"الأورطة الشرقية" بديلة للقوة المشتركة.. خبراء: البرهان يدفع بورقة الميليشيات لإطالة الحرب    الخطوط العريضة لمؤامرة الكيزان على ولاية الجزيرة    الهلال السوداني ضمن قائمة الأندية العشرة الأفضل في افريقيا    موسيالا: أفكر بتمديد عقدي مع البايرن    مسرطنة وتهدد الخصوبة.. تحذير من مستحضرات التجميل    هل حرب السودان، علامة لآخر الزمان؟! (1)    حركات الكفاح المسلّح تعلن إيقاف هجوم خطير    تظاهرة سودانية في لندن ضد حمدوك    السودان..عملية نوعية لقوة من اللواء43 تسفر عن ضبط أخطر 5 متهمين    الصديق النعيم موسى يكتب: إلى عبد الماجد عبد الحميد!!    متى أدخر ومتى أستثمر؟.. 7 نصائح في عالم المال والأعمال    كأس الرابطة.. تأهل أرسنال وليفربول ووداع مفاجئ لمان سيتي    شاهد بالفيديو.. ملكة جمال السودان ترد على "مراهقة" سودانية وقعت في حب رجل يكبرها ب 13 عام    ياسر العطا وسط المشتركة وكتائب الإسناد: هذه الحرب تقودها الأمة السودانية بكل أطيافها ضد ( شيطان ) السودان المسمى بالجنجويد    "قد يقدم إجابات غير صحيحة".. كيف يتفاعل الطلاب مع "الذكاء الاصطناعي"؟    شاهد بالفيديو: ترامب يفاجئ أنصاره بمؤتمر صحفي من شاحنة قمامة في ولاية ويسكونسن    ياسر الكاسر    حركة مناوي: قواتنا المشتركة لم ولن تنسحب من الدبة    رحيل الموسيقار السوداني عبد الله عربي    أنبذوا التعصب ياهولاء؟؟)    مجلس المريخ يهنئ الأهلي المصري    وفاة الممثل مصطفى فهمي عن عمر ناهز ال82    عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم"الأربعاء" 30 أكتوبر 2024    أول إجراء قانوني ضد ماسك بسبب جائزة المليون دولار    الهلال السوداني يتربع على صدارة الدوري الموريتاني    تورط جبريل إبراهيم في عملية إرهابية بتشاد    5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد    وضعيات النوم.. تعرف على المزايا والعيوب وحدد ما يناسبك    صحفي سوداني في قبضة السلطات    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تجري جولة بأقدامها من "الحلفايا" وفي طريقها إلى "الأزيرقاب" وتطمئن المواطنين    شاهد بالفيديو.. نساء موريتانيا يتظاهرن بأحد شوارع نواكشوط ويهتفن باسم السودان ومتابعون: (شكرا من القلب لأجمل وأروع وأنبل نساء بالوطن العربي)    وفاة حسن يوسف.. تعرف إلى أبرز محطات مشوار الفنان المصري الراحل    السودان يقرّ ضوابط جديدة لتنظيم التجارة الخارجية    شاهد بالصور.. توقيف شبكة إجرامية تنشط فى إستلام المال المسروق بواسطة مباحث كررى    عمرو دياب يثير الجدل على مواقع التواصل بعد حذفه جميع صوره    صندوق النقد الدولي يتوقع انكماش غير مسبوق للاقتصاد السوداني    الحرب في الميزان "الخضري"    قوات الدعم السريع – العلاج الكيماوي لسرطان الإخوان    شاهد بالصورة والفيديو.. التيكتوكر السوداني المثير للجدل "ميشو": (أتمتع بأنوثة أكثر من حنان حسن وسأقود متحرك للدعامة مع صلاح سندالة فاقد الرجالة وحمدوك أب كريشة الغليت العيشة)    الثروة الحيوانية ودورها في التنمية الإقتصادية في ولاية جنوب دارفور    السودان..الفرقة الثالثة تلقي القبض على متهم خطير    وزير المالية البنك الدولي إعادة إعمار ما دمرته الحرب بالسودان    منظمة دولية تدشن ورشة لتحسين اقتصاديات المجتمعات المحلية بالبحر الأحمر    إعجاز الحوار القرآني    الجيش الإيراني يقول إن ضربات إسرائيلية استهدفت قواعد عسكرية في محافظات إيلام وخوزستان وطهران    كهرباء السودان تعلن عن برمجة مفاجئة    المخرج السوداني كردفاني يكشف أسرار نجاح وداعًا جوليا    اغتيال محمد صباحي    عبقرية العسكري متوسط الذكاء    الدفاع المدني والشركة السودانية للكهرباء بالقضارف يحتويان حريق في المحطة التحويلية    رجل أعمال يتعرض لسرقة اكثر من (70) مليون جنيه من حسابه عبر تطبيق بنك شهير    السلطات المصرية تنفذ حملة أمنية جديدة على المدارس السودانية    ماذا نعرف عن تفشي بكتيريا قاتلة في وجبات من "ماكدونالدز"؟    محكمة جنايات عطبرة تصدر حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت في مواجهة متهم بتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة ومعاونة القوات المتمردة    بالصورة مسيّرة "حزب الله" أصابت بدقة نافذة غرفة نوم نتنياهو    حيوية العقيدة    حسين خوجلي: ود مدني بين السواك والارتباك    الحياة الصحية.. حماية للقلب والشرايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة فساد.. أم أزمة وطن..!
