شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالصورة والفيديو.. ناشط مصري معروف يقتحم حفل "زنق" للفنانة ريان الساتة بالقاهرة ويقدم فواصل من الرقص معها والمطربة تغي له وتردد أسمه خلال الحفل    شاهد بالصورة والفيديو.. ناشط مصري معروف يقتحم حفل "زنق" للفنانة ريان الساتة بالقاهرة ويقدم فواصل من الرقص معها والمطربة تغي له وتردد أسمه خلال الحفل    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    خريجي الطبلية من الأوائل    لم يعد سراً أن مليشيا التمرد السريع قد استشعرت الهزيمة النكراء علي المدي الطويل    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    عائشة الماجدي: (الحساب ولد)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنتخابات ما بين سخرية المهازل وفرص الإبداع..!!
نشر في السودان اليوم يوم 14 - 02 - 2015


بسم الله الرحمن الرحيم
الإنتخابات ما بين سخرية المهازل وفرص الإبداع..!!
الإنتخابات وأحدة من آليات الديمقراطية، أو إبنة شرعية لبيئة الحريات العامة. وتهدف لحسم التنافس بين المشاريع السياسية المطروحة، لإستقطاب وقبول وتأييد الجمهور وتاليا الحصول علي أصواته للوصول الي الحكم عبر الشرعية الإنتخابية او الرضا العام. أي الشرعية تقتضي التفويض الشعبي من جهة، وإحترام الدستور او الإطار القانوني المتفق عليه وطنيا، من الجهة المقابلة. والحال كهذا، فهي تفترض مسبقا وجود خصوم لهم كامل الأهلية في التنافس وحيازة الشرف السلطوي كحق عام متاح للجميع. وفي نفس الوقت يتوجب عليهم إحترام رأي الأغلبية، مع الإيمان القطعي بشرعية تداول السلطة، بإعتبارها شرعية ذات إتجاه مزدوج تمتنع علي الإحتكار او الذهاب دون عودة لنقطة البدء! أي أن يضع الفائز المحاسبة نصب أعينه، وأن يعيد الخاسر حساباته ويراجع مكامن ضعفه، من أجل الإستعداد لجولة إنتخابية أخري بطريقة أكثر قوة وجدية. وأهمية هذه الجدلية الإنتخابية، ليست إبراز الأفضل فقط! ولكنها مفتوحة علي التطور وتراكم الخبرات وتصحيح الأخطاء والإبتكار المتواصل! وبتعبير آخر، نزع القداسة عن السياسية والعصمة عن السياسيين، وتاليا صيانة السلطة والحكم من داء الإستبداد، المتأصل في النفس البشرية في طورها الطفولي، وهذا غير أنه ملازم للسلطة كظلها! وخلاصة ذلك، لأ توجد إنتخابات شرعية وحقيقية من دون بيئة ديمقراطية حقيقية، وإجراءت إستباقية ليس اٌقلاها حياد جهاز الدولة تجاه المتنافسين وإستقلالية وأهلية المؤسسات المشرفة علي العملية الإنتخابية..الخ، بمعني الإنتخابات تكتسب جدواها فقط، عندما تعبر عن المضمون الحقيقي للديمقراطية! وهو مضمون يتمظهر جليا في إحترام حقوق الفرد، المضمنة بدورها في مواثيق حقوق الإنسان الأساسية ذات السمات العالمية او الدولية، فوق أنها ذات نزعة إنسانية وإنصافية وإحترازية. في هذا المعني، تصبح الإنتخابات التي تجريها أنظمة إستبدادية، وفي الحقيقة أنظمة فردية حتي النخاع(الإستبداد في خلاصته سلطة فردية او تؤول الي التعبير عن مصالح الفرد الحاكم حصريا!) أي تعلو علي الدولة والمؤسسات والقانون وبالطبع المواطن الفرد! لأن شرعيتها مستمدة من شخصه وفتوحاته الإلهية المقدسة! وتاليا، هي إنتخابات مزيفة بالمطلق! ليس بسبب إجراءاتها البائسة المناقضة لروح الإنصاف والشرف، ونتائجها المحسومة سلفا فقط! ولكن لأنها جزء من المظاهر المضللة لحقيقة دولة الفرد! أي أحد تعابير الدولة الضيقة، التي تشرعن رغبات القائد المعصوم! وبغض النظر عن تطرف وعصابية تلك الرغبات الفالتة! وللمفارقة، فهي تعجز عن إحتمال صوت واحد حقيقي معارض مهما كانت درجة هامشيته! علي إعتبار حقيقتها كدولة مضادة ومعادية للدولة العامة ولعموم المواطنين!
