October 17, 2011 (قصة مهداة لرئيس الجمهورية بتوقيع نجلاء سيدأحمد...) المناضلة الجسورة نجلاء سيد أحمد قامت بنشر تسجيل مصور على موقع سودانيزأونلاين يوضح لقائها بالمواطن مكلوم اسمه (آدم) ، وذلك ضمن الجهد الذي تقوم به في التوثيق للحال والمآل الذي انتهى اليه ضحايا المفصولين للصالح العام ، وقد لا يختلف البؤس الذي يعيشه (آدم) واسرته عن الحال التي وصل اليها كثير من الناس ، فالممثلة القديرة فائزة عمسيب ، في تعليقها على حادثة قيام ممثل معروف بعرض كليته للبيع في سوق الأعضاء البشرية بمصر، أعلنت عن عزمها هي الأخرى على ممارسة بيع الشاي والزلابية على قارعة الطريق لتتقي سؤال الناس ، (صحيفة فنون 16 اكتوبر الجاري) ، ذلك لأنها ، وفق ما قالت ، أن أعضاء جسدها التي يمكن بيعها قد فقدت الصلاحية بفعل مرض السكري، ولكن هناك شيئ مختلف في حالة العم (آدم). العم (آدم) تم فصله من عمله بالنقل النهري للصالح العام ، وهو لايملك من حطام هذه الدنيا ما يكفيه للعيش لاسبوع واحد ، فلجأ الى (خرابة) اتخذ منها مأوى لأسرته (أربعة أبناء غيب الموت واحد منهم في عمر 3 سنوات) ، وما كاد (آدم) يبدأ حديثه أمام الكاميرا عن حاله وعجزه عن توفير الطعام لابنائه الذين اعتادوا على مصارعة الجوع ليومين وثلاث بلا أكل ، حتى بكى العم آدم ، وبكيت أنا ، وسكت آدم ولكنني لم أفعل ، فلا بد أن آدم قد اعتاد مثل تلك الدموع ، حاولت نجلاء أن تواسيه فقالت تخاطبه بصوت كسير : “ما تبكي يابوي... دموعك غالية علينا يا بوي" فمسح (آدم) دموعه بخرقة يحملها على كتفه وكأنها عمامة ، وواصل آدم يحكي : " اولادي ما شافو اكل الليلة ليهم ثلاثة أيام ، اثنين منهم تلاميذ في المدارس، الكبير بصف سابع والثاني بصف خامس ، كل البقدر اعملو بشتري لبن بودرة للصغير (7 شهور) بمبلغ (25 قرش) والكبار يناموا جعانين وبمشوا المدرسة بدون فطور ، اخرج من بيتي ابحث عن عمل ولا اجد ... الزمن اختلف ... اليوم ما في جار ولا زول بيسأل عن حالك...." انتهى كلام آدم . حينما نشرت نجلاء سيدأحمد قصة العم آدم ، تلقت من فاعلي الخير ما مجموعه 1250 جنيه ، عادت بها الى منزل آدم ، وكان الوقت ليلاً ، فوجدت ابنائه وهم يحاولون استذكار دروسهم في (الخرابة) التي يلتحفها الظلام على ضوء شمعة ، فقامت بتسليم المبلغ للعم (آدم) وهو يكاد لايصدق ، وحينما غادرت نجلاء منزله تشاورت مع زميلها ، وقررت أن تعود اليهم من جديد وبيدها (لمبة) للاضاءة تعمل بالبطاريات، فاستوى ابناء (آدم) ليباشروا مراجعة دروسهم المدرسية وعادت الفرحة للصغار بالضوء والطعام لأيام معدودة. تزامن مع نشر قصة آدم ، أن قام السيد/ ابراهيم علي ابراهيم المسئول الاعلامي لحزب الأمة القومي بنشر بيان حول مفصول آخر للصالح العام ، يقول البيان : " ورد في صحيفة الأهرام اليوم الصادرة صباح اليوم السبت الموافق 15 اكتوبر 2011م ، موافقة المهدي على اختيار نجله عبد الرحمن وزيرا بالحكومة. إن دخول عبد الرحمن الصادق المهدي في القوات المسلحة رد اعتبار له لأنه رفد ظلما، ونحن نطمع ونسعى لأن تكون القوات المسلحة قومية، وفي هذا