المخدرات.. من الفراعنة حتى محمد صلاح!    خطف الموزة .. شاهدها 6 ملايين متابع.. سعود وكريم بطلا اللقطة العفوية خلال مباراة كأس الأمير يكشفان التفاصيل المضحكة    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    لولوة الخاطر.. قطرية تكشف زيف شعارات الغرب حول حقوق المرأة    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    مدير شرطة ولاية القضارف يجتمع بالضباط الوافدين من الولايات المتاثرة بالحرب    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    توجيه عاجل من"البرهان" لسلطة الطيران المدني    حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: تصريح صحفي    جبريل إبراهيم: لا يمكن أن تحتل داري وتقول لي لا تحارب    برقو الرجل الصالح    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    الطالباب.. رباك سلام...القرية دفعت ثمن حادثة لم تكن طرفاً فيها..!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل مصري حضره المئات.. شباب مصريون يرددون أغنية الفنان السوداني الراحل خوجلي عثمان والجمهور السوداني يشيد: (كلنا نتفق انكم غنيتوها بطريقة حلوة)    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن(التعيس!) الضعيف في مواجهة غرائز الأقوياء!!
نشر في السودان اليوم يوم 02 - 04 - 2015


بسم الله الرحمن الرحيم
اليمن(التعيس!) الضعيف في مواجهة غرائز الأقوياء!!
التطورات الأخيرة في اليمن، قد تكون أربكت كل الحسابات المتوقعة، لهذه المشكلة المعقدة بتعقد قضايا ومكونات وتاريخ اليمن! وذلك لا لشئ إلا لأنها أظهرت الوجه الآخر للمملكة العربية السعودية. وهو وجه يندر أن يظهر، لهذه الدولة المحافظة المكتسية بالجمود وفاعلية السلحفاة، في طريقة تعاطيها مع معظم أحداث المنطقة الملتهبة! مما يدل علي أن الخطر ضغط علي عصب تحملها، وقصَّر حبال صبرها، وكشف القناع عن مظاهر وقارها الشكلي الأجوف! والمقصود الوجه الصارم والتعامل الحازم، مع قضايا الراهن الإقليمي او المشكلة اليمنية تحديدا. التي أثقلت كاهلها التفجرات الأهلية والتمددات الإقليمية للإمبراطوريات النائمة! او حالة إنكشاف او إستيقاظ أحلامها وتطلعاتها المكبوتة لعدة عقود، وهي تحن لماضيها الذهبي( وبالأصح تعويض نقص الحاضر وعجز اللحاق بالآخر المتفوق! وتاليا الخوف من خوض غمار التحدي الحضاري وتحمل تبعات نتائجه! أي الهروب من دفع إستحقاقات الإعتراف بأفضلية الآخر المختلف، الذي لم يصل الي ما وصل إليه من فراغ! وهو ما يشكل في محصلته الأخيرة، الطعن في نرجسية الإستعلاء والتميز الكاذبة، وتاليا تحطيم الصورة المثالية الوهمية! وهو ما يعني بطريقة أخري، مواجهة أعباء تغيير الواقع الملئ بالتحديات الجسام!). ومنذ إنفجار الربيع العربي، وبالتوازي معه، حدثت خلخلة عميقة في معظم الدول التي مر بها الربيع! لتخرج الي سطحها، الأمراض والجروح الغائرة، دفعة واحدة. وهي أمراض وجروح فاقم من تعفنها، وجود أنظمة تسلطية صادرت السياسة وأمتلكت السلطة وأحتقرت المجتمع وهمشت بقية المواطنين! وراكمت نوع من الفساد غير المسبوق، لتصبح القوانين والإجراءات واللوائح والضوابط الرقابية والمحاسبية، مجرد لوحة شكلية تزين صدر مؤسسات الدولة، لتثير السخرية علي من ينضبط بها، او ينادي بتنزيلها علي أرض