..
فخامةَ الأخِ الصديقْ الجنرال فرانسوا بوزيزيه رئيسَ جمهورية افريقيا الوسطى الشقيقة..
فخامةَ الأخِ الصديقْ محمد ولد عبدالعزيز رئيسَ الجمهورية المورتانية الاسلامية..
الأخِ الصديقْ دانيال ارب موى رئيس جمهورية كينيا السابق..
الأخِ الصديقْ اولسجون اوباسانجو رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية السابق..
الأخِ الصديقْ ستيفن كالونزو مسيوكا نائب رئيس جمهورية كينيا الشقيقة..
الأخِ المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع ممثل رئيس جمهورية مصر الشقيقة..
الأخ اللواء أبوبكر جابر يونس ممثل الأخ قائد ثورة الفاتح من سبتمبر الليبية..
صاحب السمو الشيخ حمد بن ناصر آل ثانى ممثل أمير دولة قطر..
الأخ كولن شابانى ممثل فخامة رئيس جمهورية جنوب افريقيا..
الأخِ الصديقْ تشن تشو ممثل الرئيس الصينى..
الأخ اللواء جبريل الرجوب ممثل فخامة رئيس دولة فلسطين..
الأخوةُ ممثلو الدولِ الشقيقةِ والصديقةْ..
الأخوةُ ممثلو المنظماتِ الدولية والاقليمية..
الأخُ رئيسُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
الأخوةُ أعضاءُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
الأخوةُ الحضورُ الكريم..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
تحيةٌ طيبةٌ ، أُزجيها لكم فرداً فرداً.. شكراً للهِ العلَّي القديْر ، على ما أفاء به علينا جميعاً ، من عزمٍ وتوفيق بإتمامِ واحدةٍ من أهمَّ مراحلِ العملِ السياسىَّ في بلادِنا، حيثُ اكتملت العمليةُ الانتخابيةُ ، رغمَ كلَّ العوادى والتحديات ، التى ما كان لنا أن نجتازَها ، لولا عونُه تعالى ، حتى رست السفينةُ آمنةً مطمئنةْ ، فله الحمدُ كما ينبغى لجلالِ وجههِ وعظيمِ سلطانهِ.
وإنها لحظةُ تقديرٍ واحترامْ ، لهذا الشعب الوفى ، الأبىَّ ، المعلَّمْ ، الذى ما فتئ بين كل فترةٍ وأخرى ، يثبتُ للدنيا تفرُّده ، وعلوَّ شأنهِ ، ناهضاً بالبناءِ والإنجاز ، حتى غدت سيرتُه مثلاً ناطقاً ، تسيرُ بذكرِهِ الرُّكبان : نار تقّابه.. وأهل حارّه.. وفرسان حوبه...وقدح ضيفان .. وجراب راى .. ذلكم مثلُهم في الناس .. وأعظِمْ به مِنْ مَثَلْ.
وإنها لحظةُ اعتزازٍ بهذا الوطنِ الشامخِ الباهرْ ، الذى يظلُّ في أذهانِ بنى الإنسانِ أُعجوبهً في ثراءِ مكوّناتِه ، ونفيسِ مكنوناتِه.. وطناً عصيّاً على الانكسار، أبيّاً على الخنوع ، وطناً يحقُّ لمن يتصدّى لمسئوليةِ قيادتهِ ، أن يغالىَ بقيمتِه ، ويصدعَ بكلمتهِ ، ويستميتَ في المنافحةِ عنه ، أَكْرِمْ به صامداً عزيزاً.. وأَكْرِمْ به صابراً عفيفاً ، وأَكْرِمْ به باسماً في غمرة الأحزان صفوحاً، وأَكْرِمْ بِبَنيِهْ حيثما حلّوا.. فبِحَسْبِ كلٍ منهم أن يَصْدَح مِلَء أنفاسِه (انا سودانى).
وإنها لحظةُ عرفانْ - أيها الكرام – لمن منحونى أصواتَهم داخلَ الوطنِ وخارجَه ، فما وقفتى في هذا المقامِ إلا بياناً بما أولانى إياه أبناءُ هذا الوطنِ العزيزِ من ثقةٍ ووفاءْ ، يضَعانِ على عاتقى عبئاً ثقيلاً من مسئوليةٍ سَلَكْتُ دُروبَها الوَعِرَات سنينَ عدَدا، فعرفتُ كَمْ هى فادحةُ الثَمَنْ وبالغةُ الخطر ، ولا أملك اليومَ إلاّ أن أبتهلَ إلى الله القدير أن يعينَنى على أداءِ حقَّها ، والوفاءِ بتبِعاتِها.