نشر في السودان اليوم يوم 04 - 05 - 2014


بسم الله الرحمن الرحيم
أزمة فساد.. أم أزمة وطن..!
من المفارقات التي أغرقنا فيها نظام العجائب والبدع والمحن هذا، أن تتزامن دعوة الحوار مع تفجر قضايا الفساد في كل إتجاه! وكأنها مقدمة منطقية لمآل الحوار، الذي يحيط به الفشل من كل جانب. ولكن هل يجوز الحوار أساسا في طقس تخيم عليه أجواء الفساد الخانقة؟ وهل الفساد المنتشر الآن، يشكل جزء من أجندة الحوار؟ أم هو من القضايا ما فوق النقاش والتناول بجدية؟! والمؤكد وفي كل الأحوال، أن قضية الفساد ليست جديدة علي نظام، هو أس الفساد او البؤرة المؤسسة للفساد! بمعني أنه آلية تعمل في نفس سياق عمل التنظيم وممارساته المألوفة، أي طريقة العمل السرية والتستر علي الأخطاء، بإعتباره منظومة نهب مُمنهج للموارد، وإستباحة عارية للوطن! أي كجزء من خطة التخفي، حتي لأ تتكشف حِيَّل النظام، ويتلطخ وجهه التقي وثوبه النقي ببقع الذنوب، وهو من يدعو للطهارة والنقاء وتطبيق شرع الله! وبهذا يفقد أحد أذرع التضليل الفعالة!! وهذا بدوره يفسر حجم الكوارث والمآسي التي سببها هذا النظام، أي حجم الدمار غير المسبوق، والذي تفوق به علي أنظمة أشتهرت تاريخيا بأنها أم المصائب والبلاياء. والمقصود تحديدا، إن ما جعل آثار عمل هذا النظام القاصر، تُحدث كل هذا الدمار الهائل! هو حجم التناقض المُدهش، الذي يُلازم سيرته ومسيرته، بل يتخطي ذلك، بالسيطرة علي آليات عمله وبالتحكم في مرجعيته، التي يستقي منها برامجه ويحدد علي ضوءها وجهته! أي نظام يدعو لتحكيم القيم ومعايير العدل والأخلاق، ولكن من أرضية لأتمت الي الإخلاق بصلة، وفي فصل تام وجذري بين القول والفعل، والقدوة والممارسة! ونظام يدعي إمتلاكه لمشروع حضاري، قادر ليس علي نقل البلاد نقلة حضارية فقط! ولكن له طموح في تغيير العالم ذاته! وضبطه علي معاييره الحضارية الرسالية، وقيادته خلف مسيرته القاصدة! ولكن كل هذه الطموحات العريضة والأحلام المجيدة، لأ تسندها لأ رؤية موضوعية للواقع المحيط، أو قراءة عقلانية لآليات عمل العلاقات الدولية، أو خلاصات التجارب التاريخية والإنسانية! بمعني أنه مشروع، وفي أحسن درجات إحسان الظن به، هو مشروع رغبوي طفولي، لأ يعكس العجز عن فهم الواقع والتعامل معه فقط، ولكن الأسوأ من ذلك، هو إنكاره للواقع ذاته، والقفز علي الزمن والمراحل! وذلك ليس لإدراك الواقع المعقد والمتشابك، ولكن بتجاوزه عبر خلق واقع وراهن آخر مُتخيل، وأكثر مثالية منه، بل يعمل بصورة محددة من أجل نقض الراهن الحالي وإثبات عجزه وسيئاته!! وهذا بدوره لأ يُشير الي عبقرية طارئة تنزَّلت علي طارحي المشروع الحضاري، او تعبير عن مدي إنسانيتهم وخيريتهم! ولكن العكس هو الصحيح تماما! بمعني، إن الإساءة للراهن او اللحظة الحضارية الحالية، التي لأ يملكون مجاراتها ناهيك عن التفوق عليها، او علي الأقل تقديم بديل مقنع وواقعي لها! هو ما يعكس حالة العجز والإفلاس والدونية حيالها!! بتعبير آخر، إن اللحظة الحضارية الراهنة وبكل تفوقها ومنجزاتها، ذات الجذر الغربي او سمه الآخر المُغاير، هي من يشكل دوافع المشروع الحضاري! أي، أن المشروع الحضاري ليس مشروع ديني كما يبدو ظاهريا او كما يُعلن عنه، بل هو مشروع دنيوي مُنهزم، او يتبناه إنهزاميون او هو إنعكاس لحالة إنهزام متأصلة وضمور وجداني وتهميش حضاري، يعاني منه أصحاب المشروع الحضاري!! بهذا يصبح المشروع الحضاري، مجرد آلية نفسية تعويضية للفوات الحضاري، تحركها عقدة الدونية او التأخر! وهي بدورها تحيل المشروع برمته، الي آلية دفاعية عدائية، وتاليا تبرير