الواقع(متزمت، قفلة، داقس!). وبكلمة واحدة، تم إفراغ الدولة من محتواها المؤسسي الخدمي الإداري! لتحال الي جهاز تسلطي إحتكاري إستفزازي! تتولي الإشراف عليه، أجهزة أمنية إستخباراتية عائلية/قبلية/عشائرية/طائفية/مذهبية/مناطقية، مجردة من كل القيم او الضوابط، إلا ضابط الحفاظ علي هذه الأوضاع التسلطية، وبكل الوسائل والأساليب! نظير إمتيازات وحيازات جزء من هامش الدولة الفوقية(المحروسة!). وهذه الوضعية غير الطبيعية للدول العربية، إستمرت لفترات طويلة نسبيا، إستكانت فيها الشعوب لوضعية التهميش المكرس! او كيَّفت نفسها للتعايش مع هذه الأوضاع الشاذة، التي تشطبها من معادلات الكرامة والحرية والمشاركة المتكافئة! وذلك بإحياء الروابط ما قبل الدولتية، ولو بشكل صامت او غير معلن! كوسيلة لبناء ساتر حتي ولو معنوي/وهمي، يحميها من الإنكشاف في مواجهة السلطات الحاكمة، والمتحفزة لهتك السواتر علي الدوام! بمعني، في غياب مفهوم الدولة الواضح وإنبهام وظائفها! تنشط المكونات العشائرية والقبلية والمذهبية والمناطقية، وتتضخم هواجس مظلومياتها وتتوسع فجوات إنعزالها عن بعضها! وبتعبير آخر، إنتفاء عوامل إلتقاءها علي مشتركات وطنية ووجودية وإنسانية، أي أوضاع رافضة بل معادية، للتأسيس لثقافة المواطنة في بعدها الحداثي الخلاصي! من حالات الخصومات والصراعات الأهلية المجانية العبثية. وأفضل ما حدث بينها، هو نوع من تعايش(الفتنة النائمة!)، ولذا لم يصل الي مرحلة التجاوز والتفكيك لهذه الثقافات الأهلية، ثقيلة الوطأة، والخطيرة عند الأزمات، والمحتقنة في حلق وضمير المستقبل الآمن. ووضعية الإنقسامات التحتية نفسها، كانت أفضل إستثمار للأنظمة التسلطية! مرة بإدعاء الدفاع عن الأقليات! ومرة بحجة تمثيل الأكثريات! المهم، بإنفجار الأوضاع الرثة التي كانت سائدة، لا لشئ إلا لشدة، بطش السلطات الحاكمة والتوسع في أدوات وأساليب إرهابها! كانت الإستجابة الربيعية، إنعكاس لطبيعة كل مجتمع ودرجة تطوره، وأيضا لفاعلية او ردة فعل الطبقة السياسية المتواجدة، وبصورة أكبر لطبيعة السلطة الحاكمة وكيفية تحكمها!
وكان نصيب اليمن من حاصل كدح ربيعه، الوصول لمعالجات سياسية، تمت علي أيدي الخليجيين أنفسهم! وكانت خلاصتها إزاحة الرئيس علي عبدالله صالح من سدة الرئاسة! ولكن مع منحه حصانة مفتوحة، ضد الملاحقات القضائية والمساءلات السياسية والمحاسبات المالية! وكذلك بقاء كوادره العسكرية والأمنية والبيروقراطية في جهاز الدولة، بل حتي ممثلين لحزبه الجديد في البرلمان! أي تمت عملية حذف مؤقت من المشهد الرئاسي! بتعبير آخر، وجود دولة موازية او باطنية يمثلها صالح، وللمفارقة فهي الدولة الأشد نفوذ وتأثير! ومؤكد أن دولة كهذه، سيكون دورها تخريبي تعطيلي، لتثبت فقط أنها البديل الأفضل بين الخيارات اليمنية المتاحة! وبما أنها غير معنية، لا بمؤسسية تنظيمية ولا بمبدئية سياسية او روح وطنية او حساسية أخلاقية! فقد راهنت علي الجماعات المسلحة المنفلتة في الدولة، وذلك من أجل الوصول الي مآربها (تسليم السلطة لإبن صالح وتاليا إعادة سيرة النظام السابق، ولكن وبما إن الإبن (كنسخة) من الأب(كأصل) فالناتج مزيد من التشويه لتشوهات الأب، أي تعميق الأزمة الوطنية وتمديد الكارثة السلطوية!) المهم، كان دعمها المفتوح للحركة الحوثية