Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1 - صحيفة النيويورك تايمز ؟ صحيفة النيويورك تايمز هي الصحيفة الأولى في العالم بإمتياز ، لأنها تتحرى المصداقية في تقاريرها ، ولأن لها مراسلون في أكثر من مائة دولة . لا يوجد رئيس دولة ولا حتى متابع عادي مُهتم لا يبدأ بها يومه . ومن ثم الإهتمام بما تكتُب . وقد أرسل مراسلها هذا الأسبوع تقريراً ضافياً بعد مقابلته الدكتور رياك مشار في مخبئه في الناصر ، حذر فيه بأن قوات الدكتور رياك مشار في طريقها إلى بالوش حيث آبار النفط في ولاية أعالي النيل . أكدت النيويورك تايمز إن الحرب قد أصبحت حرب بترول ، بعد أن كانت حرب إبادات جماعية على الإثنية والقبيلة . ولكن لا تزال المجازر والسلخانات على قدم وساق ، والعالم ينظر ولا يرى ؟ سلط قادة الجنوب على بلادهم سياسات فاشلة جعلت حاله ، كما يقول السيد الإمام ، كاللحم الحرام : المنخنقة ، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع! سياسات مزقت البلد ، قتلت أهله وشردتهم ، وأدخلت غبائن بين أهله ما أنزل الله بها من سلطان . سياسات عقيمة لم تُطعم أهله من جوع ، ولم تأمنهم من خوف . بل على العكس جعلتهم يتضورون جوعاً ، ويرتجفون خوفاً . في عدد يوم الأثنين 7 ابريل 2014 ، كتبت إدارة الجريدة إفتتاحية على الصفحة الأولى تتسآل فيها عن هل إنفصل جنوب السودان عن شماله ليموت جوعاً على أيادي قادته ؟ ونزيد كيل بعير ونتسآل ليموت جوعاً و ( إبادة ذئبية ؟ ) على أيادي قادته ؟ صار الدينكا وكذلك النوير يتحسرون على أيام المندكورو القبيح ؟ كانت تلك أيام نضرات كما يقول أديب السودان ؟ في هذا السياق يذكرنا السيد الإمام بأبيات المتنبي : عَتَبْتُ عَلَى سَلْمٍ فَلَمَّا هجرتهُ وَجَرَّبْتُ أَقْوَامًا بَكَيْتُ عَلَى سَلْم و سَلْم المتنبي هنا هو المندكورو الشمالي ، الذي بكى عليه الجنوبي بعد أن جرب قومه الجنوبيين . نعم صدق السيد الإمام فعندما انفصل الجنوب سادت في الجنوب روح عدائية نحو الشمال بلغت الذروة ؟ كذلك تصرف مسؤولون ومواطنون في الشمال بروح عدائية كريهة نحو مواطني الجنوب. ولكن بعد تجربة عامين ومحاولة القضاء على أية علاقات مع السودان ، تغير الحال بصورة إيجابية نحو السودان ، وصار الرئيس سلفاكير يتغنى بأفضال المندكورو ، بعد أن قال فيهم ما لم يقله مالك في الخمر . والفضل في ذلك التغيير التكتوني يرجع لسلخانات ومجازر الجنوب الذئبية . ومصائب قوم عند قوم فوائد ؟ كلام يا عوض دكام ؟ دقت النيويورك تايمز أجراس الأنذار بأن 3 مليون و700 الف مواطن جنوبي ( ثلث سكان الجنوب ) يتضورون جوعاً ، ولا يجدون ما يطعمهم من جوع ، ولا ما يأمنهم من خوف ؟ سوف ينتهي موسم الزراعة بعد عدة اسابيع ، ولن يتمكن الجنوبيون المشردون من زراعة أي محاصيل معيشية ، مما ينذر بمجاعة طاحنة لا تبقي ولا تذر بنهاية مايو 2014 ، موسم الحصاد . ولكن لمن تُقرع الأجراس ؟ والكل مشغول بحرب الكل ضد الكل ؟ دعا السيد الإمام لأن نستقبل اللاجئين الجنوبيين في معسكرات خاصة، وأن نكون صندوقاً لدعم هذه المعسكرات نستقطب له ، بآلية قومية ، دعما عربياً ودولياً. فعلت يوغندة أحسن من ذلك ؟ أعطت يوغندة لكل عائلة لاجئة قطعة أرض زراعية لزراعتها ، مع إمدادها بالمعينات اللازمة ليبدأ الترتار في الترترة . وبعد شهور قليلة تكون العائلة مستقلة تماماً ، ولا تحتاج لعون خارجي أو إغاثات مذلة . في المحصلة ، نقول إن الوضع الحالي في الجنوب كارثي ، ويُذكر بإبادات رواندا الجماعية في أبريل 1994 ؟ 2 - إبادات رواندا الجماعية ؟ في هذا الشهر ابريل 2014 ، يتذكر المجتمع الدولي إبادات رواندا الجماعية في ابريل 1994 ، التي مر عليها عقدان من الزمان . في أبريل 1994 ، ولمدة مائة يوم على التوالي وحتى يوليو 1994 ، إغتالت قبيلة الهوتو أكثر من 800 الف من أفراد قبيلة التوتسي بالسواطير ، والسكاكين والسهام المسمومة . مجازر وسلخانات بالمفهوم الحرفي للكلمات . قبيلة الهوتو تماثل زرقة دارفور إثنياً ، وقبيلة التوتسي تماثل عرب دارفور . في عام 2005 ، إعتمدت الأممالمتحدة مبدأ ( مسؤلية الحماية ) أو R2P Responsibility to Protect هل تسمح إدارة اوباما للمجتمع الدولي بالتدخل في جنوب السودان لمنع الإبادات الجماعية أم سوف تنظر إلى الجهة الأخرى كما فعلت في رواندا في ابريل 1994 ؟ يقارن بعض المحللين بفظائع عدم التدخل في العقد الاخير من القرن العشرين ( 1990 ) في رواندا والبوسنة ، وفظائع التدخل في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ( 2000 ) في أفغانستان والعراق ؟ ويضربون أخماساً بأسداس وهم حائرون ؟ أجمع المراقبون إن ما حدث ويحدث حالياً في دولة الجنوب يماثل ما حدث في رواندا في عام 1994 فظاعة وذئبية . في يوم الأثنين الأسود 16 ديسمبر 2013 ، تمت إبادة الف نويراوي عشوائياً في جوبا في يوم واحد . في يوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2013 دهست دبابات جيش الحركة الشعبية قطاطي النوير في أحياء جوبا ، واهلها نيام بداخلها ، وتم حرق عجين القطاطي وبداخله لحوم النوير المهروسة حتى لا تفوح الروائح وينكشف الأمر . مسحت دبابات الجيش اليوغندي الأرض بقرية ليير مسقط رأس الدكتور رياك مشار في ولاية أعالي النيل ، وحيث ترقد المرحومة زوجته البريطانية ؛ وهدمت الدبابات اليوغندية جميع قطاطي ومباني ليير . تم قتل مئات من أهل ليير المدنيين ، وتم تُشريد الباقين في إنتقام ذئبي تشيب له الولدان ؟ صارت مدينة ليير بعد الإكتساح اليوغندي الغاشم إلى لا شئ ... أرض بلقع محروقة غادرتها حتى الكلاب الضالة ؟ تم إستنساخ السلخانات التى حدثت في جوبا في النصف الثاني من شهر ديسمبر من عام 2013 الكبيس في ولايات جونقلي والوحدة واعالي النيل ، هذه المرة من النوير وضد الدينكا ؟ مجازر وسلخانات في حرب الكل ضد الكل ؟ 3- يوم الزيارة ؟ في يوم السبت 5 ابريل 2014 ، زار الرئيس سلفاكير أخاه الرئيس البشير زيارة تميزت بخاصيتين جديدتين: + الأولى إنها أقصر زيارة يقوم بها الرئيس سلفاكير للخرطوم ؛ إذ لم تتجاوز الزيارة ساعتين قضاهما الرئيسان في محادثات دقاقة 4 عيون . + الخاصية الثانية إنها أُحيطت بإجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة . لم يستطع الرئيس سلفاكير عقد إي لقاءات إعلامية كما في زياراته السابقة ، سوى مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس البشير لم يستمر طويلاً ، ولم يقل فيه الرئيسان ما يبل ريق الإعلاميين . ودار لغط كثير حول السبب وراء الإجراءات الأمنية المشددة . كان هناك بند واحد لا ثان له في أجندة اللقاء بين الرئيسين . حسب النيويورك تايمز ، أسر الرئيس سلفاكير لأخيه الرئيس البشير بأن الحرب الأهلية في الجنوب قد صارت حرب حول آبار البترول ، وإن قوات الدكتور رياك مشار في طريقها للسيطرة على آبار البترول في بالوش في ولاية أعالي النيل ، الأمر الذي سوف يحرم جوبا من جميع مدخلاتها الدولارية ، ويخنقها إقتصادياً ؛ والأهم سوف يقود إلى تمرد في جيش الحركة الشعبية ويفاقم من الإنسلاخات والتمرد لصالح قوات الدكتور رياك مشار ، وينتهي الأمر بالإطاحة بنظام الرئيس سلفاكير . قال : الأمر جد خطير أخي الرئيس البشير ، وقد بلغ السيل الزبى . قوات المتمرد رياك مشار على مرمى حجر من بالوش ، عاصمة آبار البترول ، وهم يتقدمون كأسراب النمل الجائعة بالمراكب الشراعية ، وبالعربات المنهوبة من المواطنين ؛ يأتوننا رجالاً ، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، ليشهدوا منافع لهم في بالوش . نعم منهم من يمشي على بطنه ، ومنهم من يمشي على رجلين ، ومنهم من يمشي على أربع في زحفهم نحو بالوش . شعب الجنوب يستجير بك ، أخي الرئيس البشير ، أن تنقذه وتنقذ حكومته الشرعية دستورياً من الهلاك المحقق على كلاشات المتمرد رياك مشار ، والآن وليس غداً . إستطرد الرئيس سلفاكير في تصوير الموقف الكارثي بالنسبة لحكومته الشرعية وله شخصياً ، ولم ينس أن يذكر الرئيس البشير بأن غلوطية ( تقرير المصير ) ... أسم الدلع للإنفصال ... كان مصدرها الدكتور رياك مشار ، عندما إنشق عن الدكتور جون قرنق في يوم الثلاثاء 27 أغسطس عام 1991، وكون مع لام أكول مجموعة الناصر ، التي نادت لأول مرة بحق تقرير المصير ، في حين كان الدكتور قرنق يدعو وقتها للسودان الجديد . وفي نفس عام 1991 ، إرتكب الدكتور رياك مشار مذبحة بور التي مات فيها أكثر من الفين من المدنيين من قبيلة الدينكا . حاول الرئيس سلفاكير أن يشيطن الدكتور رياك مشار ، ولم يترك حجراً لم يقلبه في محاولة إقناع الرئيس البشير بأن الدكتور رياك مشار سوف يكون خميرة عكننة لحكومة الخرطوم ، وأن الوقاية خير من العلاج . طلب الرئيس سلفاكير تكوين قوات مشتركة بين السودان وجنوب السودان كما الحال بين السودان وتشاد على حدود دارفور . سوف تكون مهمة القوات المشتركة حماية آبار البترول في ولاية أعالي النيل ، والقضاء المبرم على قوات الدكتور رياك مشار ، وعليه شخصياً . حسب النيويورك تايمز تقف إدارة اوباما ، وبالأخص الكونغرس الأمريكي ، ضد أي تدخل سوداني في شئون دولة الجنوب . كل شئ إلا تدخل حكومة الخرطوم في دولة جنوب السودان ، كما تردد دوماً إدارة اوباما . يمكن أن تسمح إدارة اوباما لمملكة الواق واق بالتدخل المباشر في شئون دولة جنوب السودان ، كما حدث مع يوغندة ، ولكنها لن تسمح لحكومة الخرطوم حتى بالتدخل غير المباشر . جوبا فاكهة محرمة على الخرطوم ، بالأمر الأمريكي ؟ حمل الشيخ تميم بن حمد آل ثان في زيارته للخرطوم ( الأربعاء 2 ابريل 2014 ) رسالة واضحة وصريحة من إدارة اوباما للرئيس البشير بأن لا يتدخل في شئون الجنوب وحربه الداخلية ، تحت أي ظرف من الظروف ومع أي طرف كان ؛ وإلا فالعصا لمن عصى ؟ وفهم الرئيس البشير الكلام . لم يشأ الرئيس البشير أن ( يكسف ) اخاه الرئيس سلفاكير ، فطلب منه أن يتكرم بإرسال وزير دفاعه جون كونغ نييون إلى الخرطوم يوم الاحد 13 أبريل 2014 لدراسة الموقف مع اخيه عبدالرحيم أحمد حسين ، والإتفاق على ما يمكن عمله لمراقبة الحدود بين البلدين . رجع الرئيس سلفاكير بخف واحد من خفي حنين إلى جوبا ؟ ذكرت بعض الوسائط الإعلامية إن الرئيسين قد ناقشا مصفوفة سبتمبر 2012 ، وإتفاق مارس 2013 لتفعيل المصفوفة . مرت أكثر من سنة على إتفاقية مارس 2013 ، ولم يتم تفعيل أي بند من بنود مصفوفة سبتمبر 2012 . فكيف يتم تفعيل بنود إتفاقية مارس 2013 في ساعتين زمان ، البنود التي ظلت معلقة طيلة ال 12 شهراً المنصرمة ؟ ثم إن الوفد الكبير الذي صاحب الرئيس سلفاكير كان للتمويه على الهدف الحقيقي من الزيارة ؟ وكما كان يردد الشيخ فرح ود تكتوك دوماً : وما وجدنا لأكثرهم من عهد ، وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين .