الرئيس اليساري الذي تبرع ب 90 بالمئة من راتبه للجمعيات الخيرية مونتيفيديو - تخلت الأوروغواي عن أفقر رئيس ليس في القارة اللاتينية فحسب بل في العالم، بعد خروجه من المنافسة في الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى لتشهدت صعود مرشحين آخرين أحدهما يتبنى نفس توجهاته اليسارية. خسر خوسيه موخيكا رئيس الأوروغواي اليساري من الدورة الأولى سباق الرئاسة لولاية جديدة بعد فشله في الحصول على نسبة عالية من الأصوات تؤهله على الأقل لخوض غمار جولة الإعادة. والمرشحان اللذان حازا على أكبر عدد من الأصوات، الأحد الفارط، وفق النتائج شبه الرسمية هما من يدعمه الحزب اليساري الحاكم تاباري فازكيز وهو طبيب عمره 74 سنة وسبق وكان رئيسا للأوروغواي قبل موخيكا. أما منافسه فليس بعيدا عنه إذ أنه لم يكن إلا نائبه لويس لاكال بو البالغ من العمر 41 عاما، لكن حظه قليل طبقا لآخر الاستطلاعات حيث تم منحه نسبة 31 بالمئة للفوز مقابل 46 بالمئة لفازكيز المتمتع بمساندة قوية من الرئيس الأفقر في العالم. رئيس الأوروغواي خوسي موخيكا لا يشبه غيره من الرؤساء ولم يحمل ألقاب الرؤساء الاعتيادية وإنما استحق لقب "أفقر رئيس في العالم" باعتراف دولي منقطع النظير إلى جانب أنه أكثرهم سخاء قياسا بالمداخيل التي يحصل عليها. وفي يوم الاقتراع كان ألبرتو "بيبي" موخيكا كوردانو البالغ من العمر 79 سنة من بين أول من وصلوا الى أحد مراكز الاقتراع، فحينما نزل هو وزوجته من سيارته ال"فولكسفاغن" موديل 1987 والتي اشتراها منذ 10 سنوات في الثامنة صباحا، وجد عشرات الإعلاميين بانتظاره لتغطية وداعه، بحسب الموقع الإلكتروني ل"العربية نت". وفي حين تدفع ميزانيات الدول مبالغ طائلة للحفاظ على "برستيج" مقام الرئاسة حيث يتم تخصيص قافلة من السيارات للرئيس وموظفيه الخاصين وعائلته، يبدو رئيس الأوروغواي خارج كل تلك التقييمات التي لا يعترف بها من الأساس. فاجأ موخيكا حراس قصر "كاسا سواريث" ذات مرة باصطحابه لإمرأة مشردة وأبنائها للإقامة فيه حتى العثور على مأوى لهم ويقدر متابعون سعر سيارته الآن بحوالي 1200 دولار فيما لو عثروا على زبون ليشتريها، لذلك فهو مصنف من أفقر حكام دول المعمورة. وقد انتقل "أفقر رئيس في العالم" من مزرعة يقيم فيها خارج عاصمة الأوروغواي وأدلى بصوته في انتخابات احتدم فيها التنافس بين 7 مرشحين لخلافته على منصب فاز به سنة 2010 بالانتخابات، وبتسجيل حضوره في مكتب الاقتراع ودعه مؤيدوه إلى الأبد. ويعتبر موخيكا المعروف بلقب "بيبي" (Pepe) في الأوروغواي البالغ سكانها أكثر من 3 مليون نسمه على أنه أشهر متقشف، إذ يحتفظ لنفسه بنسبة 10 بالمئة فقط من راتبه الشهري البالغ 12 ألفا و500 دولار، فهو قد دأب على التبرع بالباقي لجمعيات خيرية مفضلا أن يبقى بلا حساب في البنك وبلا ديون. ويقول الرئيس "العجوز" عن هذا الأمر "لأني أريد راحة البال والاستمتاع بوقتي في المزرعة مع زوجتي الآن وبعد انتهاء ولايتي" وذلك في مقابلة صحفية أجرتها معه محطة "تيلي سور" التلفزيونية الفنزويلية قبل عام تقريبا. وفيها أضاف أن ما يعادل 1250 دولارا يكفيه للعيش بالمزرعة الريفية التي نقل ملكيتها إلى زوجته لوسيا توبولانسكي التي تزوجها قبل توليه الرئاسة بأربع سنوات. وسبق لموخيكا الذي تقلد منصب وزير للثروة الحيوانية والزراعة والثروة السمكية بين 2005 و 2008 أن رفض منذ أول يوم تسلم فيه السلطة الإقامة بقصر "كاسا سواريث" الرئاسي في العاصمة مونتيفيديو. لكنه طلب في المقابل تخصيص بعض أجنحته كمأوى للمشردين في حالة عدم كفاية المراكز الموجودة في العاصمة، بل فاجأ الجميع في إحدى المرات حين اصطحب بنفسه إلى القصر إمرأة وأبناءها ليقيموا فيه حتى وجدت لهم المصالح الاجتماعية مأوى آخر. وكان الفقير موخيكا وهو من مواليد 20 مايو 1935 مقاتلا سابقا في منظمة "توباماروس" الثورية اليسارية التي ألهمت كل ثورات أميركا اللاتينية لكن بخسارته الانتخابات تودع القارة أكثر الرؤساء إثارة للجدل بمواقفه التي يعتبرها مؤيدوه ثورية.