المسلحة! وهي تنظيم أقرب بدوره للعصابات الإجرامية وقطاع الطرق! أي ليس لديه برامج سياسية او خطط تنموية، او مجرد وعي بمفهوم وإدارة الدولة الحديثة، او دراية بطبيعة التعقيدات القبلية والتوازنات السياسية/الإجتماعية التي تحكم اليمن! ولذلك تنعدم فيه المؤسسية والمحاسبة والشفافية والمشاركة في إتخاذ القرارات المصيرية بالمطلق! أي تتركز كل السلطات عند فرد واحد(أمير شيخ كبير، للتنظيم، ولكن يصعب قول رئيس، بمفهوم الرئاسة الحديث، في هذا التشكيل العشوائي او الجسم السرطاني!) وتاليا تحل الفردية محل المؤسسية/الدولة، والإندفاع والتهور مكان الإستراتيجيات ومعرفة توازنات القوي المحيطة. وبكلمة واحدة، غياب المسؤوليات والمعرفة لقيادة دولة حديثة! وهذا الوضع نفسه إلتقي مع أطماع إيرانية، بحكم المذهبية الشيعية الرابطة بينهما. وهذا اللقاء بدوره لم يكن صدفة بريئة، ولكنه جزء من إستراتيجية إيرانية بعيدة المدي، تحاول السيطرة علي كل دول المنطقة. وهذه الإستراتيجية نفسها تشكل الوجه الآخر من الثقافة او الهوية الإيرانية! بتعبير آخر، التمدد الإيراني ناتج من رؤية دينية، تحكم الدولة الإيرانية الشيعية! وبما أن التركيبة الدينية بطبعها تسلطية! فتاليا هي متجاوزة! لأن مرجعيتها عقدية/مذهبية، وليس الدولة القطرية في وضعيتها الحديثة، والمحكومة بقوانين وإتفاقيات دولية ملزمة! والحال كهذا، يصبح كل شيعة المنطقة إمتداد للدولة الإيرانية! ومما فاقم هذه الحالة الإبتلاعية التوسعية، أن النزعة الدينية/المذهبية تدعمت بنزعة تاريخية إمبراطورية، تجسدت في الروح القومية/الفارسية! وهي بدورها لا تقل تجاوزا وتعديا، ليس علي الجيران فقط! ولكن وصولا الي إزدراء مفهوم الدولة القطرية والعصر ككل! أي إيران بتكوينها وتطلعاتها، تمثل دولة متجاوزة ومتعدية بإمتياز! وتاليا لها قابلية ملء أي فراغ إقليمي ينتج في الجوار، وهذا إذا لم تصنعه أصلا! لتستفيد من مساحاته في تفريغ الشحن الشوفينية، المسيطرة علي تفكيرها وهواجسها المريضة! ولكن هنالك جانب آخر للمسألة، يتعلق تحديدا بسلطة الملالي الحاكمة في طهران. وهي في سعيها للمحافظة علي سلطاتها، وتحكمها في كل مفاصل الدولة الإيرانية! تولدت لديها أغراض إضافية من هذا التمدد! وتتمثل في أولا، شغل المجتمع الداخلي بمشاريع طوباوية توسعية، تخاطب مشاعره الدينية/القومية/الإمبراطورية! الشئ الذي يبرر أي فشل تنموي او تسلط سياسي داخلي! بحجة أن لا صوت يعلو فوق صوت وصيحات التمدد الإيراني المستحق! بتعبير ثان، العجز الداخلي الذي يواجه المشاريع الإيدويولوجية، المأزومة بدورها! يقابله إهتمام زائد ومحاربة دون كيشوتية لطواحين الهواء في الخارج! وثانيا، في هذا التمدد توظيف للعناصر الراديكالية الطموحة الخطرة، علي السلطة الحاكمة في طهران! وذلك عن طريق شغلها بمسؤوليات التمدد والحصول علي نفوذ جديد، بعيدا عن مركز السلطة، والذي يشغله الملالي حصريا! وثالثا، تبرير التحكم في الصرف المالي، دون رقابة او محاسبة! ومعلوم أن المال يمثل عصب السلطة ومصدر نفوذها ومنعتها! ورابعا، وجود قواعد لجوء في حالة وقوع الواقعة! أي حدوث إنقلابات او ثورات غير متوقعة(كهاجس يسيطر علي كل الأنظمة غير الشرعية!) ليتم من خلالها إلتقاط الأنفاس والبدء من جديد، في السعي نحو السلطة الإيرانية، كحق مقدس!