وإنها لحظةُ عرفانٍ – أيضاً – لإخوةٍ كرامْ وصلوا ليلَهم بنهارِهم ، جابوا معى ربوعَ الوطنِ الكبيرْ دون تعبٍ أو مللْ ، حتى تكلّلتِ الجهودُ بما يملؤنى اعتزازاً بهم وفخراً ، فلهم من العرفانِ أزكاهْ.
أيها الأخوة والأخوات ..
يَجْدُرْ بنا وقد استَوْفَينَا الاستحقاقَ الانتخابىَّ الذى قررته آتفاقيةُ السلامِ الشامل، أن نُشيدَ بالمفوضيةِ القوميةِ للانتخاباتْ لما بذلته من جَهدٍ وطنىٍ خالص ، في إدارة أصعبِ عمليةٍ أنتخابيةٍ مُركَّبةٍ وأعقدِها ، فقد تعددت فيها بطاقاتُ الانتخابْ لمستوياتِ التمثيلِ المختلفةِ في عمليةٍ واحدةْ ، بما لم تشهدْهُ حتى أعرقُ بُلدان الديمقراطيات في العالم ، فما أنجزناه تجربةٌ غير مسبوقةٍ حقاً ، إذ صارت تجربةً جاذبةْ ، سوف تبقى نموذجاً يسعى إليه الآخرون ، وقد شهد لها المراقبون الدوليون الُمنصِفُون أنها وسامٌ في جِيدِ السودان ، الذى سجَّل شعبه بوعيه العالى ، وبممارسته حقَّّه الدستورى بروحٍ من التسامحِ والتعاونِ والإقبال الطوعى ، صُوراً مدهشةَ المعالمْ ، فالتحيةُ لشعب بلادى ، والتقديرُ والثناء لمفوضيةِ الانتخابات.
ويسعدني - أيها الأعضاءُ الكرام – أن أهنئَكُم على نيلِكُم ثقةَ الناخبينَ في تمثيلِهم ، وتطّلِعهِم إليكم لتحملوا همومَهم وطموحاتِهم وآمالَهم ، إلى مدارجِ الإنفاذِ عبَر الصيغِ التشريعيةِ المثلى.
فْلتهنأوا بشرفِ التمثيلِ ، وجليلِ الائتمانْ ، ولتمضوا على بركةِ اللهِ لا تخشَوْن إلا رقابتَه ، ولا تبغُونَ إلا خدمةَ من منحوكم ثقَتهم ، إذ ينتظرُ المواطنون من هيئتِكم التشريعيةِ القوميةِ هذه ، عقولاً ثاقبةً في التداول والتشريع ، وعيوناً فاحصة في الرقابة والمحاسبةِ ، ليتكامل جُهد السلطاتِ الثلاثْ ، التشريعيةِ والقضائيةِ والتنفيذيةْ، في العبور بأهِلنا إلى المستقبل الوضئ الذى يستحقونه ، مستقبلٍ نبتدرُ الخُطى إليه منذُ هذه اللحظةِ بترسيخِ قيمِ المؤسسيةِ الحازمةْ ، وتعزيز أركانِ الحكم الرشيدِ الملتزمْ وبالشفافيةِ ، وكفالةِ الحريات بميزانٍ عادلْ ، صوناً للحقوقْ ، وتعميقاً لروحِ التعايشِ والوفاقِ والتآخى.. وأدعو أهل الرأى والقلمِ في مراكزِ البحوث والإعلامْ ومنابرِ الصحافةِ والرأى ، أن يُسهموا في بناءِ روح المسؤوليةْ وتسليطِ الضوءِ على الخَياراتِ الموضوعيةِ لمعالجةِ قضايانا الوطنيةِ كافةْ ، وإننى أعدُكم أن أكون نصيراً لكم ولهم في انجازِ مهامِ هذه المرحلةْ التى هى من أشرفِ المهامِ وأنبلِها ، فقناعتى أن "رأىَ الجماعةِ لا تشقى البلادُ به" ، مؤمناً بالحكمةِ القائلة" "من استبدّ برأيه هلك ، ومن شاورَ الرجالَ شاركها في عقولَها".
