اتهم الرئيس الأميركي باراك أوباما إيران بدعم "دكتاتور دمشق" وجماعات "إرهابية" تعمل خارج إيران، وقال إن الأسد يجب أن يرحل في نهاية المطاف، فيما دعا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى تدخل عربي عسكري في سورية، داعيًا مجلس الأمن إلى إصدار قرار تحت الفصل السابع يلزم إسرائيل بفك الحصار عن قطاع غزة ووقف الاستيطان، في حين حذّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أن النزاع السوري يهدّد بكارثة إقليمية تكون لها تداعيات دولية، معربًا عن قلقه من التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران في الأسابيع الماضية بشأن شن حرب بينهما على خلفية برنامج طهران النووي، بينما قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الثلاثاء إنه سيعترف بالحكومة المؤقتة السورية الجديدة في حال تشكيلها، مطالبًا الأممالمتحدة بحماية "المناطق المحررة" في سورية. وأدان أوباما في خطاب ألقاه، الثلاثاء، في الأممالمتحدة بعد افتتاح دورة جديدة للجمعية العامة الفيلم المسيء للإسلام، ولكنه قال إنه لا يبرر الاعتداء على الأبرياء وقتل السفير الأميركي في بنغازي في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر الجاري. وفي الشأن الفلسطيني قال الرئيس الأميركي إن على الجميع أن يضعوا هؤلاء الذين ينكرون حق الإسرائيليين في الوجود وراء ظهورهم، وأضاف أن أميركا تعمل على إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بما يحقق حل الدولتين. ودعا أوباما زعماء العالم إلى الاتحاد في مواجهة الهجمات التي تعرضت لها بعثات دبلوماسية أميركية في العديد من الدول الإسلامية. في الشأن الإيراني قال إنه ما زال هناك وقت لحل دبلوماسي للنزاع حول برنامجها النووي، لكنه استطرد متابعًا أن "الوقت ليس لأجل غير مسمى". وقال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء، "لقد بلغ الوضع في سورية اليوم مراحل لا تحتمل، إذ يسقط مئات السوريين الأبرياء كل يوم بنيران نظام لا يتورع عن استعمال كل أنواع السلاح ضد أبناء شعبه". وأضاف أن كل السبل قد سلكت من دون جدوى لإخراج سورية "من دائرة القتل، وقد فشل مجلس الأمن في الاتفاق على موقف فاعل"، وقال إنه يرى أنه "من الأولى والأجدر أن تتدخل الدول العربية نفسها انطلاقًا من واجبها القومي والإنساني سياسيًا وعسكريًا، والقيام بما يفرض ويكفل وقف نزيف الدم السوري وقتل الأبرياء، وتشريدهم وضمان الانتقال السلمي للسلطة في سورية". وذكر أن "هناك سابقة مماثلة حين تدخلت قوات الردع العربية في لبنان في منتصف سبعينات القرن الماضي لوقف الاقتتال هناك" وكانت تلك خطوة أثبتت فاعليتها وجدواها". وحث جميع الدول المؤمنة بقضية الشعب السوري على المساهمة في تقديم أشكال الدعم كافة لهذا الشعب حتى تتحقق مطالبه المشروعة. وقال "إنه رغم كل ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط، فإن القضية الأساسية تظل القضية الفلسطينية واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، في الضفة الغربية، وهضبة الجولان، ومزارع شبعا في جنوب لبنان، إلى جانب الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة واستمرار اعتقال آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية". وأضاف أن عملية السلام قد توقفت بسبب المواقف الإسرائيلية الحالية التي تصّر على المضي بسياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية والقدس ورفض التخلي عنها، وقال "إني لأتساءل أحيانا لماذا لا يفعل المجتمع الدولي شيئًا لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بقية الشرق الأوسط، ولماذا لا يصدر مجلس الأمن قرارًا تحت الفصل السابع يلزم إسرائيل بفك الحصار عن قطاع غزة ووقف الاستيطان وإعادة عملية السلام إلى مسارها الشامل وترك مسار الحلول الجزئية التي لم توصل إلى نتيجة؟ ولا أجد لهذا التساؤل جوابًا". وقال الأمين العام للأمم المتحدة في الجلسة ال67 للجمعية العامة، في بيان، إن "الوضع في سورية يسوء في كل يوم، ويهدّد بحدوث كارثة إقليمية قد تكون لها تداعيات دولية". ودعا بان "المجتمع الدولي إلى عدم غض الطرف عن أعمال العنف التي تخرج عن السيطرة" في سورية. كما دعا المجتمع الدولي، لا سيما الدول الأعضاء في مجلس الأمن وبلدان المنطقة، لتقديم دعمها الملموس لجهود المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية في سورية الأخضر الإبراهيمي. ولفت بان إلى أن "النظام السوري أولًا، وبعده المعارضة، يقومان بممارسات تنتهك حقوق الإنسان". واعتبر أن "هذه الجرائم يجب المعاقبة عليها"، مشيرًا إلى أن "مبدأ مرور الزمن لا ينطبق على هذا العنف المتطرف". وفي الصراع العربي الإسرائيلي، اعتبر بان أنه من حق الفلسطينيين أن يحظوا بدولة، بعد عقود على الاحتلال القاسي والقيود المهينة التي فرضت على كل نواحي حياتهم تقريبًا، مشددًا على حق إسرائيل بالعيش بسلام وأمن، بمنأى عن المخاطر والصواريخ. وقال بان إن "حل الدولتين هو الحل الوحيد المستديم"، محذّرًا من أن "هذا الباب قد يغلق الآن إلى الأبد". وأشار إلى أن "ازدياد المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة يقوّض جهود السلام بشكل كبير"، داعيًا إلى "تخطي هذا الطريق المسدود". وعن الصراع الإسرائيلي- الإيراني، أعرب بان عن رفضه "للغة الاتهامات التي توجهها دولة إلى أخرى بشأن إمكان اللجوء إلى الحل العسكري"، محذّرًا من أن "أي اعتداءات من هذا النوع ستكون مدمّرة". وأعرب بان عن قلقه على وجه الخصوص من "الحديث الذي ساد في الأسابيع الأخيرة بشأن إمكان شن حرب (بين إيران وإسرائيل)"، معتبرًا أنه "يجب أن نتذكر دائمًا أهمية الحلول السلمية واحترام شرعة الأممالمتحدة والقوانين الدولية". وفي الشأن النووي، دعا الأمين العام طهران إلى إثبات الطابع السلمي لبرنامجها النووي، كما دعا كوريا الشمالية إلى التقدم نحو نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. إلى ذلك، وصف بان فيلم "براءة المسلمين" ب "العمل المفتقد للإحساس الذي نجم عنه غضب مبرر وأعمال عنف غير مبررة". واعتبر أن "حرية الرأي والتظاهر هما أساسيان"، غير أنه أضاف أن "هذا الحرية ليست مبررًا للحض على أعمال العنف أو ارتكابها". وتابع بان "نعيش في عالم غالبًا ما تستغل فيه الانقسامات لتحقيق المكاسب السياسية القصيرة المدى"، مشيرًا إلى أن "كثيرًا من الأشخاص مستعدون لتحويل شرارات انقسام صغيرة إلى محرقة". ودعا "الأكثرية المعتدلة لئلا تكون أكثرية صامتة"، معتبرًا أنه "عليها أن تقوي نفسها وتقول لمفتعلي أعمال الشغب وللمتطرفين "أنتم لا تمثلوننا". من جهة أخرى، رحّب الأمين العام بالتقدم المحرز على بعض الجبهات، مشيرًا إلى أن معدلات الفقر الشديد في العالم تراجعت بنسبة 50% منذ عام 2000، كما رحّب بعمليات الانتقال السياسي نحو الديمقراطية التي تحصل في العالم العربي، وميانمار، وبلدان أخرى. وأضاف أن النمو الاقتصادي في القارة الأفريقية أصبح الأسرع في العالم، مشددًا على التقدم الكبير الذي تحرزه آسيا وأميركا اللاتينية. إلى ذلك، حذّر بان من الآثار المتنامية للتغير المناخي، معتبرًا أنها "تحدث أمام أعيننا، غير أن بعض القادة يختارون تجاهل هذا الخطر". ولفت إلى أن الدول الأعضاء في الأممالمتحدة اتفقت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي على التوصل إلى اتفاق ملزم بحلول العام 2015 في هذا الخصوص، داعيًا هذه الدول إلى "الإيفاء بوعودها". وأضاف "لا وقت كثير أمامنا إذا ما أردنا الحدّ من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى درجتين مئويتين". ولفت إلى أن "تغيير مسارنا لن يكون سهلًا، غير أن اعتبارنا هذه المسألة عبئًا يحول دون تركيزنا على ما هو أهم". وقال هولاند أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "علينا أن نتحرك لأن الوضع طارئ، وأول وضع طارئ هو في سورية. كم من قتيل آخر يجب أن ننتظر كي نبدأ بالتحرّك؟"