والأهم من النفوذ الإقليمي او التأثير الإيراني علي مجمل أحداث المنطقة، او كنتيجة لها لا فرق! أن هذا النفوذ أكسبها شخصية ذات إستقلالية من الإرتباطات الخارجية! وتاليا حضور الندية في تعاملها مع الدول الخارجية! أي فرض نفسها كأهم لأعب في المنطقة، والذي يصعب تخطيه او التعامل معه بتهور او إستصغار! وفي هذا الإتجاه، يصبح المشروع النووي، ليس مغامرة عبثية كما يري البعض، ولكنه وصفة مكملة للشعور القومي الإمبراطوري(أي مبرر من وجهة النظر الداخلية!) الذي لا يري أن هنالك من يتفوق عليه بالحق او بالباطل! والغرب نفسه لا يعترض علي المشروع النووي، بقدر ما يعترض علي السلطة الحاكمة، المسؤولة عن ذلك المشروع، وطبيعة طموحاتها او دورها الإفتراضي في المنطقة والعالم، وهو إعتراض وخوف مبرر! بدلالة ما يجري في المنطقة الآن، بسبب عبث الأصابع الإيرانية ومخالبها المغروسة، في جنبات الدول ذات التكوينات الشيعية في تركيبتها الإجتماعية! بمعني، المشروع النووي كالتوسع الإقليمي، يشكل جزء من الهوية الدينية القومية الإمبراطورية، المتأصلة ليس في الدولة الإيرانية فقط، وأنما في الشخصية الإيرانية وبصورة أكبر! وهو ما جعل تيار الحداثة في الداخل الإيراني، الذي يؤمن بالديمقراطية والمؤسسية وإستقلالية الدولة القطرية، وإستجابتها لتعاقدتها ليس الدولية فقط، ولكن لطبيعة اللحظة الحضارية الراهنة! تيار هامشي، وتزداد الضغوطات والحروبات المعلنة عليه، عند كل أزمة يتعرض لها المشروع الإمبراطوي الإيراني الوهمي! ومع الوضع في الإعتبار، أنه مشروع موُّلد للأزمات، بسبب أزمته الداخلية البنيوية! يمكن توقع حالة التضييق المتصاعدة مع مرور الأيام، علي تيار الحداثة. الذي يقاتل علي كل الجبهات، السياسية والثقافية والإستراتيجية والدولية.
ولكن ما علاقة كل ذلك، بالضربة السعودية التي تستند علي تحالف شبه عربي(لكل أهدافه!) علي اليمن(نجم الساحة الإعلامية ومحط إهتمام الفضائيات الآن، وكالعادة كمنخفض أزمات وبؤرة إنتهاكات إنسانية وسياسية!). والسبب يعود لتمدد النفوذ الإيراني من ناحية، والتقارب الإيراني الأمريكي من الناحية المقابلة! ووضع السعودية ودول الخليج الدائرة في فلكها علي الهامش! او علي الأقل لم يحترم الراعي الرسمي لدول الخليج(أمريكا)، مخاوف دول الخليج، ومكانة السعودية بصفة خاصة! بإعتبارها الأخ الأكبر في الخليج، والداعم المالي الأعظم لأنظمة عربية صديقة! وهذا الكبرياء السعودي المجروح(والمصحوب بمخاوف من تعاظم ونفوذ الدولة الإيرانية، بنسختها المذهبية المضادة، والتي تثير حساسية تكوينات مشابهة داخل المملكة نفسها!) وجد أن أسهل طريقة لرد الإعتبار، بل وأقلاها تكلفة! هي ضرب الخاصرة اليمنية الأضعف! وذلك لعدة أسباب، أولا، لضمان التفوق والسيطرة العسكرية(قلة الخسائر والإنتصار شبه المؤكد، وهي الوسيلة المفضلة لإسرائيل كما عهدناها في حروبها الأخيرة، بقصد رفع الشعبية الداخلية، وتأديب او شل أي روح مقاومة او التسليم بالتفوق المطلق للعدو! ولكن التاريخ أثبت أيضا حدوث المفاجآت او إنحراف اوهام الإنتصار المطلق!). وثانيا، سهولة