أيها الأخوة والأخوات..
يطيبُ لى أن اتقدمَ بالتهنئةِ الخالصةِ لأخى الفريق سلفاكير ميارديت رئيسِ حكومةِ جنوبِ السودان على نيله ثقةِ أهلِ الجنوبِ ، وتمتد تهنئتى لأخوتى المنتخبين ولاة الولايات ، ولرئيس وأعضاء المجلس التشريعى بجنوب السودان ، وللمجالس التشريعية الولائية.
وحقيقٌ بى أن أُشيرَ هنا إلى أن التشاورَ السياسىَّ يمضى قُدُماً في سبيلِ تشكيلِ جهازٍ تنفيذىًّ قوىًّ وفاعلٍ ومنسجمْ ، ينهضُ بتَبعَاتِ وأعباءِ المرحلةِ القادمةْ، ملتزماً ببرنامجٍ وطنىًّ مستمدٍ مِمَّا أعلنتُهُ في برنامجى الانتخابى الذى اختارنى الشعبُ بموجبِه.
الأخوة والأخوات الكرام..
أمَا وقد بلغنا هذ المرحلةَ المهمةْ ، وعبرنا عقَبَتَها بحريّةٍ موفورةٍ للجميع ، حافظَ بها شعبُنا الواعى على ثوابتِ الأمنِ والسلامْ ، فإن الأصلَ في برنامجى للسنواتِ الخمسِ القادماتْ ، هو الانتماءُ للمستقبلْ ، تطلُّعاً إليه ، وعملاً دؤباً في سبيله ، والتزاماً حاسماً بشروطه ، فلا نلتفتُ إلى الماضى إلا بقدر ما يُعينُنا على تجسيرِ خطانا صوبَ المستقبل.
فهذه المرحلةُ هى صفحةٌ جديدةْ ، تخطُّ أسطرَها إرادةٌ جديدةٌ ، لأنها نتاجُ صيغةٍ جديدةْ ، من حقَّ الكثرةِ الغالبةِ التى أسهمت في صياغِتها أن تنعمَ بتميُّزها وتفرُّدها عمّا سواها من مراحلْ ، فهى خطوةٌ متقدمةٌ في مساِر التطورِ الديمقراطىَّ التعددىَّ بأشراطِ الانتخابِ الحرَّ النزيهْ ، خطوةٌ بعيدةُ الشوطْ ، بالغةُ الدلائلْ لا تعرفُ تردداً ولا نكوصاً ، بل تمضى قُدماً في الطريق الذى توافقنا جميعاً على اختيارِه ، لذا يتوجَّبُ علينا أن ننظرَ ببصائرنا إلى الأمام ، إلى مستقبلٍ قريبٍ يواجه فيه شعبُ السودان تحدياتٍ مصيريَّةً لتمتينِ وحدته الوطنية ، لا سيما في الجنوب. ثمّ إلى مستقبلٍ أبعدَ منه نعمل على أن نحققَ فيه تطلعاتِ كلّ السودانيين في الوحدة والاستقرار والتنمية ، وهنا أود أن أطلع أبناء السودان جميعاً ، و كلَّ من يعنيه شأننا ، ويعنينا شأنُه ،على الخطوطِ العريضةِ لبرنامجٍ يستهدفُ النظرَ إلى كل تحدياتنا الداخليّةِ والخارجيَّةِ بروحٍ تستلهمُ هذا التفويضَ الشعبىَّ الجهير ، فهذا البرنامجَ لا يلغى برنامج الحكومة على مستوى المركز والولايات في رعاية الشأن اليومىَّ العامْ ، ولكنّه إبتدارٌ مِنَّى ، وتخصيصٌ لتحدياتٍ تستوجبُ العنايةَ القصوى ، في سياق تعاطينا مع قضايانا الوطنية، وهو برنامجٌ تتكامل فيه الأطروحاتُ الستَّ التالية:-
أوّلاً: استكمالُ شرائع الحكم الرشيد وآلياتِه : وهنا أشير إلى ركيزتيه الرئيستين ، وهما التطوّر الديمقراطىُّ ، والنظامُ الفدرالى.