كل ما لأ يمكن تبريره، حتي وفق ما يطرحه المشروع الحضاري ذاته! أي وفق أدبياته وقيمه المعلنة!! بتعبير آخر، تتحول المبادئ والقيم والشعارات، التي تعمل كروافع إسناد ودعم للمشروع، ليست لآليات تمويه فقط! ولكن يتم توظيفها عكس مضمونها، أي كجزء من الأسلحة وخداع الحرب! أي يتم تحويلها من وسائل ومضامين، لترقية وتهذيب وحفظ حياة الإنسان، الي فخاخ وألغام تستهدف حياة الإنسان(الآخر) ذاته! وبهذا يتحول الإنسان من ذات وروح وقيمة، الي موضوع او وسيلة تستعمل كغيرها من الأدوات في الصراع من أجل السلطة! وبالطبع كل تلك الإستماتة ليست لله، ولكن في سبيل البقاء أبديا علي سدة الحكم! أي المشروع الحضاري في حقيقته، ليس مشروع بناء أو إضافة، او تعمير للبلاد او تحرير للأفراد، او تحسين لشروط الحياة! ولكنه بالضبط، مشروع غريزي، او تحركه غريزة البقاء فقط! ومعلوم أنه في ظل تحكم هذه الغريزة، لأ معني للحديث عن أخلاق او قيم، حتي ولو كانت معلنة بكثافة، ومن علي كل المنابر والأفواه! ولأ للحديث عن نظام او شفافية او مرجعية معقولة، مهما تدنت درجة مقبوليتها! إذا صح ما ذكر أعلاه، يصبح الحديث عن الفساد او التعامل معه بكل برود وسلبية، او التعايش معه بصورة مألوفة، هو من باب تحصيل الحاصل! بمعني في أوضاع كهذه، يصبح الفساد هو المتن، وعدم الفساد هو الهامش او الإستثناء! بتعبير آخر، الفساد نتيجة وليس سبب! بل نتيجة منطقية لمنظومة تقف خلفه، وتمده بأسباب الإستمرار والبقاء وشرعية التعايش! وهي سلفا منظومة لأ تحكمها أي معايير، سواء أكانت دينية أخلاقية او سياسية دنيوية او وطنية وضعية! والمعيار الوحيد الموجه لتوجهاتها، هو البقاء في السلطة الي الأبد!! بمعني، إن التفكير العدائي الذي يحرك هذه المنظومة، هو تفكير غير عقلاني، ويعمل في بيئة مُشبعة بالشكوك والهواجس والقلق، وتاليا فهو لا يحترم الآخر و لأ يحتمله او يقبل التعايش معه او يؤمن بالمشاركة والتعاون! فالفكر عندها عملية خُلاصية خَلاصية، وليست جدلية نقدية تراكمية او نسبية! أي الصورة لديه وأضحة! إما البقاء في السلطة او الفناء!! أي إما أن يحكم او يتلاشي! وبالطبع هو تفكير لأ يحتمل فكرة التلاشي فقط، ولكنه يربط بين تلاشيه وإنهيار العالم وضياع القيم والمثل..الخ. وبما أن هذا الهدف، أي البقاء في السلطة، أصبح راهنا تحكمه أسس ومعايير معلومة، لا يملك الوفاء بمتطلباتها, وأقلاها الإتفاق بين الشركاء في الوطن، والرضاء العام من قبل المحكومين! يصبح الطريق الآخر المُتاح، هو تجاوز هذه المعايير، عبر التسلط والقهر وفرض الوصاية! وبهذا يصبح الإستبداد ليس خيارا مطروحا أمام منظومة كهذه! ولكنه لأزمة لأ يستقيم لها وجود من دونه! بمعني وبما أنها منظومة غير قادرة علي إنتاج قيم جيدة وبرامج صالحة تستهدف الخير العام، او مجرد توفير حد أدني من الكرامة الإنسانية للمحكومين، فتاليا يصعب عليها الترويج لمشروعها او الحصول علي مشروعية جماهيرية! لتجد نفسها أمام خيارين، أولا محاولة السطو علي الإرث التاريخي والثقافي والقيمي للمجتمع، من أجل خلق شرعية مزيفة، ولكن مع مرور الوقت تتحلل من هذا الإلتزام المكلف، و الذي يتصادم مع شهواتها الجامحة، لتجد نفسها أمام الخيار الآخر وجها لوجه! وهو الظهور بوجهها الحقيقي، أي الوجه الخالي من الرحمة والمنفعة والحياء! وبالطبع الوسيلة الوحيدة لهذا الخيار، هي القوة العارية، في حده الأعلي، والمال في حده الأدني! وعند هذا الحد الأدني يدخل عامل الفساد، كاحد آليات حماية المنظومة، أي السيطرة علي المال وطريقة توزيعه وتوظيفه! وبما أن الشكل العام او المظهر العام للدولة، يستوجب وجود بعض الأجسام والإجراءات الشكلية، كوزارة المالية والمراجع العام والقضاء والإعلام..