جمع أكبر قدر من الحلفاء، الذين لا يكلفهم التعدي علي اليمن، الكثير من الخسائر(حال الضعفاء في كل زمان ومكان!). وثالثا، لموقع اليمن المجاور للسعودية(جوانب أمنية) من ناحية ، ولموقعه الإستراتيجي (التحكم في باب المندب ومرور مواد الطاقة الحيوية الي سوق النفط) من الناحية المقابلة. ورابعا، حسم التمدد الشيعي او الإنقلاب الحوثي. وفي هذا رسالة واضحة لإيران، لتعي طبيعة المواجهات القادمة، إذا ما سدرت في غيها دون ضوابط او إحترام للآخرين! وخامسا، الإستناد علي إتفاقيات دفاع عربي مشترك، بني عليها العنكبوت وراحت حماسة(سكرة) توقيعاتها او رغوتها الصابونية ذات الدسم العربي المميز، منذ وقت طويل! لتخرج من مغاراتها ودهاليزها، وكالعادة لتوظف فقط ضد الدول الضعيفة(أما الدول القوية فلها منطق وواقعية تحميها! لأن الأقوياء هم من يضعون القوانين، ومن باب أولي يحددون من تطبق عليه ومن يستثني من سوء عواقبها، وإلا فما الحاجة الي القوة من الأساس!). وسادسا، دعم السلطة الشرعية، التي يتبناها ويسيطر عليها الخليجيون المترفون، قليلي الدعم الإقتصادي والبركة السياسية!
ولكن وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن الموقف من النظام السعودي الحاكم، او مشروعية الضربة من جانب واحد(سياسة أمريكية روسية بإمتياز، تؤكد منطق القوة السالف ذكره!) او توخي المصلحة اليمنية، كما يتوهم بعض الرومانسيين! فإن هذه الضربة، تمثل ضربة معلم للدولة السعودية، وذلك للآتي( علي دارج اسلوب السيد الصادق المهدي، العاشق لطريقة النقاط والتسلسل الرقمي، لعرض وجهات النظر، والتشبه بأسلوب السيد الصادق فلاح، كما يري الأنصار ومريدوه!) أولا، إبراز شخصية الملك سلمان، كأحد الملوك الأقوياء، مما يدعم الأسرة المالكة، ويمنحها مقبولية وشعبية لا تتوافر مع الملوك الضعفاء(خاصية توفير الحماية والأمان!). وهذا بالطبع من سوء حظ من ينادي بتحول ملكي دستوري يحدث قريبا في المملكة! وثانيا، فك الإرتباط مع الولايات المتحدة الأمريكية، كمرجعية عليا لا تتحرك المملكة دون إذنها! بمعني الحصول علي نوع من الإستقلالية! يمنح المملكة ثقة بنفسها! ورعاياها السعوديين، جزء من الكرامة الضائعة والكبرياء المفقود، بسبب تحكم الغرب(أمريكا تحديدا) في المملكة! أي في مجمل خياراتها السياسية والإقتصادية والإستراتيجية! وفي هذا أيضا إرسال رسالة ضمنية لكل الدول التبعية، أن كراماتها ومصالحها وقوتها في إستقلاليتها، وأن النمر الأمريكي وكغيره من النمور الإمبراطورية! نمور من ورق عند الحاجة إليها، وتعذر وضوح مصالحها في تلبية تلك الحاجات! التي لا يندر ان تكون حاجات مصيرية لتلك الدول التبعية! وحالة إستقلال إيران وطبيعة علاقاتها او إحترامها من جانب الغرب توضح ذلك! خاصة العلاقات السرية التي لا يعلن عنها إعلاميا وجماهيريا! لخدمة أهداف لا تخفي علي الطرفين!! وثالثا، هذه البادرة الحاسمة، منحت المملكة الدور القيادي العربي، في هذه المرحلة التاريخية! والمملكة بإمكاناتها وموقعها مؤهلة للقيام بهذا الدور، وتاليا وضع حد للنفوذ الإيراني، كما ذكر سابقا!