إذا صح أعلاه، وبسحبه علي مهزلة الإنتخابات القادمة، فهنالك سؤال يفرض نفسه؟! وبغض النظر عن سخافة هذه العملية الإنتخابية والهدر المالي الذي ينفق عليها، في دولة يسود فيها الجوع ويتمدد فيها الفقر بإرتياح، ويشكو حكامها المترفون من قلة المال! وهذا بعيدا عن ضياع فرصة ذهبية للتوافق والتلاقي الوطني، كآخر محطة إلتقاء للحلول السياسية مع هذا النظام البائس! إذا كان البشير يؤمن حقا بالإنتخابات كأحد إفرازات النظام الديمقراطي الذي يجب أن يحكم البلاد! لماذا إنقلب علي النظام الديمقراطي الشرعي القائم أساسا! وبتعبير آخر، ألا يشكل هذا السعي المحموم لإجراء إنتخابات، قال فيها وفي النظام الديمقراطي الحاكم عبرها، ما لم يقله مالك في الخمر! طعن في قيامه بإنقلاب من الأساس! أي دليل إدانة علي شناعة جرمه الإنقلابي!! وأهمية هذا السؤال بالتحديد، في كونه يشكل مدخل او محاولة لفهم هذه الحمية الإنتخابية المخادعة! فالقيام بعملية إنقلاب هو تعبير عن الوعي الإستبدادي(خليط من القصور العقلي والضمور الوجداني والفساد الإخلاقي، أي وعي طفولي بكل ما تحمله الكلمة من معني وما يشكله من خطورة!)، أي هو الوسيلة الأقصي التي تفصح عن الإختلاجات الإستبدادية الي تسكن الطاغية! وهو وعي او ذهنية/نفسية تتميز بالتعالي وتتوهم الكمال والتعبير عن الجوهر ومطلق الحقائق! ويستتبع ذلك بداهة، رفض الآخر بالجملة، كرأي وكفكرة وكعواطف وصولا لإستهداف الوجود ذاته علي سطح الأرض! أي الذهنية/النفسية الإستبدادية مكتفية بذاتها، وتاليا لا مكان فيها للخطأ او المراجعة!! وعندما يضاف للعمل الإنقلابي، درجة المخاطر المحدقة حوله، ومن ضمنها فقدان هذه الروح المستبدة المغامرة ذاتها! يتصل بجرم الإنقلاب، إحساس بالإنتصار المقدس! وتاليا الحق المقدس في السلطة، الآتي عبر الإنجاز الفردي والمخاطرة الفردية والحماية الربانية، بدلالة النجاح والتوفيق في الإنقلاب المقدس!! وجماع ذلك، لافرصة أمام الإستبداد كوعي وكذهنية/نفسية إلا البقاء منفردا في الساحة، وبوسائل مطلقة ومبررة! وهامش التعبير والتنازل المتاح عموما يكون إبن الإستقرار لهذه المكانة! ولذلك عندما يتم تهديدها بالحق او بالباطل! تُستفز النوازع الإستبدادية، لتعلن عن نفسها في شكل إستخدام مفرط للقوة المادية المجردة من أي بعد عدلي أو إنساني، أي في أفقها الوحشي المقزز!