فمسيرتُنا السياسيةُ التى تقيمُ الأمرَ على رأى الشعب وتتيحُ له حريةَ الأختيار ، سوف نمضى فيها على بصيرةٍ لا تُغفل خصوصيتَنا وظروفَ مجتمعِنا ، وفي هذا السياق اقول أنه لا بُدّ للحياة الحزبيَّةِ أن تستقيمَ وتهيّئَ نفسَها منذ الآن للانتخابات القادمة، فالفرصةُ للتأثيرِ على الحياةِ العامّة مكفولةٌ للجميع شريطةَ التقيُّدِ بالدستور ومبدأ التنافسِ السلمى.
أمّا النظامُ الفدرالى فهو الصيغةُ الأمثل لصونِ وحدة بلادنا ورعايةِ تنوعِها الثري، فلنعملْ على التمسكِ بها وتفعيلِها ، وذلك بإنفاذِ كلَّ السلطات التى يكفُلُها الدستور للولايات ، في سعىٍ صادقٍ لجعل الشأن اليومى عند أهل الولاية صادراً عن إرادتهم دون إملاءٍ من المركز.
ولكى يكون هذا مُمْكِنَاً فلا بُد أولاً من تمكين الولايات اقتصادياً ومالياً ، فأنتم تعلمون أن الاستقلالَ الولائىَّ المضُمَّن في عقد الفدرالية رَهْنٌ بهذه القدرة على النهوض الاقتصادى والمالى ، ولسوف نمضى قُدماً في تبنَّى عددٍ من السياسات التى تجعلُ استقلالَ الولاياتِ المالىَّ امراً واقعاً ، ولا بُدّ لنا من توظيف الدعم المركزى كمرحلة لهذا الاستقلال فهو دعمٌ يشجع على النهوض والتعافى ، ولابُدّ من أن نبدأَ الآنَ مراحلَ تستوعبُ هذا الطموحَ وتمضى به إلى الأمام ، فلدينا بحمد الله الآن ولاةٌ منتخبون ، وهيئاتٌ تشريعيَّةٌ منتخبة ، وقد عقدنا العزمَ على أن نضعَ أيدينا في أيدى الحكومات الولائية لنعبرَ - قبلَ الانتخابات العامَّة القادمة بإذن الله -من مرحلة الفدراليَّة المدعومة إلى الفدراليَّة المقتدرة.
وأُنبه إلى أننا نسعى لتعزيز الفدراليةِ وأعينُنا على وَحدة وطنِنا السودانىَّ الكبير ، إذ يلزمُنا النظر في معادلات التوازنِ بين فدراليَّةٍ طليقة تتيحُ للولايات أن تنهضَ بشأنِها وتمارسَ السلطةَ بإستقلاليَّةٍ رشيدة ، وبين وحدةٍ متينةٍ راسخةْ تُؤمِّن الوطنَ الواحدَ ، وترعى حريَّةَ الأفرادْ ، وتمهِّدَ للانطلاقةِ التنمويَّة المرجوّة.
ثانياً: قيامُ الاستفتاءِ في الجنوبْ وإعظامُ فرصِ الوحدةِ الطوعية.
وفي هذا ، أؤكدُ أننّا ملتزمون بما نص عليه اتفاقُ السلام الشامل من إجراء الاستفتاء – للجنوب – في الموعد المحدد ، وهو التزامٌ لن نحيدَ عنه ، فكما وعدنا وأعطينا العهد ، سنوفى به ، ولكننا نريد أن يقولَ إخوتُنا في جنوب السودان كلمتَهم دون إملاءٍ ولا إكراهٍ ولا تزييفٍ لإرادتهم ، وِفق ما نص عليه اتفاق السلام الشامل ، من أن تُنجزَ عمليةُ الاستفتاء في جوًُ حر يشهده مراقبون محليون ودوليون.
وأؤكدّ ، كما قلت من قبلُ مِراراً ، ألاَّ عودةَ للحرب ، ولا مجالَ لزعزعة الأمن والاستقرار ، فإننا سنَقْبَل عن رضىً بالاختيار الحر لأبناء الجنوب.
ومهما يكنْ الاختيارْ ، فهنالك ما يجب التوفرُ عليه وإكمالُه قبلُ إجراء الاستفتاءْ بحكمةٍ وشجاعةٍ وبلا إبطاءْ ، إذ تنتظرنا محادثاتُ الاتفاق على ترتيبات ما بعد الاستفتاء بالنظر إلى كل واحدٍ من الخَيَارين ، وهى قضايا مصيريَّةٌ جليلةُ الخطر ، بعيدةُ الأثر على مستقبلِنا المشترك ، تحتاج منا إعمالاً للفكر وبذلاً للجهد.