ولكن وسط كل هذه التجاذبات والصراعات(الفيلية!) الإقليمية، ما هو وضع المواطن اليمني البسيط! ولسوء الحظ، أن البسطاء لا مكان لهم في هذا العالم، إلا كضحايا لسلوك وتطلعات الأقوياء! وكذلك تحول دولهم الي ساحة صراع إقليمية/دولية، لتنفيذ أجندات او تصفية حسابات، ليست ذات صلة بمصالحهم او طموحاتهم من قريب او من بعيد! فالدولة اليمنية كانت في قبضة صالح لفترة تزيد علي الثلاثة عقود، وطوال هذه المدة، كان يجد الدعم والقبول من المملكة وغيرها من الدول المحيطة، التي تذرف دموع التماسيح الآن علي اليمن الجريح ومستقبله القاتم! وحتي بعد إخراج صالح من السلطة علي يد القابلة الخليجية، لم تهتم بسلامة المولود(السلطة الإنتقالية، الشرعية التي تدعم الآن) او بنظافة جرح الأم(الدولة) مما جعلها تتخبط في أوضاعها الإقتصادية الصعبة والسياسية الملتبسة، وعلي رأسها ضعف شخصية الرئيس الإنتقالي، عبدو ربه منصور هادي، الذي مهد لكل هذه التطورات الأخيرة! وبالطبع لا يمكن نسيان دور الدولة العميقة، او تأثيرات الثورة المضادة كما يطلق عليها، وهي بطبعها او مصلحتها معادية للتغيير وجنين السلطة الشرعية المتخلق حديثا! أي كأحد الإفرازات السيئة والخطرة، لعدم حسم الوضع الثوري، بما يستحقه من صرامة وحكمة. تتلمس هشاشة الأوضاع الجديدة ولكن برؤية تنصب نحو المستقبل. وتحرص علي توطين أسس قيام الدولة الحديثة، بكل مضامينها وتفاصيلها المرعية. ويجب التذكير المرة بعد الأخري، أن المملكة وبقية دول التحالف، ليست في وارد التأسيس لنظام ديمقراطي، يضع اليمن علي طريق التحرر والتقدم والسلام، واليمنيين علي درب الكرامة والحرية والإستقرار! وذلك ليس لغياب تلك المفاهيم والأسس عن كل دول التحالف فقط! ولكن لأنها معادية لتلك التطلعات بالمطلق! بوصفها تطلعات تستهدف سلطاتها المطلقة، فوق أنها تبطل شرعيتها المجروحة عبر التاريخ والتحكم الفوقي الموروث!
والآن وبعد وصول الأوضاع في اليمن الي هذه المرحلة الخطيرة والحساسة! ما هي فرص النجاح او النجأة للدولة اليمنية من مأزقها العسير، والمفتوح علي كل أنواع المخاطر والموبقات السياسية/السلطوية والإجتماعية/القبلية والخسائر البشرية المادية الزمنية! خصوصا وإن الضربات الجوية وحدها لن تحل المشكلة(وداعش خير برهان!)، كما أن بقاء الحوثيين وجماعات علي عبدالله صالح، وغيرها من المكونات القبلية، وإنتشار السلاح وتوزع المظلوميات التاريخية، أمر واقع ولا مفر منه! كما أن السلطة القادمة، او التوازن السلطوي الذي سيعقب هذه التدخلات الخليجية. سيكون محكوم بطبيعة مصالح المنتصر، أكثر من مصالح وأولويات المجتمع اليمني(وإلا كيف سيغطي خسائره!) بمعني حتي ولو تم الإنتصار للتحالف، وفرض شروط المرحلة القادمة علي المكونات اليمنية! فإنها مؤكد ستقتفي أثر المصالح الخليجية أولا، ومن ثم مواليها من اليمنيين داخل السلطة الجديدة! وهذا بدوره سينتج مكونات ساخطة علي السلطة، بسبب تهميشها او هضم حقوقها في الكيكة السلطوية! كنتيجة حتمية لأي تغيرات ذات طبيعة عنفية، تحمل معادلات