يبدو أن تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة وهي ما ينادي به حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بمشاركة قوى المعارضة وفق ما يصفه ببرنامج الجمهورية الثانية، ستكون أمرا بعيد المنال في ظل اتساع الهوة في مواقف الطرفين. ورغم قرب تشكيل الحكومة الجديدة وظهور بعض الإرهاصات حولها، فإن أحزاب المعارضة التي يجري بعضها حوارا مع الحكومة حول برامج المرحلة المقبلة دون أي تقدم في مجال المشاركة، ترى أن تشكيل حكومة قومية انتقالية هو المخرج الرئيسي للأزمة الحالية في البلاد. وبناء على ذلك يعتبر كثيرون أن اتفاق الحكومة والمعارضة السودانية لن يتحقق على الأقل في الوقت الراهن، رغم النداءات التي ظلت تطلق من حين لآخر عن ضرورة ذلك الاتفاق لتجنيب البلاد مزيدا من الأزمات. وكان الرئيس السوداني ورئيس حزب المؤتمر الوطني عمر البشير قد دعا القوى السياسية السودانية إلى التوحد والابتعاد عن مكائد السياسة لأجل ضمان مستقبل آمن للبلاد. لكن الحزب الشيوعي السوداني الذي يبدي اعتراضا على بقاء المؤتمر الوطني في السلطة لأنه "هو سبب المشكلة الماثلة في البلاد حاليا" بحسب قوله، يرى أن الحوار لن يكون مفيدا طالما جاء وفق رؤية الوطني. يوسف حسين: الوطني غير جاد في الوصول إلى حلول مؤتمر دستوري وقال عبر الناطق الرسمي باسمه يوسف حسين إنه يسعى مع آخرين لعقد مؤتمر دستوري يحسم كافة القضايا محل الخلاف، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني "غير جاد في التوصل إلى معالجة جذرية لمشكلات السودان". وأكد حسين للجزيرة نت رفض حزبه لأي حل منفرد، "وبالتالي فإن ما يشيعه المؤتمر الوطني من معلومات حول قبول المعارضة بطرحه لن يتحقق طالما هو المتحكم بأمر البلاد". أما الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل فيرى أن "الحوار مع المؤتمر الوطني حول الحكومة الجديدة غير مجدٍ لكون الأخير يعمل على استيعاب القوى السياسية في برنامجه المرفوض"، مشيرا إلى عدم وجود حوار جدي بشأن القضايا الكبرى التي تحتاج إلى معالجة فورية. وقال عضو هيئته القيادية علي السيد للجزيرة نت إن هناك من حاول التفاوض مع المؤتمر باسم المعارضة حول المرحلة المقبلة "لكن المعارضة رفضته"، راهنا التفاوض مع المؤتمر الوطني بوجود برنامج متفق عليه بين كافة القوى السياسية السودانية. علي السيد قال إن الحلول الثنائية لا تقدم حلولا لمشاكل السودان حوارات ثنائية وأضاف السيد أن الوطني يبذل جهودا في "إجراء حوارات ثنائية لا تقدم ولا تعطي الحلول الكاملة لمشاكل السودان المختلفة"، داعيا إلى حوار جاد ينتقل بالسودان إلى مرحلة الاتفاق والتوافق السياسي. أما حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه حسن الترابي فيرى أن المشاركة مع المؤتمر الوطني في حكومة واحدة تمثل جريمة في حق المواطن والوطن، معتبرا ما يطلقه المؤتمر الوطني من نداءات "لا يعدو أن يكون مجرد إطالة لفترة بقائه في السلطة". ويقول الأمين السياسي للحزب كمال عمر عبد السلام إن الشعبي "يطرح مبدأ إسقاط النظام وبالتالي لا يوجد حديث حول المشاركة أو الالتقاء مرة أخرى"، مشيرا إلى أن حزبه يطعن في شرعية نظام حكم المؤتمر الوطني "فكيف نتفاوض معه لأجل مشاركته في الحكم؟". كمال عمر: الشعبي لن نكون جزءا من حكومة صنعها المؤتمر الوطني ترقيع حكومي ويؤكد أن المؤتمر الشعبي "لن يكون جزءا من أزمة صنعها المؤتمر الوطني"، معتبرا أن "أي ترقيع للحكومة الحالية سيطيل عمرها في السلطة"، مشيرا إلى أن ما يشاع عن بداية حوار مع المؤتمر الوطني "هي بالونات يطلقها الحزب الحاكم لصرف الأنظار عن حقيقة الأزمة التي يمر بها السودان". غير أن الحركة الشعبية -شمال السودان- فقد دعت إلى تشكيل تحالف عريض يضم كافة قوى الهامش وقوى المعارضة لأجل إسقاط نظام الحكم بجانب عقد مؤتمر دستوري كمخرج لوحدة ما تبقى من السودان. وقال مستشار رئيسها بولاية جنوب كردفان قمر دلمان للجزيرة نت إن مشاكل السودان لن تحل إلا بإسقاط "نظام المؤتمر الوطني وليس التحاور معه"، مشيرا إلى أن سياسة حلول التجزئة التي ينتهجها الوطني تجاوزها الزمن.