الخ، لذلك يحدث نوع من التضارب والإرتباك والتناقض عند هذه النقطة، أي حالة التماس، ما بين الدولة كمشروع حكم شرعي ومعترف به، حتي ولو كان شكليا، إلا أنه يحتاج لدرجة من النظام والتنظيم! وبين المنظومة الحاكمة، أي كرغبة عارية ومتحللة، من أي قيم او ضوابط، أي كمنظومة همجية تحركها دوافع غريزية في أدني صورها البدائية! عند هذا التماس، يتم تقديم بعض القرابين او يضحي ببعض الأفراد، حسب ما تُمليه مراكز القوي او إتجاهات الصراعات الداخلية لهذه المنظومة العبثية! بتعبير آخر، يتم اللجوء للدولة وآلياتها، كإيصال بعض قضايا الفساد الي المحاكم، بعد كشفها وتسليط أضواء الإعلام عليها! كنوع من الإيحاء أنه توجد دولة أصلا وتقوم بواجباتها. وليست منظمومة شبحية، عصية علي الضبط او التعامل معها! وتدير الدولة بإسلوب ماسوني او أسلوب المافيا والعصابات! وهي تداوم علي إزدراء الدولة والنظم واللوائح والمؤسسية، التي تعادي سلوكها العشوائي وطبعها الرعوي! أي تعبر الدولة عن نفسها فقط! عندما تحاصر الأخطار اللادولة او اللانظام الذي يحكم!! ومع زيادة تآكل المشروعية الكاذبة، يزداد الحصار علي المنظومة العدمية الحاكمة، وتاليا تزداد التضحية ببعض الأبناء، وغالبا من الدائرة الأبعد، او الأقل تهديدا لبقاء المنظومة وتأثيرا علي تماسكها وفاعلية علي أداءها العدمي! ولأ يعني ذلك بأي حال من الإحوال، تبرئة القرابين او الملفوظين كأنوية البلح او المناديل الورقية، من هذه المنظومة! وذلك لسببين، أولان لأن أصل الخلاف ليس لمصلحة الوطن او صالح الجماهير، أي يستهدف المصلحة العامة! ولكنه خلاف داخلي، يستهدف المزيد من السيطرة علي البلاد والنهب للعباد، وزيادة الإمتيازات بين أفراد المنظومة العدمية! وثانيا، لأن الدفاع عن أي مجرم، هو دفاع عن الجريمة، ومن ثم التمكين لشرعة الغاب، وهي بدورها تعبد الطريق لفناء البشرية علي المدي القصير! إذا صح ذلك، تصبح قضية الفساد في ولأية الخرطوم او قضية الأقطان او غيرها من القضايا الشاغلة للساحة الآن! هي مجرد تصفية حساب بين الشركاء، أي لتحديد أحجام الأفراد ونفوذهم داخل هذه المنظومة الفاسدة بإطلاق! هذا من جانب، ومن الجانب الآخر، الإيحاء بأن هنالك جهود تبذل لمحاربة الفساد، بوصفه عمل شائن لأ يليق بسلطة تتبني مشروعا إسلاميا! وتصوير الأمر وكأن الفساد داء محدود الأثر او حالات شاذة، يمارسها بعض الأعضاء من ضعاف النفوس والمتنكرين لقيم المشروع الحضاري! وأن السلطة لأ تتهاون حتي مع أتباعها إذا ما ثبت تورطهم في الفساد!! وذلك للإيحاء بأن هنالك رقابة وحرص علي أموال الشعب من الفاسدين!! وقد تكون رسالة مبطنة لبعض الشركاء، المشكوك في ولاءهم المطلق لزعماء المنظومة، بأن مصيرهم بأيدي أولئك الزعماء! لذا يجب عليهم ألا يفكروا في الإنقلاب علي الزعماء او عصيانهم، او الطموح في أكبر من إمكاناتهم، او اللعب بعيد عن الأدوار المرسومة لهم، أي غير مسموح بالخروج عن النص! وكل هذا لأ ينفي أن القصد من هذه الفضائح، هو حرف الأنظار عن رؤية غابة فساد المنظومة الشامل، بشغلها ببعض الأشجار التي فاحت رائحتها وتهتكت ذمتها أمام الملأ!! وما يؤكد أن الموضوع كله مجرد تصفية حسابات او تمثيليات هزلية او رسائل تحذيرية، هو القوانين الموضوعة لمكافحة الفساد، كإقرارات الذمة التي بني عليها العنكبوت او كقانون مكافحة الثراء الحرام سيئ الصيت. ورغما عن جهلي بالنواحي القانونية، وعطفا علي ما ذكره الكثيرون في