وهناك العمل من أجل الوحدة... فلئن كنا راضين بأن يمارسَ الجنوبيون حقَّ تقرير المصير ، فإن موقفَنَا هو الإيمانُ بالوحدة... ندعو لها ، ونخططُ لها .. ونعملُ على ترجيِح كفِتها.
وفي هذا السياق أُجدد صِدْقَ العَزْم على استكمال مستحقات السلام ، من ترسيمٍٍ للحدود بين الشمال والجنوب وتكوينٍ لمفوضيتى استفتائَيْ الجنوب وأبيى ، كما سأُشْرِفُ شخصياً على إنفاذ كل المشروعات التنموية والخدمية التى وَعَدتُ بها أهلى ومواطنىَّ في ربوع جنوبنا الحبيب.
ثالثاً: سوف أُولى الوضعَ في دارفور اعتناءاً استثنائياً يُماثلُ حفاوتى بمشاركةِ أهلِها الواثقةِ في العمليةِ الانتخابية ، فقد ألجموا بمشاركتهم الواسعةِ ألسنةَ الخارجين والغادرين المتربّصين ... وفي هذا المقام ينبغى الاّ نغضَّ الطرف عمَّا يمثَّلُه هذا التطورُ المهم الذى اكتمل بنجاح مشهود ، وألاَّ نُغْفِلْ الدور الذى يجب أن يُناط بممثلى دارفور المنتخبين ، في الإسهام في عودة الحياة الطبيعية.
وأؤكد هنا أن العملَ الجادَّ للإعمار زرعاً ورعياً وبناءاً وتنمية ، لن يتركَ مجالاً ولا وقتاً للإحَنِ والثأرات ، تلك التى لايساورنى شكٌّ في أنها ستنجلى بما سَيُعْقدَُ لها من مصالحاتْ ، هى نَتَاجٌ خالصٌ لبيئة دارفور المتسامحة.
وإن هذا التطلُّعَ الجَسُورْ ، يقتضى كلَّ ذى تفويض أن يتحملَ مسئوليتَه ، لنمضىَ في مواجهةِ المشكلةِ بالجديةِ الوافيةِ والسرعةِ اللازمةْ ، وإنَّ أولَ الواجبات في ذلك هو ترسيخُ سلطةِ المؤسسات المنتخبة ، وتمكينُها من اتخاذ القرارات التى تتجاوب مع متطلبات المواطنين ، ثم بناء شراكة فعالة مع مؤسسات المجتمع الأهلى والمدنى في دارفور ، وفقَ خطةٍ واضحةْ ، وصولاً إلى تحقيق مجتمع آمنٍ تستعيد به الحياةُ طبيعتَها ، وتتقدمُ به إلى آفاق التنمية المتوازنة ، وإذ أُعبَّر هنا عن غامر الشكر لشركاء المرحلة السابقة ، على عونهم ، فإننا نتطلع إلى تواصلِ دعمِ الأصدقاء والشركاء في مرحلة تطبيع الحياة التى انطلقت بشائرُ تحقيقِها ، عبر إكمال التسوية السلمية بالدوحة ، وذلك في ظل المبادرة الأفريقية العربية ، تأسيساً على اتفاقية أبوجا لسلام دارفور.
ولكى يَنْعَمَ أهل دارفور بالأمن والاستقرار فإن دورَ الحكومة على مستوى المركز والولايات سيتوسع في شراكةٍ وتعاونٍ مع (اليوناميد) لنشر الشرطة المجتمعية في معسكرات النازحين لبسط الأمن ، كما ستتولى الحكومةُ إعمالَ القانون ، ليأمنَ الأبرياءُ على أنفسهم وأسرهم وأعْرَاضِهِم وممتلكاتهم .
هذه - أيها الأخوة والأخوات - ملامحُ سَعْينا للحل في دارفور الذى نرحب فيه بالعون الصادق من المجتمع الدولى ، ليكتملَ طموحُنا في البناء والتنمية والأمن والأستقرار.
ويطيب لى أن أُعربَ عن صادق امتنانى وتقديرى ، لكل من بذل ويبذل جهداً صادقاً لعوننا في الوصول إلى السلام والاستقرار في دارفور ، من المجتمع الدولى والأمم المتحدة ، وأخص دولةَ قطر والاتحاد الأفريقىَّ ودولَ الجوار خاصةً الجارةً الشقيقةً تشاد.