الإطار فقد عاد عبد الرحمن الصادق لوظيفته في القوات المسلحة، أما الحديث عن منصب سياسي فهو حديث عاري من الصحة تماما وعلى الصحف أن تستوثق من المصادر بالدقة، وعليه ننفي تماما هذا الخبر “. لا يمكن النظر للظروف والملابسات التي دعت بالحكومة الى اعادة نجل الامام للخدمة بمعزل عن الماساة التي يعيشها العم (آدم) ، وبدوري ، لا أريد الخوض في تفاصيل تلك الظروف التي أعيد بموجبها عبدالرحمن للخدمة في الدرجة التي بلغتها (دفعته) بعد أن تركها – الخدمة – بدرجة ملازم أول ، فقد سبق أن كتبت حولها مقال بعنوان (العقيد ركن رياضي عبدالرحمن الصادق المهدي)، لم يجلب علينا سوى عتب أعزاء علينا . كما لا يمكن النظر في مأساة العم (آدم) ، بمعزل عن حالة الذين يتشاركون معه صفة (الموظف العام) الذين تنتهي خدمتهم بالتقاعد الاختياري أو الاجباري ، فالدولة التي تركت موظفها العام السابق (آدم) لدموعه ، هي ذات الدولة التي أصدر رئيسها مرسوماً يقضي بحصول كل من بلغ رتبة عليا بالقوات النظامية مخصصات وظيفته كاملة كما لو أنه لا يزال مستمراً بالخدمة (تشمل السكن والسيارة والعلاج ....الخ) وكذلك الحال لرؤساء القضاء السابقين ، ورؤساء الحكومات السابقين الذين تعاقبوا على الحكم بعد اللورد غردون باشا ، واعضاء مجالس الانقلابات العسكرية .... وفئات أخرى ، ليس من بينهم فقير أو معسر بالحالة التي يعيشها المكلوم (آدم) ، الذي لا بد أن يكون في رحلته في البحث عن ملابس ليغسلها (آدم ذكر أنه لجأ لغسيل الملابس في البيوت بالدستة) لا بد أن يكون قد سمع بالحوافز المليونية التي يتقاضاها زميله في خدمة حكومة السودان المعتصم عبدالرحيم ، ولا بد أن يكون (آدم) قد وقف على المبالغ التي كشفت عنها سرقة زميله الآخر الذي يقال له قطبي . في تقديمها لحكاية (آدم) ، كتبت نجلاء سيد أحمد تقول : " سيادة الرئيس .. الظلم ظلمات ... فأنصف دموع هذا الرجل " ، ولا تدري نجلاء أن الرئيس في هذا الوقت مشغول باصدار قرار من نوع آخر ، أورده الصحفي الطاهر ساتي في مقاله المنشور اليوم ، يقول القرار : “عملا بأحكام المادة (72) من دستور السودان، لسنة 2005م، أصدر أنا عمر أحمد البشير القرار الآتي : تكون لجنة للإشراف على بيع مستشفى العيون التعليمي ويتم الإتفاق مع المشتري على أن يكون تسليم العقار له خلال (8 – 12 شهرا) ، على أن يلتزم المشتري باستثمار العقار في المجالات التي تحددها الخطة الهيكلية لولاية الخرطوم، ويخصص عائد بيع العقار لإنشاء مراكز علاجية لطب العيون بالولايات..صدر تحت إسمي وتوقيعي في اليوم الرابع والعشرون من شهر أغسطس 2011م..المشير عمر حسن أحمد البشير/ رئيس الجمهورية " فلتمض ابنتنا الجسورة نجلاء في البحث عن مثل (آدم) من الضعفاء والمكلومين لتمد اليهم يد المساعدة ما استطاعت ونناشد أهل الخير لأن يلحقوا بآدم وابنائه عسى أن يعينوه في مسح دموعه ، ولنترك الرئيس لما هو فيه ، فهو رئيس حزب لا رئيس جمهورية ولا حول ولا قوة الا بالله ،، ملحوظة : حالة (آدم ) هي التي دفعت بهذا المقال للنشر قبل موعده . سيف الدولة حمدناالله [email protected]