هذا الشأن، فإن هذا القانون وبغض النظر عن عدم التقيُّد به هو ذاته! هو في حقيقته قانون مساعد علي الفساد، بل ومشجع للنفوس المريضة علي الوقوع في براثن الفساد، وهي منظمومة لأ تشكو من قلة طغيان تلك النفوس! فكيف يبيح قانون في الدنيا، للفرد أن يتحلل من جرمه بمجرد إرجاع ما سرقه، أو أن يعترف بخطأه وبعد إكتشافه، أي لم يبادر من تلقاء نفسه؟! فكأن القانون بحالته هذه، يقول للجميع أسرقوا وأنهبوا، فإذا قبضنا عليكم، يمكنكم إرجاع ما سرقتم! أما إذا لم نقبض عليكم، وعموما ليست لدينا النية في القبض عليكم! فأستمتعوا بما غنمتوه كمكافأة لكم علي مهاراتكم (وفهلوتكم او حرفنتكم وتفتيحتكم في دولة وهم)! فهل مادة بهذا التصور، يصدق أنه وضعها قانوني، يسعي لبسط الأمن والأمانة بين الناس! أم وضعها لص او حرامي، عينه علي السرقة حتي قبل سن القانون! بمعني، إن الجريمة الحقيقية هي في هذا القانون المُعيب! والمجرمون الحقيقيون هم من وضع هذا القانون او هذه المادة، ومن وافق عليها ومن يطبقها! أما من يستغلونها فهم مجرد لصوص صغار تستهويهم هذه المخارج، لكي يقعوا في لصوصية تساكن شخصياتهم وتلاءم طباعهم ورغباتهم المنحرفة! وعموما لأ يشكل ذلك غرابة لمنظومة منحرفة كليا، وتشكل قبلة ومتكأ للمنحرفين!
وكل ما ذكر أعلاه يقودنا الي نقطة مهمة، وهي عدم الإنجرار وراء قضايا الفساد المنتقاة بعناية، ومهما كثرت وتعاظمت ونشرت دخانها وضبابها في كل فضاء الوطن! ولينصب الإنشغال او الإهتمام علي جذور الفساد او البيئة المنتجة للفساد. وظاهريا يبدو الفساد كظاهرة مستقلة، عن منظومة أكبر وأخطر، لأ يمثل الفساد فيها، إلا التعبير الأكثر وضوحا وظهورا، والأعمق ضررا علي حاضر ومستقبل البلاد! أي الفساد هو الأبن الشرعي لمنظومة المشروع الحضاري السالفة الذكر، خاصة وهو يعبر عنها تعبير صارخ وصادق! وكما أنه من السهل إرجاع كل النكبات والمحن والأخطاء لهذه المنظومة الإسلاموية، التي لم يعرف عنها إلا تصدير المصائب وفتح أبواب الفتن ونشر الفساد في الأرض! ولكن الحقيقة الصادمة، أن هذه الجماعة الإسلاموية المارقة، هي التجلي الأعظم للأزمة الوطنية الخانقة!! بمعني، إن الأزمة الحقيقية، ليست في الجماعة الإسلاموية او في الدين او في التلاعب به، ولأ في غيرها من العقائد الوضعية، رغما عن أزماتها الداخلية هي الأخري! ولكن الأزمة الحقيقية تتمثل في البيئة المنتجة لهذه الجماعات، وفي تعاملها مع العقائد السماوية او الأرضية! بتعبير آخر، إن هذه الجماعات، ورغما عن ممارساتها الشيطانية، والتي يبدو ظاهريا أنها لأ تشبه البيئات التي أنتجتها! او كما عبر الأديب الراحل الطيب صالح، من أين أتي هؤلاء؟! إلا أن الحقيقة تشير الي أنها إبنة هذا الواقع و صنيعة هذا المجتمع! والأصح هي إبنة الطبقة المأزومة من المجتمع، وبالتحديد النخبة المتعلمة! او من فرضت نفسها كقائد وموجه ووصي علي بقية مكونات المجتمع! وبتعبير أكثر وضوح، إن الأزمة الحقيقية هي أزمة نخبة تلقت تعليما حديثا!! ولكنه تعليم خال المحتوي، أي تعليم تلقيني شكلي، لأ يُحفز علي التغيير او الإبداع او الإستغلال او التحرر الفردي والعام! أي من غير مضمون قيمي او وطني او حتي أكاديمي بحت(ينتج علماء باحثين وليس علماء حافظين)، تَنسِب له هذه النخبة كل تميُّزها، اي نخبة معيارها الوحيد، هو التفوق الأكاديمي، ودخول مدارس مميزة ومن ثم جامعة مميزة! وبهذا تُكتسب صفة التميُّز! وطبيعي بمقياس كهذ لأ يبني التميز علي المردود او المنافسة من خلال العطاء العام والمنفعة المجتمعية! أي ليست هنالك معايير وطنية او قيمية او