ولكن إذا صح ذلك، لماذا يندفع المستبد لإجراء إنتخابات، رغم علمه بهزالها وسوء تدبيرها وعدم قناعة المناصرين ناهيك عن المخالفين لطبعها وحقيقتها او جدواها! ومرد ذلك، أن المستبد وغصبا عن غروره وتعاليه ومعصوميته، يعلم يقينا طبيعة العصر الذي يعيشه والأصح مغرياته! ولكنه بدلا عن الإعتراف بذلك(عناد ومكابرة تهدف للمحافظة علي الإمتياز!) فإنه يلجأ للهروب والحيلة والمداورة، لإخفاء نواياه وحقيقته الإستبدادية، كطبيعة تسلطية مرضية ومتخلفة ولا إنسانية، ومعاكسة ومضادة للوعي والذهنية/النفسية الحضارية الناضجة الراهنة، التي تدين بنجاحها وتقدميتها ورقيها، للبيئة الديمقراطية والوعي الإستناري وقداسة الحريات العامة. والحل لمعالجة هذا التناقض المدمر للذات المستبدة، وطاعنا في شرعيتها ومنغصا لمتعة الحكم المطلق التي تهواها، وتاليا للأهلية الحاكمة! يكمن وبكل بساطة في التمسك الأعمي بالمظهر الحضاري او الرداء الحضاري الظاهري كالإنتخابات الشكلية، وذلك لإخفاء الداخل المتخلف(الوعي الإستبدادي والروح البرية الوحشية!) التي تسكن وتتحكم بالمستبد! وبتعبير آخر، يحاول المستبد الجمع بين المتناقضات، أي إطلاقية الإستبداد(التوحش الذاتي والنزوع لتلبية كل الرغبات دون السماح بإعتراض أو إكتراث للعواقب!)، والمظهر الحضاري الراقي الذي تعكسه الإنتخابات وقبول الآخر..الخ! وهذا التناقض يظهر واضحا في شكل تهافت إنتخابي يثير الرثاء، خصوصا طريقة الإعلانات المتكررة والمتضخمة عن الإنتخابات وأهميتها وصلاحيتها والترحيب بالتنافس والرغبة الصادقة في النزال ضد الخصوم، بل وإستعجال الطبخة الإنتخابية كسبيل وحيد لحل أزمة الحكم! أي لا يقوي المستبد علي رؤية أي ميزة في الآخر، او خلوه الذاتي من المزايا! لأنها في حقيقتها معاكسة لرغباته وسلوكه وسلطاته المنحرفة! أي بقدر ما المستبد ظالم وقاهر للآخر، بقدر ما هو ضحية لذاته وعصابيته وأمراضه النفسية(ولكن ذلك لا يعفيه من المسؤولية بل يضاعفها، أي يضاف لعدم الأهلية، الإصرار علي مراكمة هذه الأوضاع البائسة وزيادة مأساويتها!). وما يفاقم هذه الحالة المتضخمة ذات النزعة الإنكارية للأخطاء! مكوثه لمدة طويلة علي سدة الحكمة، لدرجة ينسي فيها المقدمات التي إنطلق منها! او المبررات التي أعلن بسببها قيامه بالإنقلاب علي السلطة الشرعية!! ولا بأس عندها من الشروع في إعادة تعريف الذات والسلطة والوطن والمواطنة! أي إعادة كتابة التاريخ، بحيث يحتل فيه الإيجاب والمقدمة والصاح، تاركا المساوئ والفراغات للأعداء!! فدولة الفرد لا تحتمل المواطن الفرد او الحياد! فإما مع الحاكم او ضده! أي إما إيمان وتقديس للحاكم الفرد الأمة الوطن او الكفر بالدولة و تخريب المصلحة العامة(التي يمثلها الحاكم الفرد حصريا! أي لا يحتمل إلا أن يتوهم أنه خير مطلق، بقدر ما هو شر مطلق بامتياز!). وخلاصة هذه الجزئية، الإنتخابات القادمة شأن خاص بالنظام، وأكثر خصوصية بالبشير، بل هي تخص البشير حصريا! ونجاح النظام او مكوناته فيها، يتضح فقط عند رضاء البشير عنها! أي إبداعها في تسويقه وتجميله وتشريعه(منحه شرعية مفتقدة مبدأً!). بتعبير واضح، النظام أداءة شاملة غايتها تحسين مزاج البشير، نقطة علي السطر! ولا تغرنكم الرتب العسكرية والدرجات الأكاديمية والمناصب السيادية والدستورية والأناقة التلفزيونية والفصاحة الإعلامية السياسية! وذلك ليس لأن مكونات النظام أقل كفاءة مهنية وجدارة وطنية وحساسية أخلاقية فقط! ولكن لأن طبيعة نظام الفرد، لا تترك مساحة فعل او فكر او حرية إبتكار او إبداع داخلها! أي هو نظام قائم علي الأوامر/ التنفيذ حماية المصالح! او التنفيذ قبل التفكير او مع منع التفكير، وهذا إذا وجد هامش تفكير من الأساس! وذلك ببساطة لأنه نظام ضد التفكير و النظام و الصالح العام!