، وأضاف "اتخذت قرارًا بأن أعترف بالحكومة المؤقتة السورية الجديدة في حال تشكيلها، وأعطيها كل المساعدة". وطالب الأممالمتحدة بحماية "المناطق المحرّرة" في سورية، وتقديم الدعم الإنساني هناك. وقال إن على القادة السوريين أن يعرفوا أن "المجتمع الدولي لن يبقى ساكتًا في حال استخدام الأسلحة الكيميائية"، مضيفًا أن "نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد لن يجد له مكانًا في الأممالمتحدة.. وليس له مستقبل". وتحدث عن ثلاثة تحديات تواجهها الأممالمتحدة وهي: خطر التطرّف الذي ينشر العنف الذي ظهر في الأيام الماضية، والأزمة الاقتصادية العالمية، وتدهور المناخ الذي يؤثر على حياة كوكبنا. وقال إن على الأممالمتحدة مواجهة هذه التحديات بشكل عادل وقوي، مضيفًا "إذا أردنا عالمًا أكثر أمانًا يجب تحمّل مسؤولياتنا، عبر إصلاح الأممالمتحدة"، مشددًا على ضرورة أن يعكس مجلس الأمن واقع عالمنا بشكل أفضل. وأشار إلى دعم فرنسا لتوسيع دائرة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، معبرًا عن ثقة بلاده الكبيرة بالأممالمتحدة. وتطرّق إلى قضية النووي الإيراني، وقال إن إيران تتجاهل مطالب المجتمع الدولي، ولا تأخذ قرارات مجلس الأمن بعين الاعتبار. وقال إن باريس مستعدة "لفرض عقوبات جديدة على إيران"، للضغط على نظامها. وتحدّث عن مفاوضات السلام في الشرق الأوسط المتوقّفة، وقال إنه يجب الوصول إلى مخرج في هذا الشأن، مضيفًا أن "الحل الوحيد لتحقيق سلام عادل وشامل هي المفاوضات" بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولفت إلى استعداد فرنسا لاستقبال مؤتمر للأمم المتحدة خاص بالتغييرات المناخية. وعلى صعيد فعاليات أعمال الجمعية، شارك الرئيس محمد مرسي، الثلاثاء، في الجلسة الافتتاحية للنقاش العام للدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يتحدث فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيسة البرازيل ديلما روسيف وقطر وفرنسا. وكان من المقرر أن يحضر الرئيس مرسي أيضًا، مأدبة الإفطار التي يقيمها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لرؤساء الوفود المشاركة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم يبدأ مرسي لقاءات ثنائية مع كل من رئيس فرنسا فرانسوا أولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة واجد ورئيس البنك الدولي ورئيسة وزراء أستراليا جوليا جولارد. كما سيشارك الرئيس مرسي في الجلسة الختامية للاجتماع السنوي لمبادرة كلينتون حيث يلقي الرئيس كلمة أمام الجلسة ويعقبها حوار لمدة 15 دقيقة مع الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون حول عملية انتقال السلطة في مصر، كما سيجري لقاءات مع كل من رئيسة سويسرا ورئيسة الأرجنتين ورئيس الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة الصربي ميتروفيتش ثم سكرتير عام الأممالمتحدة، ثم يعود الرئيس إلى مقر إقامته في نيويورك، حيث يدلي بحديث لقناة "الحياة" التلفزيونية المصرية يديره المذيع شريف عامر. وكان الرئيس قد استقبل في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، بتوقيت القاهرة في مقر إقامته بنيويورك، وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وتناول اللقاء تطورات الأوضاع الداخلية في مصر، والوضع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، كما التقى مرسي بمقر بعثة مصر لدى الأممالمتحدة في نيويورك برؤساء المنظمات الإسلامية والمسيحية واليهودية في الولاياتالمتحدة، من بينهم مستشارة الرئيس الأميركي باراك أوباما داليا مجاهد لشؤون الأديان، وأُقيم اللقاء برعاية البعثة المصرية لدى الأممالمتحدة في نيويورك، في وقت مبكر الثلاثاء، في إطار تعزيز الحوار والتسامح والتفاهم بين الديانات، حيث أكد الرئيس مرسي على ضرورة قبول الآخر وتقبل الاختلافات بين الأديان، مشيرًا إلى أن الإسلام هو دين التسامح. كما أدلى الرئيس المصري بحديث إلى قناة "بي بي إس" التلفزيونية الأميركية، وأدار الحوار المذيع شارلي روز، وتناول التطورات الداخلية في مصر، والأوضاع الإقليمية فى منطقة الشرق الاوسط. وكان الرئيس مرسي قد وصل ظهر الاثنين إلى نيويورك، في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، يشارك خلالها في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.