إبداعية علمية(ربط العلم بالواقع) لهذا التميز! أي التميز كمي(المجموع وتاليا المدرسة الجامعة) وليس نوعي(إبداع في أي من المجالات مع ربط الإبداع بالمصلحة العامة)! بتعبير آخر، لم تبنِ النخبة تميُّزها، بإرتباطها بواقع مجتمعاتها و من ثم حل مشاكلها، أي تدريبها علي التعامل مع مشاكلها بطريقة علمية منهجية وتخطيطية، من أجل الدفع بها الي الأمام! بمعني، إن النخبة لم تستطع تنمية مواهبها العقلية، وتطوير قدراتها العلمية، لإنتاج منظومة معارف ومبادئ عامة، تقارب مشاكل البلاد، وتجترح لها حلول واقعية وآفاق تطور مستقبلية، وتقترب من هموم المواطنين، وتحترم خياراتهم الحرة، من موقع الندية وتقاسم الأدوار! أي بتحطيم صنم الأستاذية الذي عبدته النخبة طويلا، وأستمتعت من خلاله بدور الرشاد والهداية للمجتمعات الجاهلة! أو علي الأقل في قيامها بواجبها التغييري التنويري، من موضع مساواة مع الآخرين الشركاء في الوطن، هو رد لدين مستحق، ليد سلفت في تعليمها وتأهيلها، من أموال مستقطعة من حر جوعها وآلام مرضها وقلة تعليمها وهشاشة دولتها! ولكن للأسف العكس هو تماما ما حدث! أي بنت النخبة تميُّزها بالإستعلاء علي مجتمعها وإحتقار عادته وتقاليده وظروفه ولحظته التاريخية! بل كان شرط إستمرار تميُّزها، هو جعل المجتمع نفسه في حالة تأخر، أو علي الأقل يظل خلفها او في طبقة أدني، سواء من ناحية معنوية، متعلم/جامعي/مثقف/ مقابل المواطن العادي، او من ناحية مادية، بإمتلاك أسباب الرفاه المادي، إغترابيا(خارجيا) او وظيفيا وطبيا وهندسيا او رجال أعمال(داخليا)..الخ، أي من أجل خلق فوارق مادية هائلة بينهما، أي بين المتعلم النخبوي والمواطن العادي. ولم تكتفِ بذلك، بل جعلت مدار التميُّز هو المادة فقط! وبكل ما تحمله هذه المعيارية من خطورة علي قيم وتقاليد مجتمعية أكثر إيجابية، وفي مجتمع غالبية مواطنيه تجاهد من أجل الكفاف، ومتروكة لمواجهة أقدارها من غير مساعدة!! أي تبنت وعممت النخبة قيم جديدة ذات طابع مادي وقليلا من القشور الحداثية، تصب في جعلها في المقدمة ومدار الإهتمام والخدمة! علي أن تكون بقية مكونات المجتمع في خدمتها ورهن إشارتها! أي بدلا من أن تأخذ بيد المجتمع الفقير، وتسعي بجد لتخليصه من فقره، وإقناعه بالتعامل بواقعية مع ظروفه، كأوجب واجباتها! نجدها لم تتركه لحال سبيله فقط! ولكنها فاقمت من أزمة فقره و معاناته وتحميله فوق طاقته، بزيادة الفوارق المادية، وإحتقار الفقر وتهميش الفقراء، والحط من قدرهم بلسان الحال والأفعال!! ويمكن في هذه الجزئية الحديث بإسهاب عن شكل المناسبات الإجتماعية والمباني السكنية ونوعية المركبات الخاصة وعددها..الخ من الممارسات النخبوية، شديدة التدمير للنفسية والرابطة المجتمعية والمكتسبات الإقتصادية الشحيحة، للطبقة العادية من المواطنين. وتزداد الخطورة والمأساوية بتقليد الأخيرة للأولي، في ممارساتها وسلوكها الطبقي، ولأ حول ولأ قوة إلا بالله! أي النخبة سعت لتكريس الطبقية التعليمية بينها وبين بقية قطاعات المجتمع. وهذا الإحساس بالنخبوية نجده يفرض نفسه حتي بين المتعلمين! أي بين التخصصات المختلفة، هذا من جانب، و من الجانب الآخر، بين من تعلموا سابقا، ويعتقدون أنهم أكثر تميز من المتعلمين اللأحقين، الذين يصفونهم بالضعف، وفي حقيقة الأمر هم يستمتعون بهذا الضعف، الذي يضاعف من مكاسب تميزهم أي بإعتبارهم نخبة النخبة!! بدلا عن الإحساس بالذنب والتقصير! والأكثر أسف، حتي الجانب الأكاديمي الذي نسب اليه كل هذا الفضل، نجد أن النخبة السودانية لم تنتج علماء حقيقين! أي أن يكرسوا حياتهم لعلمهم