بسم الله الرحمن الرحيم خطاب مفتوح الى الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية بصورة الى السيد وزير الإعلام بصورة الى رفقاء الدرب بالإذاعة والتلفزيون بصورة الى معشر السودانيين الأوفياء الأخيار الاحترام والتجلة للجميع والحفظ للمقامات وبعد،،، ليس لدينا من بنات الشِعر مجدُولات الضفائر ، ولكن لحُب بن عبد الله يُبدأ الذكرِ به ويُختمُ. قالت الأمثال : أفضل طريق لإلزام الناس بأن يقولوا فينا خيراً ، هيّ أن نصنع الخير ، وقال مثلٌ : ألِنْ جانبكَ لقومِكَ يحبُوكَ ، وتواضع لهم يرفعُوكَ وأبسِط وجهَكَ يطيعوكَ . إن صاحب القلب الكبير الذي قصدنا بخطابنا ،هو الذي يُقال عن مثله : إن أتعسَ القلوب وأشقاها ، تلك التي هيّ أرقها حسّاً وأرهفها شعوراً ، وهو الذي تزدهي كرامته بألا يطلب وإن كان في حاجة . وإن خصلة الوفاء في الدُنيا عزيزة ، إلا على الكرام . أنقذوا صاحب أعظم حُنجرة وصوت إذاعي دافئ حين كان يطالعنا بقوله : "هنا أمدرمان..........و هنا تلفزيون جمهورية السودان من أمدرمان" إنه مربي الأجيال والأستاذ المذيع الشامل والرياضي والممثل القدير وخفيف الظل صاحب الطُرف والمُلح صديقي وابن عمي الأستاذ ( الفاتح الصباغ ) الذي يرقد الآن طريح الفراش الأبيض " بمستشفى البقعة" بعد أن اعتل قلبه الذي طالما ضمَّ بين حناياه خصال أهل العرفان وشيم الوفاء و العطف والحنان المبذول للصغير قبل الكبير . وبرغم سقم ذلكم القلب الكبير إلا أنه ما زال ينبض بحب الناس جميعاً وابتسامته الدافئة التي لا تفارق شفتيه ،فسرعان ما تعود لتملأ محدثيه أريحية وطمأنينةً ، يُعكّر صفو سلاستها سعال الربو الحاد . يجاهد ليلتقط أنفاسه ليستمر في غرس البهجة والحبور في نفوس زواره وجلسائه . منْ فيكم لم يستمع الى تطريبه عندما يحل ضيفاً في الإذاعة أو التلفاز وهو يشنف آذان المستمعين بالصوت الرصين المُعبّر واللغة الباهرة الفصيحة ، وبالذكريات الصوادح ، أوحين تستدعيه مجالس الود ، ليتغني للأُستاذ محمد الأمين أو لكبار الفنانين من أمثال "صلاح محمد عيسى" أو" إبراهيم عوض" أو" مصطفى سيد أحمد" ." الفاتح الصباغ ".إنه ابن عمي، و بمثل ما هو مجبول بحب الناس جميعاً ، فقد حباه المولى بحب الناس و سخر الله قلوب الناس لتهوي اليه . (الفاتح الصباغ )ابن جيلي . و أتذكّر ونحن أطفال كيف كان يتبادل الطرائف مع والده وعمي (سيد بشير الصباغ ) : (ترزي الستات) ، والذي لم ينل قسطاً وافراً من التعليم ولكنه كان - رحمة الله عليه- يتمتع بمهارات إبداعية في تصميم التفصيل من كتالوجات بيوتات الموضة الباريسية في الزمان الغابر . وكان "الفاتح " أمهر الأطفال ، يصنع كرة "الشراب" وفي طفولته كان يجيد لعب كرة القدم وإتقان فنها ومراوغتها ،فمن شابه أباه فما ظلم. (الفاتح الصباغ ) ابن جيلي، أتذكره وهو صبي يافع يتحدث بمنطق ولغة ومفردات الكِبار منذ نشأته الأولى. وكان يتحلّق مع المتحلّقين منهم حول المذياع في بواكير الخمسينات ليستمع الى الأستاذ المرحوم الإذاعي الرياضي المُخضرم "طه حمدتو" وزميله" أبارو" والأستاذ " على محمد شمو" أطال الله بقاءه- وهم يقدمون وصفاً لمباريات كرة القدم عند الثالثة والنصف عصراً من دار الرياضة بأم درمان. وكان هو مثار إعجابنا وهو يحفظ أسماء لاعبي الكرة في ذاك الزمان عن ظهر قلب وكان يفرح لانتصارات فريق المريخ ويحزن لهزيمة الفريق الأهلي السوداني (الفريق القومي حالياً) .وهو صاحب السبق في تسمية فريق المريخ عندما صار اعلامياً مرموقاً (جالب الكؤوس المحمولة جواً) عندما انتصر في إحدى المنافسات الإفريقية وعاد حاملاً معه الكأس على الطائرة. (الفاتح الصباغ )أول طفل في السودان شارك في التمثيليات الإذاعية والروايات الدرامية مع أساطين التمثيل آنذاك أمثال عمه الراحل" محمود الصباغ" وأساتذته الراحلين "أحمد قباني" و"فرّاج الطيب" و"ميّسرة السراج " أمد الله في أيامه. ألا يستحق هذا الفنان الشامل الذي تغنى بخواطر الأسماك عندما تجتمع في رافد خور شمبات كما صورها شاعر أبي روف المطبوع العم "عبد الحميد" جد الفنان المبدع الراحل " عبد العزيز العميري"؟ . له بلسم الشفاء ليعود إلينا من جديد طلق المُحيا ، ويبقى من أجل الذين أحبوه ، واقتسموا معه العُمر الجميل . ومن أجل سيرة عطرت مسامعنا في وقت مُبكر وقد كان سيد الكلمة الرصينة .سيرة عطرة ،من يفكّك عناصرها الأولى يجد حياة خصبة بالنماء ، مسيرة مُبدعة منذ الطفولة الأولى . زكته خصاله ، وتوقه إلى المعالي ، واختياره فن الإعلام مهنة أحبها ونبأ فيها. شَرُف هو إلى المعالي ،منذ كان عند الزغب يُجرِّب الطيران، حتى وَسِعَه الفضاء بسماواته العُلا ، فقدم رحيق عُمره في الإذاعة والتلفزيون . نحن جميعاً في حاجة لوقفة وفاء من أجل المبدعين الذين جمّلوا وجداننا ، وصقلوا مشاعرنا . يتعين أن نقف وقفة معروف لرد جميل لما قدمه للإعلام وهو طفل، فصبي، فشاب، فرجل،إنه الإعلامي (الفاتح الصباغ )، ولكم من الشُكر والتقدير والعرفان أجزله . زكريا خليل الصباغ Dimofinf Player