أفق بعيد فيصل محمد صالح [email protected] أردوغان : نسيج وحده نعم، فالسيد رجب طيب أردوغان نسيج وحده بين القادة الأتراك، وسياسيي وحكام العالم الثالث، وقادة العالم الإسلامي، ثم بين القادة الذين جاءوا من بين صفوف حركة الإسلام السياسي. عاش أردوغان تجارب كثير من الحركات الإسلامية في تركيا، وخاض بعض معاركها، ثم خرج من كل ذلك بتجربة فريدة مزجت بين رؤيته للدين الإسلامي كباعث ومحرك إيجابي للتطوير والتحديث والتنمية، وبين واقع تركيا المعقد وتاريخها الأكثر تعقيدا، وروابطها الحضارية مع العالم الإسلامي، والسياسية والجغرافية والاقتصادية مع اوروبا. واندفع ليحاول تحقيق هذه المعادلة على أرض الواقع؛ وليثبت أنه قادر على التمسك بهويته كمسلم وبمبادئ الديمقراطية وفصل السلطات والتداول السلمي للسلطة في بلاده، ونجح في ذلك نجاحا مشهودا، تشهد له به داخليا النتائج التي يحققها في كل انتخابات، ويشهد له خارجياً الاحترام الكبير للدور التركي في العالم. ويظهر أردوغان كقائد فريد بين قادة دول العالم الثالث من خلال تمسكه بالديمقراطية والنزاهة والشفافية في وقت تلوثت فيه أيدي القادة في بلادنا المنكوبة بالفساد المتنامي الذي أودى بمقدرات كثير من الدول ذات الإمكانيات الكبيرة. ويقود اردوغان تركيا في الساحة الدولية باحتراف شديد، وبمنهج مبدئي شديد الوضوح، ينحاز لقضايا التحرر والديمقراطية والاستقلال السياسي والاقتصادي، ويناصر قضايا الشعوب المضهدة والمظلومة دون خوف أو تردد، لكنه يفعل ذلك وهو يتعامل مع القوى الكبرى في العالم ويجبرها على الاستماع له والتحاور معه باحترام وندية، دون تبعية وانكسار، ولا تحد أجوف أو صدام أرعن لا يضع اعتبارا لميزان القوى. تركيا حاضرة في القضية الفلسطينية بمواقف مبدئية واضحة وتحركات عملية على الأرض، وهي كذلك من الدول التي يحسب لها حساب عند التعامل الدولي مع ملفي ليبيا وسوريا، وها هو الرجل يكسر كل الحواجز وينزل في مطار مقديشو كأول رئيس أجنبي يتفقد أوضاع الأشقاء الصوماليين الذين تفتك بهم المجاعة. سبق اردوغان، بحس إنساني عال وروح إسلامية متضامنة ومآذرة، كل قادة العالم، بما فيهم رؤساء الدول الأفريقية، ومد يد تركيا نحو الصومال، يدفع عن أبنائها غائلة الجوع والمرض الفقر. كان منظره أمس الأول وهو يتفقد معسكرات النازحين الصوماليين، وبرفقته زوجته، رسالة شديدة التأثير للعالم كله، أن هناك شعبا يموت وسط تجاهل العالم له، وان الوقت قد حان لإنقاذ هؤلاء الأبرياء من الفناء الذي يتهددهم. يعيد اردوغان رسم خريطة القوى المؤثرة في العالم، ويضع تركيا في مكان متقدم يناسب اسمها وإمكانياتها وتاريخها التليد، ويحفر لنفسه مكانا وسط القادة العظام. لكن الأهم من كل ذلك أنه يجسد أعظم قيم الإسلام والإنسانية دون هتافات أو لحية طويلة وجلباب قصير، بل ببدلة أوروبية كاملة الأناقة، وبصوت عادي ومتحضر وبكلمات مباشرة يحس بها ويفهمها كل إنسان في العالم، بغض النظر عن دينه أو عرقه او لونه. إنه قائد نسيج وحده. الاخبار نشر بتاريخ 21-08-2011