حماية للقاسدين : لجنة حكومية للنظر في المواد الصحفية المتعلقة بالفساد قبل نشرها هدد وزير الإعلام في السودان، يإيقاف اي صحيفة تتجاوز الخطوط الحمراء، وكشف عن إتجاه حكومته لانشاء محاكم خاصة بقضايا الصحافة لكبح كل من يتعدي على القوامة الكلية للدولة ولتسهيل سرعة البت في القضايا الصحفية علي حد قوله. وكشف وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة، أحمد بلال عثمان، عن تكوين لجنة بمبادرة من الرئيس عمر البشير، ممثلة من كل الاجهزة التنفيذية بالدولة للنظر والبت في المواد الصحفية المتعلقة بالفساد قبل نشرها. وأشار الي أن تكوين هذه اللجنة لكل من اراد ان يتدبر ويتحري ويتيقن ولايطلق القول علي عواهنه نشرا او قولا. وتعاني وسائل الإعلام السودانية من تدخل الأجهزة الأمنية والسلطات الحكومية في عملها، وتقييد حرية الصحفيين، وفرض الرقابة علي وسائل الإعلام. وقال وزير الاعلام في تصريحات صحفية بالبرلمان السوداني اليوم الاربعاء "كل من يتجاوز هذه اللجنة عليه مواجهة القانون". وأضاف "لن نسمح للصحافة بعد اليوم بالنيل من مؤسسات الدولة او إغتيال الشخصيات الدستورية سياسيا بتهم غير موجودة .. هذا يقع في إطار الفوضي والقانون جاهز لذلك". وشدد عثمان، على ان حكومته لن تكتفي بتعليق صحيفة (الصحية) – معلقة الصدور بقرار من جهاز الامن السوداني الثلاثاء- بل ستعلق أى صحيفة تتجاوز الخطوط الحمراء او تتعمد إثارة الفتنة او البلبلة او تدعو لتقويض النظام او تمس القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى. ودافع الوزير، عن قرار جهاز الامن بتعليق صدور الصحيفة. وقال " يجب ان يكون مفهوما للجميع ان جهاز الامن مهمته ليست المحافظة علي النظام فقط، وانما هو صمام امان الدولة ومن حقه قانونيا او دستوريا التدخل لمنع تقويض النظام او مس هيبة الدولة او القوات المسلحة والتي يعني التشكيك فيها خيانة عظمي". ورفض بلال توصيف ماتم من تعليق لصحيفة يومية وبيان تحذيرى من رئاسة الجمهورية للصحف بانه تراجع عن الحريات، وقال " لاتوجد حرية مطلقة..اوقفنا الصحية وسنوقف غيرها..". وتعهد عثمان، بعدم إيقاف اي صحيفة او صحفي مجدداً حال راعي الوسط الصحفي الحدود المطلوبة ولم يتجاوز الخطوط الحمراء. وأتهم الوزير الصحفيين بتنصيب أنفسهم نائبا عاما وقاضيا ومنفذا للحكم. في غضون ذلك، حذر نواب بالبرلمان السوداني من ما اسمهوه بخطر اذاعتي دبنقا وعافية دارفور اللتان تبثان برامجهما من هولندا وامريكا على المواطنين خاصة وسط معسكرات النازحين بدارفور. وأنتقد النواب إخفاق الاذاعة السودانية في التصدي لما تبثه هذه الاذاعات على حد قولهم. وطالب النائب عبد الله جماع، بعدم دعم وزارة الاعلام "بمليم واحد" لاخفاقها طيلة ال25 عاما في تطوير اجهزتها الداخلية . وأشار جماع، الى أن مواطني الضعين بدارفور انصرفوا من الاستماع لاذاعة امدرمان الي راديو دبنقا. وقال "اذاعة دبنقا بمعلوماتها سواء كانت صدقا ام كذبا خيرا ام شرا اصبحت مصدر معلوماتهم وهي الاذاعة الحقيقية بالنسبة