والحال هكذا، تصبح دعوة المقاطعة الإنتخابية التي أطلقتها قوي المعارضة، هي الأرضية الإبداعية التي تستوعب مجهودات كل القطاعات، سواء أنتظمت في أحزاب سياسية او منظمات مجتمع مدني او مجرد قطاعات عامة وحيادية!! وذلك لعدة أسباب:
أولاً، فعل المقاطعة يمثل إعادة إنتاج للوجود والكرامة و الحضور كصوت فعَّال في الساحة العامة/الخاصة، إضافة لتعبيره عن درجة الوعي الذي يحرض علي مواجهة المهازل الإنتخابية، وهزيمة العقليات الشمولية التي تقف وراءها وتتكسب من ريعها! وهي تراهن علي الوعي المزيف والروح المستكينة، التي حاولت بإستماتة وجهود لا تعرف الكلل وبتسخير كل آليات الدولة، زراعتهما في القاعدة الجماهيرية، بغرض السيطرة عليها وإستغلالها الي الأبد!
ثانياً، تمثل المقاطعة حقل خصب وبيئة تفاعلية، للأحزاب السياسية، وأرضية تنطلق منها لمخاطبة الجمهور، ولجذبه ناحية العملية السياسية، أي كسب ثقته وتحريكه، او علي الأقل لفت نظره! لأن ذلك يساعد علي إطلاق ديناميات و بناء تراكمات معرفية وتواصلية بينهما. أي لغة مشتركة تعيد الألق للسياسة والتقدير للسياسيين والأهمية للجمهور! أي تُمكِّن هذه المقاطعة المعارضة من إمتلاك زمام المبادرة او الفعل(بدلا عن رد الفعل الذي إستمرأته طويلا، والذي أدخلها في حالة بيات شتوي كاد أن يصيبها بالجمود والشلل وإنتهاء دورها التاريخي!). وبالتالي يتوجب عليها، التعامل مع هذه الفرصة بإبداعية، تعيد أمجاد أكتوبر وأبريل، ولكن بنسخة أكثر حضارية وإعتبارية من أخطاء الماضي وما أكثرها!
ثالثاً، تمثل المقاطعة فرصة ذهبية لسلق النظام بألسنة حِداد، وذلك عبر القيام بحملة مكثفة تعني بعملية جرد حساب لهذا النظام الفاسد! أي هي فرصة لتسليط الضوء علي الكم الهائل من الجرائم و الفساد والقتل المجاني للمواطنين وتخريب مؤسسات الدولة وبيع أصولها وممتلكاتها، وهذا دون قول شئ، عن تحطيم البناء الديمقراطي السوداني الناشئ، وإحلال العسكرتارية والشمولية بكل تخلفهما وموبقاتهم بديلا عنه!
ورابعاً، تمثل المقاطعة فرصة طيبة لرد الإعتبار للقيم الديمقراطية الحقيقية بمضامينها الإنسانية والحضارية. وذلك عن طريق، تقديم نقد ذاتي لكل الممارسات الطائفية والعائلية والعقدية الإيدويولوجية والشمولية، التي طاولت أحزاب المعارضة بصورة منفردة او كلية! وبتعبير آخر، يجب أن يتضمن فعل المقاطعة إنتاج بديل موازٍ يناقض النظام الإستبدادي القائم، ويفتح آفاق أرحب لمزيد من الحريات والديمقراطية، مع وضع الضمانات الكافية لقطع الطريق أمام أي إرتدادات إستبدادية قد تعقب التغيير المنشود! أي إعداد المواعين الديمقراطية والأطر الدستورية والخطط الإقتصادية التنموية قبل حدوث التغيير. وذلك حتي لأ يجد التغيير القادم، البيئة محاصرة بالفراغ والتقاليد والممارسات والمصالح القديمة، فيرتد آليا للإستبداد! مهما كانت النيات صادقة والحرص عظيم! أي أن تتحول المقاطعة الي فرصة إبداعية للتغير الذاتي والتغيير الشامل، تجاه المزيد من التحرر والتنمية و تهيئة أسباب التطور والتقدم الي الأمام. وخلاصة هذه الجزئية، أن يتحول إبداع المقاطعة الي فرصة، لتجديد الخطاب السياسي واللغة السياسية والثقافة السياسية والفكر السياسي. وأن يتمحور هذا التجديد حول مركزية المواطن داخل هذا الخطاب، أي كبديل عن خطاب السلطة المستهلك والقاصر، الذي أدخل السياسة والسياسيين في نفق مظلم من الصراع العبثي وإحتقار المواطنين او إنصرافهم عنهم! أي ما سهل إستهدافهم من قبل العسكر وإزاحتهم من المجال العام والفعل السياسي طوال تاريخنا الحديث! والمقصود المواطن بهمومه وتطلعاته وحاجاته، يكون مادة هذا الخطاب بل هيكله المعماري ولحمته وسداته. أي عودة العافية والروح للسياسة، مرهونة بالإحتكاك بالواقع ومخاطبة جذور إشكالاته، ومن ثم الإرتقاء به الي مصاف الإبداع والجمال. وبكلام محدد، إخراج السياسة من حصار السلطة وتضييق الحكم، الي سعة الوطن ورحابة المواطنة وغائية المواطن! أي ضخ دماء جديدة في الشعار العتيق (السلطة في خدمة الشعب) الذي لطالما أهين وأستحقر من قبل الطغاة، وما أكثرهم وأقساهم في منطقتنا المنكوبة التعيسة! التي تحولت فيها السلطة، الي وصفة إحتكارية إنكشارية نخبوية بامتياز! سواء في نسختها الإستبدادية الكريهة الرديئة او الديمقراطية الناعمة المخادعة!