المنتصر والمهزوم الصفرية! وبقدر عمومية هذه النتيجة، إلا أنها في اليمن أكثر خطورة! وذلك بسبب أن العنف مصدره خارجي أولا، وتوافر السلاح والحزازات القبلية وكثرة الداعمين الإقليميين ثانيا! وضعف تجذر ثقافة الدولة الحديثة، لدي معظم مكونات الدولة اليمنية، أي حلولها في مرتبة دنيا عند مفاضلتها قبليا او طائفيا او مناطقيا، ثالثا! ولكن هل يعني ذلك، أن الإستقرار في اليمن، في إستحالة تواجد الخل الوفي وإبنة عمته العنقاء؟! لحسن الحظ كلا! ولكن توافره أيضا من الصعوبة بمكان، خصوصا وهو يعتمد علي طبيعة وإخلاص النخب السياسية والإجتماعية الفوقية والتحتية، وإجتماعها علي كلمة سواء. من أجل تعلية المصالح والمشتركات الداخلية، علي مصالح الداعمين الخارجيين(واقع فعلي الآن!) والوقوف بحسم ضد إغراءتهم او تهديداتهم! وكما هو معروف فهم يستثمرون في التناقضات المحلية وطموحات الساسة الإنتهازيين! بمعني، كلما كانت الجبهة الداخلية أكثر تماسكا وإيمانا بإستقلال الوطن وحقوق المواطنين، إضافة الي وضوح الرؤية المستقبلية، ومراعاة مخاوف المكونات المحلية، وتفهم طبيعة المرحلة الحضارية، الحاكمة داخليا وخارجيا. كلما كانت فرص النجاة أكبر ومقاومة أطماع الخارج أعظم! وبالطبع العكس أيضا صحيح، وللأسف هو الأكثر حدوث او توقع للحدوث! ويستمر مسلسل لأ حياة لمن تنادي، دون نهاية في الأفق القريب، وكأن قدر المنطق الإنتحار المجاني او الموت البطئ!
أما دور الخليج تحديدا، فيتمثل في معالجة المشكل الإقتصادي او أم المشاكل وراس الأزمات! وذلك من خلال تقديم حوافز تنموية بصورة شفافة( إقامة مشاريع تستقطب اكبر قدر من العمالة مع مراعاة كل الجوانب الإقتصادية الفنية التنافسية! بمعني الفصل بين مفهوم الإقتصاد وعاطفة الإحسان وثقافة المحسنين! لأن الخلط بينهما يضر بالإقتصاد ولا ينفع الفقراء علي المدي البعيد! والأهم أن مفهوم الإقتصاد يتعامل مع الموارد المتاحة من أجل تعظيم فؤادها، لذلك تشويشه بمؤثرات خارجية(إحسان عقائد مجاملات!) ينعكس في شكل أسوأ وأفشل أنواع الإقتصادات! ولكن ما يستحق العدالة حقا، هو توزيع الفرص بالتساوي والمنافع العامة المتحصلة من المنجزات الإقتصادية حسب الأولويات الإجتماعية والسياسية..الخ) ومن ثم دمج إقتصاد اليمن في إقتصاديات الخليج بصورة تدريجية. وكذلك فتح فرص عمل للشباب اليمني في الدول الخليجية(أفضلية تميزية مدروسة!). وهذا بدوره يتطلب من الدولة اليمنية، توفير أسباب الإستقرار، وتعديل قي القوانين والمزايا الإقتصادية، بحيث تكون جاذبة للإستثمار لتتواكب مع المرحلة الإقتصادية لدول الخليج! أي حدوث نوع من المواءمة بين إقتصاديات الخليج والإقتصاد اليمني. في صالح الأخير، لإخراجه من كبوته، وذلك ليس حبا في اليمن فقط! ولكن للمصالح البعيدة المدي للخليجيين. وهو ما يوفرها يمن مستقر إقتصاديا وسياسيا ومحط تنمية وإزدهار مستدام! وهذا بدوره لأ يعني أن إقتصاديات الخليج هي الأمثل، او لا تعاني من إختلالات إستهلاكية، مقابل روافع إنتاجية حقيقية! ولكن يعني أن اليمن ليس ساحة