(منع ممارسة رقصة ) اثارت قوانيين النظام العام في السودان الكثير من الجدل وملخص القول انها كانت قوانيين ضد الانسان والانسانية وقد اكتوى به عدد من الناس وخاصة النساء ، الائي تعرضت الى التقييد في اللبس وممارسة الرقص والاختلاط الى آخر تلك القوانيين . لم يترك الناشطون الحقوقيين لهذا النوع من القوانيين ان تمر مرور الكرام لدرجة ادت بعض القضايا الى تشويه سمعة السودان على مستوى العالم ومنها حادثة محاولة جلد الاستاذة لبنى حسين بسبب ارتدائها بنطال ، وجلد الطفلة سلفيا لنفس الاسباب رغم انها كانت من ثقافة وديانة مختلفة ، مما ادى ان قوانيين النظام العام كانت ضد المرأة بصفة خاصة . قبل اسابيع قرأت خبر خجول ومتواري في صفحة جريدة المصير : يقول الخبر فيما معناه ان سلطات شمال بحر الغزال اصدرت قراراً بمنع رقصة تسمى ( الواندي ) تمارسها النساء بالولاية نسبة لانها غير متلائمة مع ثقافتنا وانها تسبب الاجهاض للنساء ، لذا منعت الرقصة وحذر من تسول لها نفسها ممارسة تلك الرقصة او اقامة حفلات تحرض على ممارسة هذه الرقصة والا سوف يعرض نفسه للمسألة القانونية وايضاً شددت السلطات الرقابة على ممارسي هذه الرقصة ! انتهى . قد يكون الخبر مضحكاً.. ولكن الضحك لا يمنعنا من ان نستشعر خطورة مثل هذه القرارات ، وبالذات اذا تمت ممارستها بعقلية النظام العام ! وقيل لم تصدر اي ممانعة من اي جهة اذا كان منظمات نسوية او حقوق الانسان ، لان هناك ضرر صحي تقع على النساء من جراء ممارسة تلك الرقصة . لم نختلف في هذا الشأن طالما ان هناك ضرر صحي تقع على الممارسات لرقصة (الواندي) اذن نتفق في ان يتم وقف هذه الرقصة وما نختلف فيه هي طريقة التعامل مع هذا النوع من الامور والذي في رأنا طالما هي ممارسة اجتماعية سوف تنتهي بالتقادم واستمرار توعية الناس من المخاطر جراء تلك الرقصة ونملك للمجتمع سلطة ان يغير ويتغيير لان ذاك هو ديدن اي مجتمع اي عدم الثبات على شئ ، وكل يوم وكل عام تظهر كم اغنية وكم رقصة ثم يأتي آخر وهكذا دواليك ، وكان لا يجب ان تنزل السلطان هيبتها لمراقبة رقصة وسن قوانيين لمعاقبة الراقصة والفنان والجماهير وتحويل الافراح الى مطاردات بوليسية . بعد بحث قيل ان الرقصة تعتمد على تحريك الفخذين فتحا واغلاقا والقفز اماماً وخلفاً ومن ثم تحريك الارداف معها نعم نعم هكذا كما تخيلتموه بالضبط ، كلنا يعلم ذلك اي انها قمة الطرب الذي يصله الراقص او الراقصة ولكن على طريقة طرب شرق افريقية وبها بعض الايحاءات الجنسية . واعتقد هذا ما اثار حفيظة السلطات الذكورية في شمال بحر الغزال ، اي ان رقصة ( الواندي) استفزت رجلوتهم اكثر من استفزازها لمشاعرهم الحنينة ناحية المرأة هناك ، لسبب وهي ان هناك الكثير من الممارسات والانتهاكات تقع على النساء والفتيات وربما تهدد حياتهم وحياة اجنتهم ولكنها سارية ولا تمس حفيظة السلطات الذكورية ، لانها عادات وتقاليد تخدم الرجل وتمتعه وتنفخ رجولته حتى اذا ادى ذلك الى اجهاض المرأة الف مرة او ادى الى موتها او حرمانها من ممارسة حياتها كانسان ، ومنها نجد ان النساء تمارسن كل الاعمال الشاقة اثناء فترة الحمل وبالذات الشهور الاولى من الخدمات المنزلية ونقل الماء والاحمال الثقيلة واهمال للمتابعة الصحية لهذه الفترة والغذاء الصحي المطلوب بدليل ان دولتنا من الدول التي تصنف بان بها اكبر معدل وفيات للامهات ، كل هذا يؤدي الى الاجهاض ! العنف الجسدي يؤدي الى الاجهاض ! زواج القاصرات يؤدي الى الاجهاض وربما الوفاة ، كل ذلك يتم على مرأى من تلك السلطات ولكن لم تصدر اي قوانيين تحمي المرأة من نفسها او من المجتمع من حولها وتوعيتها بحقوقها في الحياة بكرامة وان تجد التقدير الاجتماعي التي تستحقه نظير ما تقدمه من خدمات للدولة والمجتمع من حمل ورضاعة ورعاية الاجيال