تطوير قطاع النفط والمحروقات في الصومال يصطدم بعراقيل أمنية في ظل غياب إدارة حذرة لتطوّر الموارد النفطية وعدم الاستقرار السياسي في البلاد. العرب الاكتشافات النفطية في الصومال نعمة أم نقمة لندن - يتحدّث لكسندر ديك غودفري، في تقرير لمجلس العلاقات الخارجية، على الصومال، بصورة مختلفة، لا باعتباره أكثر دول العالم فقرا وجوعا، لكن باعتباره سوقا نفطية واعدة، بعد أن أعلن خبراء في مجال الطاقة عن وجود رواسب من النفط والغاز قابلة للاستخراج قبالة السواحل الصومالية. لم يعد استكشاف النفط في شرق أفريقيا، وبالخصوص في الصومال، سرا أو أمرا خفيا على أحد؛ إذ اشتغلت شركات الطاقة مثل "رويل داتش شال" و"اكسونموبيل" في الصومال قبل انهيار الحكومة سنة 1991. ويؤدي الانتصار ضدّ حركة الشباب المتمردة في الجنوب وتقلص أعمال القرصنة قبالة السواحل، إلى إعادة تنشيط هذا القطاع، حتى أنّ الرئيس الصومالي صرّح، مؤخرا، أنّ البلد "مفتوح للأعمال". لكن وعلى الرغم من أنّ التطورات الأمنية الأخيرة تعتبر مُشجّعة، إلاّ أنّ العديد من العقبات الكبيرة مازالت قائمة. وتأكيدا لذلك أصدر معهد هاريتدج للباحث دومينيك بلتسار، مؤخرا، ورقة بعنوان "النفط في الصومال: هل هو صب الزيت على النار؟"، تناقش كيف يمكن أن يكون لصناعة النفط في الصومال مستقبل واعد، لكنها أيضا تتناول المخاطر التي يواجهها هذا البلد وذلك في ظل غياب إدارة حذرة لتطوّر الموارد النفطية، ومدى تهيُّؤ الصومال للنفط؟ من جهة أخرى، يرى مراقبون أنّ التحديات التاريخية التي حدت من فرص الأعمال في الصومال (التمرد الداخلي والقرصنة) قد تراجعت حدّتها، لكنّ تهديداتها لم تضمحل بعد. فعلى الرغم من دحر "حركة الشباب" (تنظيم إسلامي متشدد) إلى خارج جنوبالصومال، أساسا بفضل قوات أجنبية، إلاّ أنّ التنظيم المتطرف أثبت مؤخرا أنه مازال قادرا على العمل في شمال كينيا. ومع تأهّب كينيا لمواجهة حركة الشباب داخل أراضيها، قد تجد هذه الحركة فرصة للعودة إلى معاقلها السابقة في الصومال. وحتى وإن توقفت القرصنة بشكل كبير في المدّة الأخيرة، يمكن تصور أن ترى حركة الشباب أو غيرها من المجموعات المتمردة ناقلات النفط، فرصة لإعادة إحياء ذلك النشاط أيضا. وزيادة عن تلك التحديات الأمنية، قد تكون هناك مساوئ سياسية لتطوير قطاع المحروقات في الصومال. وفي هذا السياق، يشير بلتسار إلى أن النفط قد يفاقم الانقسامات والتوترات السياسية الحالية، وخاصة في سياق الفوضى السياسية التي عمّت، مؤخرا، المسار الفدرالي المتنازع عليه، ومن الواضح أن أي شركة نفطية أجنبية ستواجه درجة عالية من عدم الاستقرار وعدم وضوح الرؤية. كما يلفت الباحث النظر أيضا إلى أن الظروف القانونية والدستورية في الصومال غير واضحة في تحديد من يمكنه الدخول في عقود مع الشركات النفطية أو التفاوض بشأنها. فمن دون وجود بيئة تنظيمية واضحة المعالم تخص الموارد النفطية والغازية، يمكن للدولة الفدرالية والأقاليم شبه المستقلة والحكومة المركزية أن تتفاوض على انفراد وتدخل في اتفاقات استخراج متضاربة فيما بينها مع الشركات الخاصة. إن طبيعة عدم الوضوح في ما يتعلق بالإطار التنظيمي لهذه الموارد، كان ومازال، يمثّل إلى حدّ الآن إشكالا في الإقليمين شبه المستقلين بونتلاند وصوماليلاند، وحتى بوجود اتفاقات محيّنة حول كيفية التفاوض حول حقول النفط والمطالبة بها، قام هذان الإقليمان بتنفيذ استقلاليتهما ومنحا تراخيصهما دون الحصول على تزكية من الحكومة المركزية. وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من التوتر، وربما الصراع أيضا حول الحقول المربحة وتوزيع المداخيل. ربما لا يكون الصومال جاهزا حاليا لتطوير قطاع النفط، فبتوفر وصول ممتاز لموانئ التحميل ووجود ثروة يعتقد أنّها هائلة غير مستغلة (ربما تصل إلى 110 مليار برميل)، ليس من المستغرب أن تنجذب شركات النفط متعددة الجنسيات إلى العمل في الصومال، لكن من واجب المستثمرين المسؤولين التفكير جيدا قبل المغامرة، حيث أنّه من المحتمل أن تؤدي حالة عدم الاستقرار السياسي والتحديات الأمنية في الصومال إلى تقليل الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع وربحيتها، كما يمكن أن تتسبب من جهة أخرى في حصول ارتداد للتحسينات التي حققتها الحكومة الصومالية بعد نضال شديد.