ولكن هل المقاطعة هي كل مستطاع العمل المعارض؟! أم هي المقدمة لما هو أهم منها؟! بتعبير آخر، الأهم من المقاطعة هو ما يلي المقاطعة والإنتخابات، ويبدأ بإعلان النتائج المزورة سلفاً! أي النتائج المردودة علي الإستبداد وسخافته وخداعه لذاته! بكلام محدد أكثر، المقاطعة هي المقدمة او الإعداد لما يلي إعلان النتائج! أي أن يعقب إعلان النتائج، تبني وتنفيذ مشروع وأضح وطموح، يتقصد إسقاط النظام، بوسائل سلمية وطنية. وذلك عبر إستخدام سلاح الإعتصامات والإضرابات المتواصلة، ولكن بطريقة مبدعة، تبطل أسلحة مقاومة النظام ودعاياته الماكرة وما يملكه من أوراق ضغط من جهة، وعفوية أكتوبر وأبريل من الجهة المقابلة! ويمكن أن تبدأ بمجرد إعلان النتائج، وقبل هناء النظام بمكسبه وقيامه بعمل مهرجانته البذخية! وذلك أولا، عبر سلسلة من الإعتصامات الفئوية المتقطعة، ومن الأفضل أن تكون الأولوية للطلبة في الجامعات. لسهولة ذلك من ناحية، وللخبرات والبيئة المهيئة من الناحية المقابلة. وذلك عبر تحديد يوم محدد، لإعلان الإضراب في جميع الجامعات السودانية، إحتجاجا علي الإنتخابات أولا، ونتيجتها ثانيا، وثالثا علي البشير شخصيا! الذي أستولي علي الحكم من قبل ميلاد أغلب الطلبة، وما زال يطالب بالمزيد(كأنه يحكم حوش بانقا او نادي كوبر!!) ثم يليه يوم لإضراب أصحاب الحافلات، ثم أصحاب المخابز ثم التجار..الخ، وأهمية هذه الإعتصامات الفئوية، غير تشتيت تركيز النظام ووسائل دفاعه، هي الإعداد للإضراب الشامل! بمعني أنها بروفات او مباريات ودية بلغة الرياضة. لمعالجة الأخطاء والقصور والمخاوف، التي تتولد عن تلك الإعتصامات. وأيضا لمعرفة ردة فعل النظام، أي كشف كل أوراقه! والجانب الآخر الذي لأ يقل أهمية ويصب في الإعداد لليوم المشهود(الإضراب الشامل)، هو تشجيع وإرسال رسالة تطمين، لقطاعات الموظفين والعمال والعساكر والمجندين وصغار الضباط! أي الفئة الأقل قدرة في ظل هذه الظروف علي الإنخراط في الإضراب الشامل(وهي العمود الفقري للنجاح الكامل!)، نسبة لحالة الخوف والتشكك التي تجتاحها، بإعتبارها أفضل بيئات الجوع السائد حالا، او أقلاها تبطلا وإحتياجا!! المهم يجب ضمان نجاح الإضراب الشامل قبل إعلانه! بتوفير كل أسباب النجاح ومعالجة كل أسباب الفشل. بإعتبار معركة الإضراب الشامل هي معركة الحسم او أم المعارك! من أجل تلقين تحالف الشر بين الإسلاموية الطفيلية والطغمة العسكرية الحاكم، درسا لن ينساه! من شعب هم أجهل الناس به، وبموروثاته وهمومه وطموحاته وبإمكاناته ومفاجآته! أي لرد الإعتبار للكرامة الوطنية والعزة الشعبية، اللتان تم إذلالهما والإستهانة بهما طويلا! وكذلك لإعادة أمجاد أكتوبر وأبريل، كنقاط مضيئة في مسيرة تاريخنا الحديث او النابض بالحياة حتي الآن، ضد أنظمة أقل كارثية وجرائم وفساد، مقارنة بنظام الخراب المركز والكاسح الإنقاذوي! ولإرسال إعلان داوٍ عن جسارة وعظمة هذه الشعب وقدرته علي الخروج من الرماد والدمار المحيط، الذي تجيد صناعتهما أنظمة البطش والإستبداد! وهو أكثر قوة وبسالة وإرادة للحياة ورغبة في التحرر والإنطلاق! والأهم إرسال رسالة للعالم من حولنا وللأجيال القادمة، أن هذا الشعب أبي وصامد ولن يموت، مهما تكالبت