لهم. وأضاف "دبنقا هزمتنا". وعلق جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان الاربعاء، صدور صحيفة (الصيحة) لإجل غير مسمى. بعد مصادرة عددها المعد للتوزيع فجر نفس اليوم. وأنتقدت رئاسة الجمهورية ، الاثنين، أداء الصحف السودانية ووصفت تغطيتها للشئون العسكرية والعدلية والأمن القومي ب" السالبة والهادمة" – بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية في وقت متأخر من ليل الاثنين. وقال بيان الرئاسة ، " تتناول بعض وسائل الإعلام والصحفية منها بصورة متكررة قضايا الأمن القومي والشؤون العسكرية والعدلية بوجه سالب وهادم يعرض سلامة الوطن للأذى ويضعف تماسكه ويفتت قوامه الشيء الذي يعد تجاوزا للخط الأحمر الذي تلتزمه كل الدول". وهدّد البيان، الصحف بتجنب " التناول السالب الذي يمس أشخاصاً وأفراداً دون التثبت بالبيانات والوثائق"، واعتبر البيان ان هذا النوع من التغطيات، " تشهيرا واستباقا مخلا يحدث تأثيرات يجب أن تنأى عن احداثها الصحافة والإعلام" – بحسب البيان. ورفضت شبكة الصحفيين السودانيين، في بيان اطلعت عليه (الطريق) الثلاثاء، التهديدات التي حواها بيان رئاسة الجمهورية للصحف السودانية وما تبعه من تعليق لصحيفة الصيحة –حديثة الصدور. ودعت شبكة الصحفيين السودانيين، المجتمع الصحفي والاعلامي لإتخاذ موقف قوي وموحد تجاه القرارات والبيانات التي تصدرها السلطة. وصدرت توجيهات حكومية ، الشهر الماضي، بوقف الرقابة الأمنية علي الصحف، واتاحة حرية الممارسة السياسية للأحزاب تمهيداً لعملية الحوار الوطني الذي أعلنه الرئيس السوداني، يناير الماضي، إلا ان أشكال جديدة من الرقابة الأمنية عادت للتضييق علي صحف الخرطوم. وتلقت صحف، الاسبوع الماضي، أمراًن بحظر النشر والتعليق في قضية الفساد و الإختلاسات الشهيرة بمكتب والي ولاية الخرطوم، وقضية وكيل وزارة العدل بعد نشر تقارير بإمتلاكه اراضي بالعاصمة الخرطوم بقيمة (30) مليار جنيه سوداني. ويعمل المجلس القومي للصحافة والمطبوعات تحت إشراف رئاسة الجمهورية، ومخوّلة له بموجب قانون الصحافة والمطبوعات صلاحيات وسلطات واسعة تصل لحد توقيف الصحف، ويتم تعيين (8) من أعضاء المجلس – بينهم الأمين العام – بواسطة الرئيس، وللمجلس سلطة إشرافية علي الصحف والمطبوعات الصحفية في السودان، وهو الجهة المسئولة عن إصدار تراخيص الصحف. ويصل التقييد المفروض علي الصحافة السودانية إلي حد فرض " اسلوب تناول" محدد، ووجه المجلس القومي للصحافة والمطبوعات – الشهر الماضي – الصحف بإطلاق وصف "شهيد" علي قتلي الجانب الحكومي في المعارك الدائرة بين حكومة السودان ومتمردين. وتشهد الحريات الصحفية في السودان تدهوراً مريعاً منذ عدة أعوام خلت. ووثّقت جهات مستقلة مصادرة أكثر من (35) طبعة من مختلف صحف السودان، العام الماضي. ويصنف المؤشر العالمي لحرية الصحافة، الذي أصدرته مراسلون بلا حدود هذا العام، السودان ضمن أكثر الدول الضالعة في انتهاكات حرية الصحافة، ويضع المؤشر السودان في المرتبة (172) من جملة (180) دولة.