وأبحاثهم ويشكلوا حضور إقليمي ودولي، أي يتحصلوا علي جوائز عالمية معترف بها، ترد الإعتبار لجهودهم وأوطانهم وتميزهم، او علي الأقل إعترافات من جهات يُعتد بها، تبرر كل هذا التعالي الأجوف والأهمية المُصطنعة في بلاد العمي!! ولأ عبرة هنا لبعض الإستثناءات، فالواقع المحطم والمنهار خير برهان وأكبر دليل، علي ميراث النخبة السودانية. إذا صح ذلك، تصبح جذور الأزمة الحقيقية في الإحساس الأجوف بالتفوق والأهمية! او الحاجة النفسية لهذه الأهمية، التي وقعت تحت ضغطها هذه النخبة المأزومة! وهذه الرغبة في التفوق والتميز، التي إجتاحت القطاع المتعلم، حاولت أن تجد لها تبريرات ومسوغات خارج بيئة التعليم ذاتها! وهو ما شجعها علي الإنخراط في السياسة، مستصحبة معها حمولاتها او هواجسها التميُّزية! بمعني، أن الدوافع السياسية للنخبة المتعلمة، لم تكن وطنية كما ظلت تعلن علي الدوام! وإلا لكرست جهودها لمعرفة هموم المواطن وإحتياجات الوطن، أو طورت حساسية سياسية أكثر نزوع للوطنية وتفاعل مع القضايا والإحتياجات الإنسانية! ولكنها في حقيقتها تعبير فاضح عن الإحساس بالتفوق والمسؤولية الأبوية، وتاليا لعب دورها او أداء رسالتها في قيادة الدولة وتوجيه المجتمع. وعبر هذا المدخل تم توظيف الجوانب الثقافية والإجتماعية والمعرفية والتاريخية بل حتي الخارجية، من اجل هذه الغاية، أي حكم الوطن والتحكم بالمواطنين، وليس إدارة الوطن وإحترام رغبات المواطنين! وفي وضعية كهذه من الطبيعي الإستعانة بالدين وتوظيف الإيديولوجية وبالطبع اللجوء للمؤسسة العسكرية، لتنفيذ رؤية النخبة المتعلمة، وهي رؤية بطبعها وطابعها متعالية متثاقفة ومتعالمة! هذا من جانب، ومن الجانب الآخر، نسبة لتدني وعي العامة، أي، أولا، صعوبة رفع وعيهم، أي كونهم عوام، يستدعي تدني وعيهم وطيش أفعالهم وبدائية ممارساتهم، وقصور خيارتهم وسوء إختياراتهم. وثانيا دور وصائي للنخبة المتعلمة تجاه العوام، أي عبء النخبة المتعلمة ورسالتها في قيادة العوام الي مدارج الحضارة، او كما عبر عنه المفكر السوري ياسين الحاج صالح بالمستعمر الداخلي او شئ من هذا القبيل! المهم في ظل الدوفع النخبوية والحرص علي حيازة الإمتيازات والمكانة المرموقة، يصبح إستغلال الدين وتأزيم التعامل معه والنظر إليه، مجرد صدفة، أي يمكن لنفس المجموعة والأشخاص، تبني الإلحاد والتبشير به، إذا كان أكثر إزدهارا وجلبا للمنافع والمتع وتحقيقا للمصالح الآنية! أي الدين شكل مجرد طريق، إستغلته الفرقة الأكثر ضلال وأنانية ولأ إنسانية ولأ وطنية من النخبة المتعلمة، أي الفرقة الإسلاموية الهالكة! وبما أنها الفرقة الأكثر جذرية في التعبير عن النخبة المأزومة! فإنها كانت الأكثر دمارا للوطن وإفسادا للمجتمع والسياسة! ويصح ان مؤسس المشروع الحضاري، وكبار قادته، كانوا الأكثر إبتعادا عن قيم المجتمع ومكتسباته الإيجابية، والأكثر تنكر لشعارتهم ووعودهم، والأكثر مداومة علي إلحاق الأذي بوطنهم وشعبهم! ولكن كل ذلك لأ ينفي أن الجميع شركاء في هذا التدهور الذي طال الوطن والتراجع الذي اصاب الوطنية والتدني العام الذي إحتوي المواطنين! وكل ذلك يشجع علي القول بإطمئنان، أنه إذا لم يتم التخلص من الفكر/النفسية/السلوك النخبوي، وتاليا ما يجلبه من تميزات في نطاق ضيق! والتوجه نحو الفكر/النفسية/السلوك العام، الذي يتوجه للمواطنين عامة، ويحطم التمايزات المتوهمة والمكتسبة بصورة غير شرعية، سواء بطريقة إنقلابية او تعليمية او دينية! فإن الساقية ستظل مدورة، من نظام أشرار الي نظام طغاة ومن إنقلاب فسادي الي إنقلاب تدميري..الخ.