رابعاً: أمَّا على صعيد شرق بلادنا الحبيب ، فأتعهد بتمام البرنامج الإسعافى للمناطق ، المنبثقِ عن الاتفاق الموقع في أسمرا عام 2006 ، إذ إنه اتفاقٌ أنموذجٌ في فصولِهِ ، وفي الالتزام بنصوصِهِ ، أثبت الموقعون عليه من أبناء الشرق الكريم ، جدوى الحوار والتفاوض بين أبناء الوطن الواحد ، فانطلقت بشائرُ الطمأنينةِ والوئام تخطُّ بأحرفٍ من وطنية وإخاءْ ، صفحاتٍ باقيةً – بإذن الله – في العمل التنموىَّ الخلاق الذى سنعزُزه بمؤتمر تنميةِ الشرق المقررِ انعقادُه بدولة الكويت الشقيقةِ في شهر نوفمبر القادم ، ولسوف نمضى ببرامجَ إسعافيةْ ، وبذاتِ الوتيرة – إن شاء الله – في المناطق التى تنشُد معالجاتٍ مُلِحَّةْ، سواءٌ في النيل الأزرق أو جبال النوبة ، هذه المناطق الأثيرة ، التى نُدينُ لها بالوَثَبَات الأولى في التمكين لأُسس الدولة السودانية المعتزةِ بتراثِها وقيمِ ثقافِتها وخصوصيتِها ، فلا أقلَّ من أن نُوليِهَا خصوصيةً مماثلةْ ، وهى خصوصيةٌ ابتدرناها وقطعنا بها شوطاً مشهوداً في السنوات الماضية ، وإنما نسعى إلى تمام ما بدأناه.
خامساً : تلك كانت إشاراتٍ ناطقةً في وعدى باستدامة السلام وصونهِ.. ولا يقل عن ذلك أهميةً ، تعهُّدى باستدامة النماء في ربوع بلادنا.. ولمّا كان شعار "معاً.. لاستكمال النهضة " هو الشعارَ الذى خُضنا به السباقَ الانتخابىْ ، في إشارةٍ لبيبةٍ دالةٍ إلى الإنجازات الهائلةِ التى شهدها الوطنُ خلال السنوات الماضية ، والتى جاءت ثمرةً للتخطيط الاستراتيجى المحكم ، فإننى أتعهد بالمضىّ على ذات المسارِ المستوثقِ بالله والواثقِ بقدرات أبناء هذه الأمة في إحلال السودانِ الموضعَ اللائقَ به رفعةً ونماءاً ، ولسوف يظل شأنُ النهضةِ الزراعيةِ ، شُغلاً شاغلاً لى في هذا المسار الشاق ، يغمُرنى فيه أملٌ عظيم بأن تشهد السنواتُ الخمُس القادماتُ حصاداً طيباً لما بذلناه وبذرناه من جهودٍ ومواردَ مقدرة ، مع تنامى ثروتنا المائية بإطراد بناء السدود ، في ملحمةٍ باتت مثارَ إعجابٍ عالمى ، ولئن كانت تنبوءاتُ صندوق النقد والبنك الدوليين تنذر بأن أربعةً وخمسين مليونَ انسانْ سينضافون خلال السنوات الخمسِ القادمات إلى قوائمِ الفقر العالمىَّ المستفِحلْ ، فإن برنامجى لذات السنوات الخمس ، يهدف إلى التركيز على هذه المعضلة ، ببذل جهدٍ مثابرٍ في تقليص معدلات الفقر وتحجيم مسبباتِه ، بمراقبةٍ لصيقةٍ وصارمةٍ في القياس والرصد ثم المكافحة.
ولِذات المُبتغىَ ، أَعِدُ بأن يتعاظمَ نصيبُ قطاع الخدمات في الميزانية العامة تعاظماً مُطَّرِداً ، ومن هذا المَنزِِِِِعْ ، فإن قطاعَىْ الصحة والتعليم سيحظيان – إن شاء الله – بإعتناءٍ وافرْ ، نستكمل به ما راحت تشهده مرافقُهُما من نموًُ لا تُخطئه العين ، ويمتد ذلك ليشملَ مجالَ البحث العلمى ونقلَ التقانة وتوطينَها.