عليه المحن والمنغصات العسكرية والضلالات الشمولية، ونعاه الناعون وفرح بمآسيه الشامتون! ومهما توهم المغتصبون والمحتلون أن السيطرة قد دانت لهم لكتابة آخر الفصول! وهم يحكمون عليه بسبب جهلهم وغرورهم، من خلال الظواهر وحالة الجذر أي السلبية والتدجين واللامبالة التي تظهر علي السطح، وهي في حقيقتها من نتائج خذلانهم وعجزهم عن إدارة شعب عملاق وطموح كهذا! ولكن المؤكد أنهم يجهلون حقيقة المارد العملاق الذي يربض داخل هذا الشعب المحترم الناصح. الذي يمد حبال الصبر تسامحا وإحتراما لموروثاته الدينية ونزوعه للتصالح والتجاوز عن الأخطاء، لعل وعسي أن يرتدع المستبدون عن غيهم وضلالهم! ولكن يبدو من الوقائع أنها مؤصلة في نفوسهم وتجري منهم مجري الدم ورغبات النفس! ولكن عندما تسد الأبواب وتدلهم الخطوب والمحن ويسود الغضب! يخرج هذا المارد العملاق كفلق الصباح الي الهواء الطلق، وينطلق كبركان ثائر وطوفان غامر، ليكنس في هديره ومسيره كل الفساد، ويزيل كل المراحيض المتحكمة في البلاد من غير وجه حق! وعندها لأ عذر لمن أنذر، ولا تسامح مع مجرم متكبر عتل بعد ذلك زنيم! صم أذنيه عن دعوات الإصلاح، وران علي قلبه العمي الإستبدادي وشرور الفساد! وتبلد إحساسه من طول الظلم و شدة الغرور والعناد!
وبقدر المعركة الفاصلة ما هي حسم وطني وشعبي ومستقبلي، بقدر ما هي رد فردي وذاتي، تجاه الظلم والمساس بالكرامة الذي طالنا جميعا في الداخل والخارج! وحرمنا من حقوقنا الأساسية، في أن نعيش في بلادنا بكرامة وأن نختار حكامنا وحكوماتنا، وأن تظلنا مظلة الخدمات الأولية الجيدة، من تعليم وصحة وفرص عمل، ومساحة ولو صغيرة للترويح عن النفس وممارسة الهوايات! وهذا دون نسيان رد الظلم وإعادة الحقوق، لكل من غدر بهم النظام داخل المعتقلات أو غيبهم الموت في جنوبنا الذي ذهب مغاضبا عن حق! او مجازر أهلنا في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وأحبابنا شهداء سبتمبر وأمري وكجبار والعيلفون وبورتسودان، والذين لا نعرفهم ولم يسعفهم الحظ بالتوثيق! وجريمة أداء الخدمة الوطنية للأطفال(دروع بشرية لحماية ترف الإنقاذويين في قصور الخرطوم) وبيع أرض الوطن للمحاسيب والغرباء، أي إهدار الحاضر والتعتيم علي المستقبل..الخ من المظالم والفساد، الذي طال وإستطال بكل خسة وتجرد من القيم الخيرة والتقاليد الوطنية المرعية من جيل الآباء! وبكلمة محددة، المعركة الفاصلة هي معركة حاضر ومستقبل بقدر ما هي معركة تصفية حسابات مع تراث هائل من المظالم والظلمات والفساد! ولكن ذلك لا يعني اللجوء للعنف بأي حال من الأحوال لحسمها! فالعنف هو سلاح العجز والإشرار، كما هو مقدمة منطقية للإستبداد! ولذلك يجب التأكيد الذي لا يجبه التبرير، أن المعركة مع النظام هي معركة سلمية حتي العظم، ولأ مجال فيها للإنجرار الي العنف بأي حال من الأحوال، وفي مختلف الظروف! وذلك ليس لمثالية المعركة او طيبة قلب المواطنين المغبونين! ولكن بشكل أساس، لأن السلمية هي المدخل الأصلح والأصح او البيئة الشرعية للتأسيس لديمقراطية، تملك أمل الإستمرار وإمكانيات النضوج، وتاليا السيادة علي عداها من المشاريع والأساليب المطروحة والمجربة! أي لضمان حكم القانون وصيانة المؤسسية