بالرجوع لموضوع الفساد في ولاية الخرطوم، وطريقة تعامل السلطات معه، فهو يؤكد أن الوضع تخطي مرحلة الفساد الي خانة السفه، الذي يستوجب الحجر علي النظام! والخوف كل الخوف أن يشكل الفساد قيمة إيجابية او نقطة مضيئة، مقارنة بحجم الإرتكابات التي بلغها النظام! وهنالك جزئية بسيطة ولكنها معبرة، لفتت نظري فيما يخص موضوع الفساد المتناول إعلاميا. وهي إعلان جهات أكاديمية او علمية، عن أن والي ولأية الخرطوم الطبيب البيطري(الذي أعتقد أنه لم يمارس المهنة التي تحمل طابع الرأفة بالحيوان ناهيك عن الإنسان، وفي الحقيقة لا فرق كلها ارواح يؤذيها الضرر ويؤلمها التعدي)، لم يتحصل علي درجة الدكتوارة في تخصصه، وهو ما يستدعي مراجعة المكاتبات والأختام الموجودة علي الأوراق الرسمية، التي تحمل هذا اللقب المرموق(في السودان بالذات وبغض النظر عن مردوده) سابقا علي إسمه. وهو مطلب حقيقي ويستقيم مع الشفافية والوضوح وإحترام الدرجات العلمية والمكانة الإجتماعية!! ولكن السؤال، أين كانت هذه الجهات طوال الفترة الماضية؟! لماذا لم تطالب بذلك سابقا؟ أي قبل الكشف عن عملية الفساد الأخيرة وتهديد منصبه! علما أن بعض تلك الجهات كانت تحت إدارته، وإحتمال كالت له التعظيم والتبجيل! وإذا لم تتكشف قضية الفساد الأخيرة، هل كانت ستطالب بنفس هذه المطالب؟..الخ من الأسئلة التي تحتاج الي إجابات عاجلة وواضحة، لأ أعتقد أنها متاحة!! بالتأكيد ليس المقصود الدفاع عن الوالي! فأقل جريمة يمكن أن تنسب له هي إنتحال الألقاب العلمية! فماذا يمكن أن يقال في حضور فرد او مجموعة، مارسوا أقصي درجات الحقد والتحطيم لمجتمعهم ودولتهم!؟! المهم هذه النوعية من الجهات والأفراد، الذين تظهر نزاهتم وجهودهم النضالية بعد فوات الأوان! هم الأسوأ في الحاضر والأخطر علي المستقبل. وهم بالتحديد من ينفذ خطط الإجرام التي يضعها الدكتاتوريون، وهم الأيدي التي يبطش بها، والأدوات التي يفسد بها. والأغرب أنهم أول من يتخلي عن الدكتاتور وينقلب عليه، عندما تدور عليه الدوائر ويقاد وهو صاغر الي المحاكمة والحساب العسير! وتاريخنا الوطني القريب المتمثل في ثورتي إكتوبر وأبريل والثورة المصرية وغيرها من الثورات الخارجية، خير برهان ودليل علي تلك النماذج، أي شعب كل حكومة! فهذه المجموعة المستترة والمتقلبة الأحوال والمواقف، والتي تسعي لمصالحها حصريا، ولو علي حساب أوطانها وراحة بال ولقمة عيش مواطنيها. عبر موالاة الظلمة وتزيين الباطل لهم! فهي العدو الذي يجب الحذر منه حاضرا ومستقبلا. وذلك من خلال فتح سجل لكل من تعاون مع هذا النظام، وحجم الدور الذي لعبه، والتأثير الذي كان يقوم به، حتي ولو إرتدي ثوب الحياد او رداء المغلوب علي أمره! فكل من شارك هذه المنظومة التخريبية العدمية، يجب أن ينال جزاءه ويدفع ثمن أخطاءه. ولأ يعني ذلك قطع الطريق أمام العفو او قبول الإعتذار، ولكن فقط بعد الإعتراف بالخطأ والندم علي ما فات والتوبة الوطنية النصوح! وهذها يمثل أقل القليل، في حق جرائم وممارسات يصعب غفرانها او التسامح حيال مرتكبيها. أي لأ غفران او تسامح إلا في سياق مصالحات وإعتراف بالأخطاء وطلب الغفران من الضحايا والوطن و الأهم قبول ما يترتب علي ذلك.
آخر الكلام
من الظلم بمكان إدراج الشهيد محمود محمد طه، والنسخة الجمهورية المرافقة له، وبعض رموز اليسار المشهود لهم بالوطنية والتواضع، داخل هذه النخبة المأزومة حتي ولو عاصرا بعضهما!
عبدالله مكاوي
بريد إلكتروني [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.