نحتاج كثيراً إلى مراجعة الذات خاصة في المؤسسات الصحفية التي ينبغي أن تكون معنية بالهم العام وبالقضايا التى تهم الوطن والمواطنين في كل ربوع السودان، لذلك حرصت على حضور المنبر الصحفي لطيبة برس الذي عقد بمقرها بالخرطوم الأربعاء الماضي وكان تحت عنوان (الصحافة الإقليمية.. الفريضة الغائبة). المتحدثان في السمنار فيصل محمد صالح ومحمد عثمان بابكر عملا معي في جريدة “الصحافة" في فترتين مختلفتين حيث جاءنا فيصل في أواخر العهد المايوي أما محمد عثمان فقد عمل مراسلا ل"الصحافة" من بورتسودان في هذا العهد قبل أن أغادر “الصحافة" إلى “السوداني". وأنا فخور ببناتي وأولادي المنتشرين في مختلف المؤسسات الصحفية. فيصل قدم لنا خلفية مهمة حول أهمية الصحافة والإعلام الإقليميين في بلادنا الغنية بتنوعها الإثني والثقافي. وأشار إلى بعض تجارب الإعلام الولائي خاصة تلك التي تعطي مساحة لتقديم برامج موجهة باللغات واللهجات المحلية، ولكنه عبر عن أسفه لضعف هذه الوسائط وعدم تلبيتها لمتطلبات الاتصال بين أطراف البلاد. وقال إن الإعلام المركزي لم يستطع تلبية تطلعات المواطنين في ولايات السودان المختلفة. أفرد فيصل محمد صالح مساحة مستحقة ومقدرة لتجربة رائد الصحافة الإقليمية في السودان الراحل المقيم الفاتح النور الذي أصدر صحيفة كردفان في الفترة من 1945م، حتى 1970م، التي كانت تطبع وتوزع في الأبيض وكانت تصدر في “24″ صفحة وبلغ توزيعها “22″ ألف نسخة وكان لديها مراسلون من داخل الأبيض ومن خارجها بل ومن خارج السودان. استعرض فيصل بعض المحاولات التي جرت من أجل تأسيس صحف إقليمية لكنها لم تصمد طويلاً فيما قدمت ولاية البحر الأحمر نموذجاً استحق أن يفرد له السمنار ورقة قدمها محمد عثمان بابكر إدريس حيث ما زالت تصدر ثلاث صحف إسبوعية. صحيفة (بورتسودان مدينتي) التي صدرت في نوفمبر 2005م، عن منظمة (بورتسودان مدينتي) قبل أن يدخلوا في صراع قانوني مع السلطات الولائية وتعطلت عن الصدور لفترة ثم عاودت نشاطها تحت مظلة شركة مصدق لها وذلك في مايو 2008م، أما صحيفة “أمواج" فهي تصدر عن رابطة الإعلاميين بولاية البحر الأحمر، هذا إضافة لصحيفة “صوت برؤوت" التي صدرت عن شركة الثغر للطباعة والنشر في نوفمبر 2008م. لسنا بصدد استعراض ما دار في هذا السمنار ولكننا قصدنا التنبيه إلى أهمية إحياء ودعم الصحافة والإعلام الإقليميين وتنشيط المراسلين الصحفيين والإعلاميين للصحف الخرطومية التي تحتاج هي ذاتها لدعم لتفعيل خطها القومي وبناء مكاتبها الصحفية في ولايات السودان المختلفة للمساهمة الإيجابية في محاصرة القبلية والجهوية التي طفحت على سطح نسيجنا الاجتماعي مهددة إياه وبلادنا بالتشظي والتمزق.