حرب وتخلف وفتن قبلية وإنتشار للسلاح بصورة أهلية فقط! ولكنه أيضا ساحة لقبول التنمية وتقبل التطور السياسي والإقتصادي والإجتماعي والإنساني! ولو حسبنا تكلفة خسائر الحملة السعودية المغلفة بالغطاء العربي، والدائرة في اليمن الآن! لوجدنا أن نصفها كافٍ لإخراج اليمن من جب الفقر وفتن القبيلة ورعب التسلط العسكري، الرازح تحت نيره سنينا عددا! ولكن وكإدمان العادة التسلطية التجبرية! الأقوياء تستهويهم شهوة الحروب وشهرة البطولات، لإشباع غرائز التفوق! وأما الثمن فلا أهمية له! لأن من يدفعه أُناسٌ مجهولون! كل هويتهم ونصيبهم من الدنيا، صور باهتة علي شاشات الفضائيات و أرقام باردة علي طاولات المباحثات! تحت أنغام الموسيقي والفلاشات المضيئة والضحكات الدبلوماسية الأنيقة، بين الأقوياء! لأجل هذا، معا ضد الحروب، ونعم للسلام ومرحبا بالنضال السلمي!
كلمة أخيرة
المؤكد أن البشير من أكبر المستفيدين من هذه الحملة بإشتراكه في هذا التحالف! فغير انه أعاده الي حظيرة التحالف العربي الذي تتزعمه السعودية بثقلها المالي والسياسي، وتدور في فلكه معظم دول الخليج والدول العربية المؤثرة! فهو أيضا يعده بدعومات مادية وسياسية ودبلوماسية هو في أمس الحاجة إليها! لترميم شرعيته المهترئة وسلطته التي تتآكل من الداخل وتحاصر من الخارج! وهذا الموقف ليس من حسن تدبير البشير وقراءاته النافذة للأحداث من حوله! ولكنه وفي كل الأحوال، يصب في خانة سوء حظ المعارضة! والسبب في رفض هذه الوضعية التي تخدم البشير(الإنقلابي غير الشرعي!) وتتعارض مع مصالح المعارضة والوطن والمواطنين فقط! لأنها تكافئ المجرم(البشير) أي تخدم التدهور الإقتصادي والإرهاب السياسي والفساد الشامل، وتعرض الوطن لخطر التفكك، وتتضعف فرص إيجاد حلول مرضية وعملية للأزمة الوطنية الشاملة! وهذه الحالة تنتج في العادة، لأن السياسات الخارجية بل حتي الداخلية للدول، تبني علي توازنات القوي والقراءة الموضوعية للأحداث! وتاليا فهي صادمة لأي أمنيات، لا يدعمها العمل الجاد، وإجادة التعامل مع الإمكانات والفرص المتاحة، بتدبر وبعد نظر ووضوح الأهداف النهائية، والأهم الوصول للجماهير العريضة وإقناعها لدعم أي مخطط او مشروع يستهدفها في النهاية! بتعبير آخر، كل الدول تهمها مصالحها اولا، وليس لها علاقة بمن يحكم، سواء كان البشير او النذير او الشيطان الرجيم! أي ما يهمها في القطة فقط، أنها تأكل الفئران! وهي غير معنية أساسا بمصالح شعب ما او رفاهية مجتمع آخر! ومن يشكك في ذلك، بين يدينا الآن المباحثات النووية قيد التوقيع علي معاهدة بين الشيطان الأعظم ومحور الشر الأكبر! المهم، الإمتعاض من إستفادة البشير الآنية، لا يغير في الواقع شيئ! ولكن ما يغير الواقع وكل الأشياء حقا، هو تعديل كفة الواقع لصالح المعارضة والعمل المعارض! وعندها فقط، لا الخارج ولا أخشاب الدعم المسندة في الداخل، تقوي علي حماية البشير الإنقلابي او دعم نظامه غير الشرعي! هلموا الي تغيير الواقع يرحمكم الله!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.