ولا أعرف – أيها الأخوة الكرام – منْ مُنطَلَقٍ يتيسَّر به صلاحُ ذلك كلَّه ، إلا بخدمةٍ مدنيةٍ طاهرةٍ وماهرةٍ ومعافاةُ ، لذا سأضع نُصْبَ عينى واجبَ النهوضِ بها ، مستهدياً في ذلك بإعلاء قيم المحاسبة مع تعاظم دور السلطة التشريعية في الرقابة ، فإن خدمةً مدنيةً ذات كفاءةٍ ونزاهة ، تنأى عن آفات الفساد، تعنى دولةً ترافق الكفاءة والطهارة كلَّ خطوةٍ من خطاها.
سادساً: ويتصلُ بما سيُوليه برنامجُنا في مجال التنمية الاقتصادية من تركيزٍ واهتمامْ ، اعتدادُ هذا البرنامج بتأسيس الوئام الاجتماعى والوحدة الوطنية.
فالسودان مثالٌ حىٌ وشاهدٌ للتداخل العرقى منذ فجر تاريخه ، إذ ظل من أكثر بلاد الأرض تَرْحاباً بالآخر ، بل إنّ الأمةَ السودانيَّةَ في ملامح سَحَناتِها ، وتنوعِ ثقافاِتها ، هى وليدةُ التَّرحاب بالآخر ، ولكنّ التطوراتِ السياسيَّةَ الكبرى على مستوى السياسةِ العالمية خلال العقود الماضية وما رافقها من تغيراتٍ طبيعيةٍ قاسيةْ ، قد أثَّرت في بيئتنا السودانيّة ، فنجمت عن ذلك شروخٌ في جدار بنائنا الاجتماعى وفي بيئتنا الحيوَّية وفي روحنا الثقافى..
ولذلك فإننى التزمُ بابتدار برنامجٍ واسعْ ، مسترشداً بالحكمة والعلم ، من أجل معالجة ما أصاب العلاقات الاجتماعيَّة من علل ، وإعادتِها إلى أفضلَ مما كانت عليه ، تعارفاً بين الشعوب والقبائل ، وإعلاءاً لقيم التسامح والتراضى والتآخى ، وتحاوراً بالحسنى بين الأديان والملل ، وإقراراً بالمواطنة التى تُبنى عليها الحقوقُ والواجباتُ العامة ، ووصلاً للوشائج بين شرائح المجتمع ، فالمرأة السودانية بحيويتها وحيائها وهمتِها ونشاطِها ، ستشكلُ حضوراً فاعلاً ، تقديراً منا لتصاعدِ دورِها المجتمعىَّ الذى تَحثُّنا على تقديره الشرائعُ الغراء ، أما الشباب ، بطاقاتِهم المتدفقة ، فإنهم محطُّ أهتماِمنا الذى يضع في حسبانه مستجداتِ الحياةِ بتطورها وتعقُّدها ، لذا سنُولى تطلعاِتهم ومناشطِهم في قطاع الرياضة والثقافة حظاً مقدّراً من الحفز والرعاية ، أما الناشئةُ من أطفالنا ، فيحقُّ لهم أن يجدوا في برنامجنا ما يصون لهم طفولَتَهم ، حاضراً هانئاً ومستقبلاً مضيئاً ، كما يسرنى التأكيد على أن الشرائحَ ذاتَ الخصوصيةِ الفائقِة في مجتمعنا ، كالمعاشيين ، وذوى الاحتياجات الخاصة ستلقى من رعايتنا وعنايتنا ما يعينهم على العيش الكريم المنتج.
الأخوة والأخوات..
لئن كانت الأطروحاتُ الستُّ السابقاتْ هى أُسُسَ برنامجنا في مساره الداخلى ، فإن سابعَ هذه الأطروحات يتصل بعلاقاتنا الخارجية ، ذلك أن تَجْربتَنا هذه تَجْربةٌ حديثةْ ، تَرْقُبُ الدنيا كلُّها تفاعلاتها ، بين فرحين بها وبين آخرين متربصين بها، لكل ذلك ، لا أرى بدّاً من ضرورة استيعاب التيارات المتجاذبةِ في بنيةِ المجتمع الدولىَّ حولَنا في إيقاعها المتسارع ، وتحولاتِها المتلاحقة ، وتبدُّلاتِ مواقفها الصارخة ، وإنّ أغلى ما تقدمه تجاربُ الأنظمةُ التعدديةْ – كنظامِنا هذا – أن تضئَ للسياسةِ الخارجيةِ مساراتٍ تحول بينها وبين رهن الإرادة لمواقفَ وقوىً جائرة ، أو الانقطاعِ عن مبادئَ أصيلةٍ هاديةٍ يمكن المنافحةُ عنها وترسيخها بإحكامِ القدرةِ على المرونةِ في التعاطى مع المتغيراتِ الدوليةِ المستجدة.
