لا أدري لما الإستغراب والعجب في حديث الأمين العام لما يسمي بهيئة علماء السودان التابعة للمؤتمر الوطني محمد عثمان صالح عن اباحة زواج الطفلات!. فقد قال من قبل عبد الجليل النذير الكاروري، أبرز فقهاء المؤتمر الوطني، في ورشة مراجعة قانون الأحوال الشخصية سبتمبر 2011 (الصغيرة مثل الثمرة إذا بدا صلاحها تكون مثل الحيازة بعقد ريثما تطيب، وزواج الصغيرة أصل في الدين من الكتاب والسنة للتناسل والإنجاب)!. أرأيت هذا الذي يُفزعُ بالدين. فلا أخفيكم سرا، فالشريعة الإسلامية كما يفهما أمثال هؤلاء الشيوخ تجيز إلى جانب زواج القاصرات ما يُعرَف ب (مفاخذة الصغيرة). وهي ببساطة: لو أن رجلا كبيرا عقد قرانه على طفلة فى السابعة أو الثامنة، لم تبلغ، فمن حقه أن يأخذها إلى غرفة، ويعرّيها، ويتعرّى، وأن يطلب منها أن تفعل ما يريد، كل ما يريد، ما عدا «الإدخال». سيبقى «الإدخال» فقط ممنوعا حتى تبلغ الطفلة، وترى الدورة الشهرية!. هل جاء لك كلامي. هم يخادعون الناس بإظهارهم حكم (زواج القاصرات) الذى لا يخالف ذوق كثيرين من بين جمهورهم ولكن وفى نفس الوقت يخفون عليهم وعلينا الحقيقة كاملة عن فهمهم الحرفي المغلوط للأحكام ك (مفاخذة الصغيرة) المقترن ب (زواج القاصرات) لأنه قد يكون صادما للجميع. إنهم يفضلون أن يأتوكم رويدا رويدا. إذا كنت لست متأكدا إرسل سؤوال لأصحاب الفتوى، فستذعر لأنهم سيقولون لك إن (مفاخذة الصغيرة) حكم الشرع!. أنا متاكد بأن كثير منكم مثلي، فهذا الكلام لا يمكن أن يدخل عقل أو يقتنع به أحد يعيش في زماننا الحاضر. والغلط ليس في الشريعة ولكن في العقول التي لا تعقل وتفسر الأمور دوما بالرجوع للوراء لتعيد نفس الزمن الذي إنتهى وتأبى الحل الأسهل وهو إنتهاء النصوص مع إنتهاء العهد أو تغييرها لمواكبة العصر. وهذا التعنت نابع من كونهم لا يؤمنون بأن الشريعة يمكن ان تتطور أبدا!. ولهذا يخيم علينا كل هذا الجمود. فكما قال الدكتور نصر أبوزيد: الفقه بشكل عام دخل مرحلة الاجترار، و دخل مرحلة الإعادة بلا إفادة، فعادَى كل أنماط الفكر. فهذا ما يحدث تماما الآن. بعيدا عن هؤلاء تامل في التاريخ البشري، فقد كان زواج الأخوات مباح من قصة هابيل وقابيل، وبتغير الزمن إنتفى زواج الاخوات وصار زواج الخالات والعمات مباح. وتطور الزمن وإختلف فحرم زواج العمات والخالات، وهكذا. فهذا مثال بسيط لإختلاف الشريعة من زمن إلى زمن. وقد كان قديما تجارة العبيد ونكاح ماملكت اليمين مباحا في الشريعة. أما الآن فصارت تجارة الرق والعبيد محرمة إنسانيا. فهل تريد الشريعة بمفهومها القديم التي لم تحرم تجارة العبيد وتجيز زواج ملكة اليمين!. فهل المشكلة في الشريعة ام المشكلة في العقول التي تريد ان ترجع للوراء وإعادة نفس الظروف المحيطة السابقة ولا تتجاوز النصوص الحرفية. غير المقتنعين أريدهم أن يسألوا أنفسهم عن الحكمة في القرآن الكريم عن الناسخ والمنسوخ. رغم الاختلاف البيّن فى عدد المنسوخ من آيات القرآن وأحاديث السُّنة وتعاليمها، إلا أن جودهما أمر متفق عليه. إنها حكمة غائبة. لماذا يقول الله كلاما، ثم يعدل عنه إلى كلام آخر، فى زمن لا يتجاوز سنوات لا تتعدى بضعا وعشرين سنة؟! إذا كان البعض منا يقول إن أحكام الإسلام صالحة لكل زمان ومكان، فكيف يفسَّر الناسخ والمنسوخ، بما يستقيم والتسليم بالعلم المطلق للخالق؟ فمن المؤكد أن خالقا عظيما ذا علم مطلق ومنطق محكم يعلم بما سيتغير من كلامه، وإلامَ سيؤول التغيير. ما الحكمة إذن؟. الحكمة ببساطة وبلا تعقيد هى أن الأحكام تتغير بتغير الظروف والأحوال، حتى لو كانت هذه الأحكام منصوصا عليها ولو فى قرآن. الله نفسه ضرب مثالا عمليا على ذلك. ولكن لا يعقله إلا العالمون، وإنه آيات لقوم يعقلون، لأولي النهى ولأولي الألباب. فأنا لا يمكن أن أقتنع بهكذا فتاوي وأقوال وأحكام ونصوص. أنا حر في عقلي وما أقتنع به فساجازى به وحدي. فالنصوص الدينية والممارسات السابقة يجب أن توضع في سياقها التاريخي الصحيح. ربما في في الازمنة السابقة كانت ممارسة شائعة على أيام النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت ربما مقبولة اجتماعيا. لكن الزمن تغير. فما لدينا من الإسلام هو مبادئه العليا. أما حياة المسلمين العصرية فإنها حياة مختلفة ومتطورة لا نقدر أن تصلح للزمن الذى نعيش فيه. وإننى أثق أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لو كان بيننا الآن لفعل ما يتوافق مع العصر الذى يعيش فيه. وهناك معلومة مهمة جدا قرأتها وهي أن السيدة عائشة رضي الله عنها عندما تزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت مابين الرابعة عشر والتاسعة عشر، ولم تكن في التاسعة أبدا. وهذا الموضوع يمكن أن أستعرضعه عليك في سانحة أخرى. الآن علينا أن نسأل أنفسنا: من الذى يسىء إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلم؟! إذا ذكر أحدهم في الغرب هذه المعلومة وقال بأن المسلمون الآن يجيزون زواج الأطفال، بل والتمتع بهن، ماذا سيكون ردنا؟. أسنرد بالجهل وضيق الأفق وعدم التعقل ونصر على التمادي في هذا التخلف و أن نكون أضحوكة زماننا. يجب أن لا نترك بناتنا الصغيرات للذين لايعقلون ولا يكادون يفقهون قولا، معدومي الضمير والإنسانية.