مجانا والذين يسمون فيما بعد مواطنين ومسؤولين . من حيث المبداء لا نختلف بان تكون هناك قوانيين تحمي المرأة من الانجراف لاذية نفسها بسبب الجهل وقلة الوعي ، ولكن يجب ان يعمم هذا المبداء اذا كان هناك حرصاً على صحة النساء والمحافظة على النسل ، نتمنى ان نسمع قريباً قراراً تمنع النساء من حمل الاوزان الثقيلة لان ذلك يسبب الاجهاض ، نتمنى سمع قرارات تمنع زواج القاصرات لانهن غير مستعدات جسديا ونفسياً للحياة الزوجية واذا اجبرت قد تكتئب ، نتمنى ان نسمع قانوناً تمنع ضرب النساء وتشديد الرقابة على العويل الليلي وتوزيع ارقام طوارئ على النساء اذا تعرضت للعنف من اي نوع لتهب الدولة لنجدتها ، نتمنى سماع قرارات تعاقب المغتصب او الذي يغوي فتاة صغيرة لتحبل منه ثم يتركها لمصيريها بعد ان يكون انزعها من فصول التعليم ، نتمنى سمع قرارات تعاقب من يختطف تلميذة مواظبة في الدراسة بغرض الزواج وبعد ان يهتك شرفها قد يتزوجها او قد لا يتزوجها اذا وجد معارضة من اي جهة ، نتنمى ان يتم تدوين صارم ومراقبة اولئك الذين يهتكون اعراض اكثر من اسرة ويهربون دون اي عقاب ؟ قد نسمع بان هناك شاب حبلت منه اكثر من خمسة فتيات صغيرات في وقت واحد دون ان يتزوج احداهما ، لان ليس هناك قانونا رادعا لمثل هذا السلوك ولان ببساطة العادات والتقاليد تحميه . لذا نتعجب اذ ان هناك كم هائل من الجرائم والانتهاكات تتم في حق المرأة ولا تتم ادانتها ومن ثم نأتي لنسمع ادانة واستنفار كل السلطات وتشديد الرقابة وربما تم تعيين مباحثية يتقاضون مرتبات يتم توزيعهم لمراقبة مسرات الناس من اجل رقصة . ويا ترى ما هي نوعية العقوبة لمن تسول لها نفسها ان ترقص الواندي ؟ واذا كانت هناك حوامل يجب الا تمارسن تلك الرقصة ما ذنب الفتيات ؟ لو كان السبب الخوف من الاجهاض ؟ لا نريد اخذ نموذج النظام العام للحكم على الامور هنا ، لان تلك القوانيين كانت تتطعن في الظل والفيل واقف ، تشدد على لبس الفتيات بينما دار المايقوما تستقبل يوميا اعدادا ً من الاطفال فاقدي السند ، تشدد الرقابة على الحفلات بينما توجد بيوت سرية تمارس فيها الرزيلة جهارا نهارا ، تنتهك حرمات الناس واسرارهم من اجل ارساء مجتمع العفة ، وكل تلك الاشياء ادى في النهاية الى الانحلال الاخلاقي الذي يخاف منه الدولة ، وهذه مصيبة الهاء الناس بتوافه الامور وتشتيت وتغبيش وعيهم حتى لا يدركوا المصائب الجسيمة التي تقع على رؤوسهم حتى لا ينتبهوا لها ولا يتحسسونها ، اذ قد نركز على مجرد رقصة ولكن ما الفائدة اذا كانت باستطاعة نسائنا ممارسة الدعارة وشرب الخمور وهز الارداف سراً دون ضجيج ، بسبب انتشار اللوجات والبارات والفنادق في منتصف الاحياء دون ان تكون لدينا سلطة منع مستثمري الجسد وتغييب العقول . اذا كان هناك غزو ثقافي وتخشى حكومتنا ان يتاثر بها الناس ، يجب تشديد الرقابة على دخول الاجانب وبالذات ممارسي المهن الهامشية وبائعات الهوى الائي تمارسن اعمالاً خفية تحت مسمى غير . وعليها تقوية اعلامها المرئي والمقروء والمسموع وتغذيتها ببرامج تنموية وثقافية واجتماعية وتعليمية تقوي ارتباط الناس بثقافتهم وتوعيهم بان ليس كل ماهو آتي من الخارج صالح ، ويجب تنمية حس تقييم الثقافات الوافدة السلبي منها والايجابي ، بل يجب ان ننقي منها ما يتناسب معنا ونترك ما لا ينفعنا ويخدش عاداتنا وتقاليدنا الايجابية . وللعلم اي فعل سلبي وغير اصيل يموت ، طالما المجتمع يرفضه ويمارسه شريحة محدودة من الناس وطلما ان هناك اعلام واعي تؤدي واجبها التوعوي ستتعرض هذه الشريحة للعزلة ومن ثم لا يكون لها خيار سوى ترك السلوك المشين ، ولكن المنع بالقوة دائما يؤدي الى الممناعة ، كما يقول المثل الممنوع مرغوب ، وقد لا تمارس النسوة الرقصة علنا ولكنهن قد تمارسنها سراً كيتاً في الحكومة .