وتأسيساً على ذلك فإن نهجَنَا الرحبَ في علاقاتنا الخارجية ، يستهدى بما تأمرنا به الشرائعُ الغراءُ من الأخذ بالحسنى في التواصل مع الغير ، ومن وَصْلِ ما ينقطعُ من صلاتْ ، ومن حكمةٍ في التسديد والمقاربة ، ومن صلابةٍ في مواقف العزةِ والمصلحةِ الوطنيةِ التى لا مهادنةَ فيها ، وفي هذا الإطار سوف أبذل قصارى جَهْدى مع إخوتى قادةِ الدول ، القريبِ منها والبعيِد ، لفتح صفحةٍ جديدةٍ في العلاقات ، تلتقى سطورُها على نبذِ العنفْ ، وتوطيدِ عرى التسامحْ ، وبث روحِ الاحترامِ المتبادلْ.
وسوف نمضى دون ترددٍ على هُدى مبادئنا الراسخةِ في توشيج عرى التعاون مع كل أصدقائنا في المجتمع الدولى ، وبخاصةٍ مع دول انتمائنا العربىَّ والأفريقىَّ والاسلامىَّ ودولِ عدم الانحياز ، دعماً لها في قضايا تحرُّرها ونمائها ، وأُجدد هنا موقفَنَا المبدئيَّ القاطعْ بمناصرةِ أخوتِنا الفلسطينيين على دربِ تحريرِ الأقصي الشريفِ من إسار الغاصبين ، وإقامةِ دولة فلسطين المستقلةِ وعاصمتِها القدس. أما على مستوى التوافق الدولى ، فأشير إلى أننى سأحرصُ شخصياً على تعزيز إدارة حوارٍ موضوعىًُ مع دولِ الغرب ، من منطلقٍ يبتغى تنقيةِ الأجواء وبثَّ روح الأمل بأن يلتقى أبناءُ الإنسانيةِ على قواعدِ الخيرِ ونوازِعِه المشتركةِ في تحقيق السَّلم والرخاءِ الدولييَّنْ ، بجانب ما سنبذُلُه في سبيل إبقاء السودان على سجَّله الناصعِ دولياً في التعاون لمكافحة الإرهاب والجريمة والمخدرات ، تطلعاً لعالم تسوده الطمأنينة والوئامُ ، وسوف يتصلُ سعينا الذى لن يكلَّ في المناداة والعمل على تحقيق انفراجٍ دولىًُ ينهضُ على أُسسه نظامٌ عالمىٌّ متَّسقٍ مصون بمبادئ العدل والحرية والمساواة.
ويطيب لى في هذا المقام أن أبثَّ تقديراً وعرفاناً غامرين لكل الأشقاء الذين وقفوا إلى جانبنا ، مساندين ومؤازرين ، لأؤكدَ لهم أن يداً بيضاءَ امتدتْ إلينا لن نقابِلَهَا إلا بمزيدٍ من الوفاء والإحسان..ومن هنا – أيضاً – أتقدم بموفور الشكر والثناء لضيوفنا الأكارم الذين يضيئون جلستَنَا هذه بحضورهم الرفيع ، في برهانٍ ناطقٍ منهم بنجاح العملية الانتخابية.
الأخوة والأخوات..
أعلم كم هو هينٌ ويسيرٌ أن يسوقَ الواعدونَ وعودَهم إن لم يكن في قرارةِ أنفِسهم عزمٌ على الوفاءِ بها..ولكننى مع كلَّ وعدٍ وعدتُه.. وكلَّ عهد قطعتُه ، أستشعرُ عِظَمِ المسئوليةِ وجسامةَ التحدى ، وما ذاك إلا لصدِق عزيمتى في إنفاذ ما وعدتُ به – جَهْدَ المستطاع – فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها .. عليه أتوكل .. وبه أستعين .. إنه ولىُّ ذلك كلَّه والقادر عليه.
والسلام وعليكم ورحمة الله تعالى وبركاته...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.