والمؤسسات! بإعتبارها مرادفات للسلمية وآليات الحوار والتفاهم. أي كنتائج لأوضاع سلمية، تعلي من قيمة النفس الإنسانية، بكل مستحقاتها وحقوقها المرعية! وللتأكيد مرة أخري، أنها البيئة المحرضة علي قطع الطريق أمام أي نزوع إستبدادي، تظل إحتمالات بروزه حاضرة علي الدوام! وكما أسلفنا، ليس له حاضنة أفضل من إتخاذ العنف وسيلة للحوار والسلطة والنفوذ!! أي في حضور القوة العضلية المادية، يستحيل العقل أن ينفتح علي الآخر اويتطور والإبتكارات والمبادرات الفردية والجماعية أن تجد حظها من الحضور او الرعاية! والمشكلة أنه من دونهما، علي النهوض وتاليا الشعوب السلام! وحق للشقاء أن يسود وللبلاء أن يستقر ويمدد رجليه بكل إرتياح! ومشكلة العنف ليس في تبرير الإستبداد وإزدراء الديمقراطية والحريات فقط! ولكنه يجعل الإستبداد الوسيلة الوحيدة المطروحة او السائدة في العقل والوجدان! والمؤسف حقا إن الإستبداد في حيقيته، ضد الفطرة السليمة والسياسة السليمة والمستقبل السليم! أي هو مرض فردي بقدر ما هو حرب إبادة جماعية، ضد الأفراد والسياسة والأوطان!
والأهم من ذلك ليس خوض المعركة بالإعداد الجيد لها فقط! ولكن بوضع الإحتياطات لما يعقبها من أوضاع مضطربة وغير مستقرة. وذلك بمنح الأولوية للتأسيس لنظام إنتقالي يخضع للمشاركة الجماعية. ويؤسس بدوره لترسيخ الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وإنتهاج المؤسسية في كل دوائر الدولة وأنشطتها! أي بإعتبارها ثقافة بقدر ما هي تربية مجتمعية ووطنية! وبتعبير آخر، أن تقوم مصالح الدولة والمستقبل مقام المصالح الحزبية والفئوية الضيقة والعجولة! وفي صلب ذلك، إرسال رسالة تطمين ومكاشفة من الطبقة السياسية للجمهور العريض. بأن المرحلة مرحلة بناء وتأسيس، وتاليا رفع سقف المطالب والتوقعات سواء من ناحية ترقية الخدمات او إستعجال النضوج السياسي والسلطوي مبكرا وبصورة فورية، أمر غير ممكن فوق أنه أمنية عصية علي الإدراك، في ظل واقع يكاد يلامس العدم في ممكاناته، ويشابه الجبال في مشاكله وأزماته! وأن العلاج الذاتي عقب الحكم الإستبدادي وإفرازاته من أمراض عضال وعقبات مستفحلة، يحتاج لتكاتف أكبر وفرص تجريب أوفر وصبر أطول وإرادة أصلب وتضحيات أعظم! أي علي النظرة أن تتركز تجاه مصير الأجيال القادمة، بصورة أكبر من الحصول علي المكاسب الآنية، لجيل الهزائم والإنكسارات والتضحيات هذا!! ولكن ذلك لا يعني منح الطبقة السياسية شيك علي بياض، لتتصرف وفق أهواءها ومصالحها الذاتية او تمارس وأجبها دون ضوابط! بل العكس، المطلوب الرقابة اللصيقة والمتابعة الدقيقة ومنع أي إنحرافات سلطوية او سياسية! أي المطلوب اليقظة الواعية من الجمهور بإعتباره شريك في الفعل السياسي وإتخاذ القرارات المصيرية! ولكن ذلك في حدود الموضوعية والإمكانات المتاحة، والسعي للتوسع فيها وإستثمارها بطريقة مثلي! أي المطلوب التفهم وليس التكسب العاجل والتضييق والإزعاج!! ولن يتم كل ذلك، إلا من خلال بناء جسور الثقة بين الجمهور وطبقته السياسية! وذلك بدوره يتطلب نوعية محددة من السياسيين، او النماذج الوطنية ذات الرؤية السياسية المبصرة والتفكير الإستراتيجي الأعمق! وفي نفس الوقت، تسييج العملية السياسية بعدد من الإحتياطات، التي تمنع غرور السياسيين وهمجية الأداء السياسي! او ولوج العناصر الإنتهازية الضعيفة الي قلب العملية السياسية وتاليا إمتهان السياسة والحط من قدرها وقيمتها! وذلك عن طريق تقييد العملية السياسية او إمتحان السياسيين بسلسلة معقدة من الإختبارات والرقابة والشفافية! حتي تصل العناصر الأكفأ الي مراكز قيادة الأحزاب ومن ثم قيادة الدولة! أي وداعا للصدف والحق العائلي والشوكة الإنقلابية، التي أبتلينا بها وتحكمت في مفاصل الحياة طوال تاريخنا الحديث، لتورثنا كل هذا الدمار الأليم! وعموما هذا مبحث يحتاج لوحده، لجهود المراكز البحثية والمؤسسات المدنية وخبرات كبار السياسيين والمفكرين، أي مجهود له قنواته ورموزه وشخوصه المحترمين، مع إستصحاب الإستقلالية والصدقية في تناول هذا الشأن العظيم! حتي ينال رضا الغالبية إن لم نقل الجميع! المهم وضع تجربة الإنقاذ في ميزان البحث ومرمي التشريح! من أجل التخلص منها اولاً، ولوضع كل الإحتياطات لعدم تكرارها او الإقتراب منها ثانيا! وذلك ليس علي المستوي المحلي فقط! ولكن كعظة وإعتبار لكل المجتمعات الإنسانية الحاضرة او في المستقبل! لقطع الطريق أمام إعادة إنتاج تجربة، في غاية الإنحطاط والفساد والتدمير الممنهج للمواطن والوطن، إن لم نقل أنها تشكل تهديد جدي لكل الحضارة والإرث الإنساني المجيد! كما أنه من الظلم والمهانة وإهدار الحق الإنساني الأصيل بمكان، أن تضيع تضحيات عظيمة، كالتي دفعها الشعب السوداني هباءً منثورا! او يفطر الشعب السوداني بعد هذا الجوع الديمقراطي المديد والصبر علي الإستبداد العتيد، علي مجرد بصلة إصلاحات وهمية او رضوخ للأمر الواقع الذي يعد بالمزيد من الهلاك!!
كلمة أخيرة
مدخل كاريكاتوري
قمة الكوميديا الملهاة، أن يُظهر المستبد وعيه وإجراءاته الديمقراطية، أي أن يعلن تصوره لهما ولطبيعة السطة والحكم! أي وهو شاهرا سيفه(حق المنح والمنع والقتل والإعتقال) علي رقبة اللجنة الإنتخابية وعناصرها الرخوة! وهو يطلب منها توخي الدقة والأمانة والحرص علي النزاهة وإقامة ميزان العدل بين المتنافسين/الشركاء!! ولا بأس من إيراد بعض النصوص الدينية او الحكم الإنسانية التي تظهر ورعه وعلمه وثقافته!! وأن يرأس تلك اللجان أساتذة جامعيون سلخوا أعمارهم في تدريس نظريات السياسة الديمقراطية وفن الحكم الرشيد او قضاة يحكمون بين الناس بالعدل!!
مخرج آمن
معاً من أجل تحويل الإنتخابات الي حبل! لشنق نظام الإنقاذ وتعليقه علي منصة زمان التحرر الآتي عنوة وإقتدار! ومن ثم جر جثته ذليلة تشيِّعها اللعنات الي مزبلة التاريخ! لترقد في شقاء وجحيم الي الأبد، مع إخوتها أنظمة الغدر والجهل والجرائم والفساد، التي تجاوزتها الحكمة الإنسانية والعهود الناضجة والقادة العظام.(آل البشير آل!!).
تنويه
هنالك إعتذار وتوضيح بخصوص موضوع الشهيد محمود رحمه الله، توقعت أن يستوعبه سطران او أكثر ولكنه طال نوعا ما، لذا فضلت أن يكون منفصلا، علما بأنه يعتمد علي مقالات كتبها أحد كتابنا الكبار بإعتباره مرجع يعتد به، لهم التحية جميعا، والي أن نلتقي إذا كان في العمر بقية أترككم في رعاية الله.
عبدالله مكاوي
بريد إلكتروني [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.